«دولة القانون» تبحث تحالفات لإبقاء المالكي في منصبه.. والحكيم قد يتراجع

حكومة أربيل تعد رئاسة العراق «حقا للشعب الكردي»

موظفة في هيئة الانتخابات العراقية تواصل عد أصوات الناخبين في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم أن زعماء الكتل السياسية التي شاركت في الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في الثلاثين من الشهر الماضي يؤكدون في تصريحاتهم أن الحديث عن التحالفات أمر ما يزال مبكرا، إذ لم تخرج النتائج النهائية لها، فإن مباحثات تدور في بيوت ممثلي تلك الكتل، وبصورة غير معلنة، لترسم خارطة تحالفات هذه الكتل للمرحلة المقبلة.

أول من انشغل بموضوع التحالفات هو ائتلاف دولة القانون ليضمن لزعيمه نوري المالكي ولاية ثالثة كرئيس لوزراء العراق في حال لم يحصل ائتلافهم على عدد من المقاعد البرلمانية يمكنهم من تشكيل الحكومة، لا سيما أن المالكي وائتلافه يصرون على تشكيل حكومة أغلبية سياسية وهذا يعني أن عليهم الحصول على، أو موافقة نصف أعداد أعضاء البرلمان زائد واحد، على ذلك. وهذا يعني الحصول على 163 صوتا برلمانيا، وهم يدركون أن نتائج التصويت لهم لن تأتي بمثل هذا الرقم ولا بد من تشكيل كتلة برلمانية كبيرة تقود المالكي لولاية ثالثة.

وكشف قيادي في ائتلاف دولة القانون ومقرب من المالكي لـ«الشرق الأوسط» أمس عن أن مفاوضات التحالفات جارية منذ ما قبل البدء بالتصويت، مشيرا إلى أن «المباحثات في هذه المرحلة انحصرت بين الكتل (الإسلامية) الشيعية، أي شيعية - شيعية فقط، وإذا لم يضمنوا تحقيق النصاب (نصف عدد أعضاء البرلمان زائد واحد) فقد يتوجهون للانفتاح نحو كتل أخرى». وأردف قائلا: «لكن هذا لا يعني أننا نريدها حكومة شيعية فقط، فهذا لن يتحقق في العراق الذي يضم أديانا ومذاهب وقوميات مختلفة ولا بد من مشاركة واسعة لهذه المكونات الدينية والعرقية».

وأضاف القيادي الذي ينتمي لائتلاف رئيس الوزراء، مفضلا عدم نشر اسمه: «الجميع يعرف أن ائتلافنا مصر على ترشيح المالكي لولاية ثالثة كرئيس للوزراء ولن نتراجع عن هذا الاختيار، كوننا نعرف أنه (المالكي) سينجح في مهمته لو منح الحرية في اختيار فريقه الحكومي بصورة متجانسة، وأن الوزراء سيحكمهم واعز العمل الوطني بالتعاون مع رئيس الحكومة دون الارتهان لكتلهم السياسية»، مشيرا إلى أن المالكي «قرر أن يختار وزراءه هذه المرة من المتخصصين وفي أعمار الشباب».

وكشف هذا القيادي عن أن «مباحثاتنا تدور مع (المجلس الأعلى الإسلامي) بقيادة عمار الحكيم، خاصة أنه صرح ببقاء (التحالف الوطني) الذي رشح المالكي في الدورة البرلمانية السابقة لرئاسة الحكومة، لكنه لم يلمح (الحكيم) إلى بقاء رئيس الوزراء في الولاية الثالثة، بل أعلن عن عدم رغبته في المضي بهذا التوجه». وقال: «لكننا نراهن على بقاء السيطرة بيد الشيعة وإيران تدعم هذا التوجه بقوة، ونعتقد أن هناك ضغوطا إيرانية باتجاه بقاء المالكي في منصبه للمرة الثالثة».

وحول المغريات التي سيمنحها المالكي لـ«المجلس الأعلى الإسلامي» للموافقة على بقائه في منصبه، قال القيادي في «دولة القانون»: «جرى بالفعل عرض منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات لباقر جبر الزبيدي القيادي في المجلس مع وزارات سيادية سيجري التفاهم حولها فيما بعد»، مشيرا إلى أن «الحكيم ليس متطرفا بقراراته، بل هو مرن، ومن الممكن التفاهم معه وتغيير مواقفه إذا كانت ستأتي لصالح المواطن والبلد والمذهب، على العكس من مواقف مقتدى الصدر، زعيم (التيار الصدري)، المصر على عدم بقاء المالكي في ولاية ثالثة كرئيس للوزراء».

