اشتباكات في عنبر السجناء السياسيين بسجن إيفين الإيراني

الحكومة تعد بالتحقيق.. والرواية الرسمية تحمل نزلاء «العنبر 350» المسؤولية

TT

أصدر رئيس السلطة القضائية في إيران آية الله آملي لاريجاني قرارا عين بموجبه غلام حسين إسماعيلي رئيسا للمحكمة العليا في محافظة طهران.

جاء هذا التعيين الجديد إثر الاشتباكات التي وقعت في 17 أبريل (نيسان) في سجن إيفين الواقع شمال طهران بين الحراس المعتقلين في عنبر السجناء السياسيين والمدانين بالتورط في الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية في 2009. ويحمل العنبر رقم 350. ورغم أن الحكم الصادر قد يعني عزل إسماعيلي من منصب رئيس مصلحة السجون في إيران، فإن المنصب الجديد لا يقل أهمية عن منصبه السابق.

وأفادت المواقع الإلكترونية المحسوبة على المعارضة الإيرانية بأن «الاشتباكات أدت إلى إصابة 30 من السجناء السياسيين نقل أربعة منهم إلى مستشفى خارج السجن بسبب الإصابات الخطيرة، والنزف، والكسور، ونقل 32 آخرون إلى زنزانات انفرادية بعد تعرضهم للاعتداء».وأثار الحادث موجة من القلق في صفوف عائلات السجناء السياسيين، وقال الرئيس السابق لمصلحة السجون إسماعيلي بأنه جرى تقديم فرصة للعائلات للقاء سجناء العنبر 350. ونفى إسماعيلي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني منذ أيام أن يكون سجناء العنبر المذكور تعرضوا للاعتداء، أو جرى انتقال عدد منهم إلى المستشفى.

وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأن الاعتداء على سجناء العنبر الرقم 350، وطالبت بمتابعة فورية للأمر.

واحتشد أهالي سجناء العنبر 350 في سجن إيفين أمام مقر الرئاسة الإيرانية مطالبين حسن روحاني بالتدخل لمتابعة الاشتباكات التي وقعت في هذا العنبر.

وردا على سؤال حول الأحداث التي شهدها العنبر 350 في سجن إيفين قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت لوكالة إيسنا للأنباء أمس «إن الحكومة شكلت فريقا لمتابعة الأحداث التي وقعت أخيرا في سجن إيفين، وسنصدر تقريرا بهذا الشأن». وتجدر الإشارة إلى أن منظمة السجون تخضع لإشراف السلطة القضائية، وليس الحكومة.

وتابع نوبخت: «سيتخذ رئيس الجمهورية والحكومة الإيرانية إجراءات مناسبة بهذا الشأن وفقا للدستور. ولا تلتزم الحكومة الصمت إزاء تجاهل حقوق المواطنين». ووقعت الاشتباكات بين السجناء السياسيين ومأموري السجون في 17 أبريل الجاري على خلفية إفراغ مأموري السجن العنبر 350 للسجناء السياسيين. وقال المسؤولون في السلطة القضائية في إيران إن سبب عملية التفتيش هذه كانت للكشف ومصادرة الهواتف الجوالة، وسائر الوسائل الإلكترونية التي كان يستخدمها عدد من السجناء لإجراء اتصالات مع القنوات الناطقة بالفارسية في خارج البلاد مثل «بي بي سي الفارسية»، و«صوت أميركا». وحصلت اشتباكات بين مأموري السجن وعدد من المعتقلين الذين رفضوا مغادرة الزنزانات.

وانتشرت روايات كثيرة عن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تعرض السجناء إلى الاعتداء، وحملت المواقع الإلكترونية المنتقدة للحكومة الإيرانية مأموري السجن مسؤولية الاعتداء على السجناء من دون أي سبب. من جانبهم حمل المسؤولون في السلطة القضائية والتلفزيون الرسمي الإيراني السجناء المسؤولية عن الأحداث بسبب رفضهم الإذعان للأوامر بمغادرة الزنزانة، وتحطيم زجاج الشبابيك في السجن.

واللافت في الأمر أن التلفزيون الرسمي الإيراني بث منذ يومين مشاهد لم تثبت صحتها بعد تتضمن لقطات من عملية تفتيش السجناء في العنبر 350، والاشتباكات التي تلتها، إذ يقوم عدد من السجناء المحتجين بجرح أنفسهم من خلال اللمس المتعمد لحطام الزجاج من أجل أن ينسبوا إصابتهم إلى مأموري السجن.

وقال المحامي السابق ناصر زرافشان الذي تعرض للاعتقال لعدة سنوات في سجن إيفين في ولاية الرئيس الأسبق محمد خاتمي الرئاسية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس (الأربعاء): «إن الاعتداء على السجناء وقع، ولكن المسؤولين لا يريدون الاعتراف به، فكيف يمكن أن نثق بأنهم سيتعاملون مع هذا الملف بموضوعية؟».

وحول الدلالات وأسباب تغيير مسؤول السجون الإيرانية على خلفية الأحداث الجارية قال زرافشان: «يعتمد كبار المسؤولين سياسة تنبهية في التعامل مع هذا الفرد (إسماعيلي)، لأنه يعد العامل الرئيس لهذه الفضيحة التي خرجت للعلن، ولأنه لم يتمكن من إخماد الاحتجاجات من دون خروجها للعلن».

وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا أدانت فيه هذه الحادثة. وجاء في البيان: «نراقب بقلق متزايد التقارير التي تفيد بالهجوم العنيف الذي تعرض له السجناء السياسيون من قبل القوات الأمنية الإيرانية. نحن ندين التقارير التي تفيد بتعرض المعتقلين للكسور، وحالات النزف، والجلطة القلبية إثر الحملة ضدهم. ونواصل التعبير عن احتجاجنا دعما لحقوق الإنسان في إيران، ونطالب السلطة القضائية في إيران بمعاقبة المتورطين في هذا الهجوم. ونطالب السلطات الإيرانية بالإفراج عن سجناء الرأي وفقا لتعهداتها الدولية وقوانينها المحلية».

وقال مايكل مان المتحدث باسم المنسقة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في حوار مع صحيفة «الغارديان» قبل أيام إن أشتون تتابع الموضوع، والاتحاد الأوروبي سيتخذ موقفا بهذا الشأن.