وعدد هذا القيادي أسماء الكتل التي ستنضم للتحالف الشيعي المقبل، وقال: «باعتقادنا (المجلس الأعلى) سينضم لهذا التحالف، وكذلك (التيار الصدري) وإن كان غير موافق على بقاء المالكي في منصبه، وهناك كتلة (الفضيلة) بزعامة هاشم الهاشمي، و(الصادقون) التابعة لـ(عصائب أهل الحق) بزعامة قيس الخزعلي، و(تيار الإصلاح) بزعامة إبراهيم الجعفري، و(منظمة بدر) بزعامة هادي العامري، و(الكفاءات) بزعامة جواد البولاني، وعن العرب السنة سينضم مشعان الجبوري، وهؤلاء كلهم مؤيدون لبقاء المالكي، باستثناء (التيار الصدري)، لكن عندما ستظهر النتائج سيكون لكل حادث حديث».

وأوضح القيادي في ائتلاف دولة القانون بأن «المالكي اتبع استراتيجية جديدة في هذه الانتخابات إذ عمد إلى تكليف بعض مؤيديه إلى تشكيل كتل انتخابية صغيرة ستنظم إلى تحالفه وتؤيد توجهاته وبقائه في منصبه»، مشيرا إلى أن «بعض هذه الكتل تضم ثلاثة أو سبعة مرشحين أو أكثر».

وأكد القيادي أن «المالكي مصر وبقوة على الولاية الثالثة رغم أن هناك معترضين حتى في داخل حزبه، (الدعوة)، وفي حال واجه عقبات حقيقية تمنع بقاءه في منصبه فإنه سيرشح مدير مكتبه طارق نجم عبد الله لرئاسة الحكومة وقد يلاقي هو الآخر أو أي مرشح يقترحه المالكي، الرفض من قبل الكتل الشيعية، لا سيما أن الصدر له مرشحه، علي دواي محافظ ميسان، والحكيم عنده أكثر من مرشح وفي مقدمتهم الزبيدي وأحمد الجلبي، وفي اعتقادنا أن الأمور إذا وصلت إلى أبواب مغلقة فقد نلجأ إلى مرشح تسوية مستقل، لكنه سيكون شيعيا بالتأكيد».

في المقابل، هناك جبهة معارضة وبقوة لبقاء المالكي في منصبه، وستشكل هذه الجبهة تحالفا متماسكا للوقوف بوجه تطلعات «دولة القانون»، وفي مقدمتهم الأكراد، وبالذات «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«متحدون للإصلاح» بزعامة أسامة النجيفي، و«ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي، بينما لم يأت في التوقعات أو الحوارات أي حديث عن «كتلة العربية» التي يتزعمها صالح المطلك الذي لديه خلاف مع كل من النجيفي وعلاوي والمالكي، لكن المراقبين للأوضاع السياسية ببغداد لا يستبعدون اصطفاف المطلك مع المالكي إذا عرض عليه منصبا مهما.

جبهة بارزاني - النجيفي - علاوي ستكون هي الأقوى إذا ما تحالفت مع الصدر كما صرح علاوي لـ«الشرق الأوسط»، وبقية التيارات العلمانية أو المعارضة للمالكي أمثال «التيار المدني الديمقراطي» الذي يضم «الحزب الشيوعي العراقي» وشخصيات أكاديمية علمانية وكتلة «أوفياء للعراق» التي يتزعمها وائل عبد اللطيف بعضوية عزت الشابندر.

وعن إمكانية حدوث مفاجآت في تشكيل الحكومة المقبلة، يقول القيادي من «دولة القانون»: «بالتأكيد، فهذه سياسة، والسياسة هي فن الممكن ولا مستحيل فيها».

وفي بيان مثير للجدل، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق في بيان أمس أن شغل منصب رئاسة العراق حق الشعب الكردي، مشددة على تمسك الإقليم الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي بهذا المنصب. وعلى الرغم من أن الدستور العراقي لا يحدد طائفة أو إثنية معينة لشغل المنصب، إلا أن الحزبين الكرديين الرئيسين، الحزب الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي، متمسكان بالمنصب.

وجاء في بيان صادر عن حكومة الإقليم ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «نريد أن نعلن لشعب كردستان وجميع الأطراف السياسية في إقليم كردستان والعراق أن منصب رئيس الجمهورية في العراق الاتحادي هو من حق شعب كردستان وسنسعى بكل قوتنا من أجل الحصول على هذا المنصب للشعب الكردي».

والرئيس العراقي الحالي جلال طالباني الذي يقضي فترة علاج في أحد مستشفيات ألمانيا منذ أكثر 16 شهرا، هو أول كردي يتولى المنصب في تاريخ العراق. وأكد البيان أن أي مرشح كردي لتولي المنصب «يجب أن يحصل على قبول برلمان كردستان».