أوكرانيا تتهم روسيا بتدبير أعمال شغب في أوديسا قتلت العشرات

الإفراج عن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المحتجزين

جنود أوكرانيون يشرفون على نقاط تفتيش خارج مدينة سلافيانسك بالشرق الأوكراني أمس (إ.ب.أ)
TT

اتهم رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك روسيا أمس، بتدبير اشتباكات في مدينة أوديسا أدت إلى مقتل أكثر من 40 من النشطاء المؤيدين لروسيا في حريق مبنى ودفع البلاد إلى شفا حرب أهلية. وخلال زيارة لأوديسا هاجم ياتسينيوك قوات الشرطة في المدينة الساحلية المطلة على البحر الأسود مشيرا إلى أنها كانت أكثر اهتماما بجني ثمار الفساد بدلا من الحفاظ على النظام. وقال: إنه لو كانت الشرطة أدت واجبها: «لأمكن التصدي لهذه المنظمات الإرهابية». وكانت اشتباكات يوم الجمعة الأكثر دموية منذ الإطاحة بالرئيس المدعوم من موسكو فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) وبدء انتفاضات المسلحين الموالين لروسيا في منطقة الشرق الصناعية. كما كانت الاشتباكات هي الأعنف خارج حدود الشرق منذ سقوط يانوكوفيتش. وقال ياتسينيوك لممثلين من منظمات اجتماعية: «سقط عشرات القتلى بسبب حملة معدة بعناية وتحرك منظم ضد الناس.. ضد أوكرانيا وضد أوديسا. ورفض اتهامات روسية بأن حكومته تؤجج إراقة الدماء في الشرق بعملية تهدف لاستعادة سلطة كييف في عدد من المدن التي تقع تحت سيطرة الانفصاليين. وقال عملية الحوار بدأت لكن يطغى عليها دوي إطلاق النار من الأسلحة الآلية الروسية الصنع. وتنقسم أوكرانيا التي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي بين الشرق الصناعي الذي يغلب على سكانه الناطقين بالروسية والغرب الناطق بالأوكرانية الذي يميل للاتحاد الأوروبي. وتقول روسيا بأن الناطقين بالروسية يواجهون تهديدات من متشددين قوميين أوكرانيين وهو اتهام تنفيه كييف. وذكرت وكالة إنترفاكس - أوكرانيا أن الهدوء ساد أوديسا أمس، ووضعت الزهور خارج المبنى المحترق الذي يتبع نقابة العمال والذي تحرسه الشرطة. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي دعا نشطاء مؤيدون لروسيا للتجمع بساحة كوليكوفو التي كانت مسرح القتال يوم الجمعة. وسقط القتلى بعد اشتباكات مستمرة شملت إلقاء قنابل حارقة وإطلاق نار بين أنصار موسكو ومعارضيها في شوارع أوديسا التي يسكنها خليط من الناطقين بالروسية والأوكرانية. وأبلغ مراسل لـ«رويترز» عن وقوع إطلاق نار أمس، على الطريق بين بلدتي خاركيف وازيوم حيث سيطرت القوات الأوكرانية على نقطة تفتيش. ولم تكن هناك دلائل على أن القوات الأوكرانية تنفذ حملتها المعلنة بطرد الانفصاليين من المدن الشرقية وبينها كراماتورسك ودونيتسك وسلافيانسك. وتجري كييف انتخابات عامة يوم الخامس والعشرين من مايو (أيار) الجاري. لكن إذا ظل الوضع على ما هو عليه فسيكون من الصعب عليها إجراء التصويت في الكثير من مناطق الشرق وهو وضع سيسمح لروسيا بوصف أي حكومة ستتمخض عنها الانتخابات بأنها تفتقر للشرعية. وتنفي روسيا أي طموح للاستيلاء على شرق أوكرانيا مثلما ضمت شبه جزيرة القرم لكنها تحتفظ بحق إرسال جنود للدفاع عن الناطقين بالروسية إذا اقتضت الضرورة. ويعتزم الانفصاليون الذين أعلنوا دونيتسك جمهورية شعبية إجراء استفتاء على الانفصال يوم 11 مايو وجرى الإبلاغ عن حالات وفاة في اشتباكات بين نشطاء موالين لروسيا وقوات أوكرانية يوم السبت في عدة مناطق بشرق أوكرانيا في الوقت الذي أطلق فيه انفصاليون هناك سراح مراقبين عسكريين تابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

واندلع قتال عنيف في كراماتورسك في الوقت الذي تشن فيه الحكومة في كييف هجوما «لمكافحة الإرهاب» وكبح جماح الاضطرابات في شرق البلاد. وقال وزير الداخلية أرسين أفاكوف إن قواتا حكومية سيطرت على برج للتلفزيون والكثير من المتاريس الموجودة على الطرق في المدينة.

وقالت قوات الأمن الأوكرانية إن ستة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 15 آخرون في اشتباكات كراماتورسك. وبعد يومين من القتال ذكرت الحكومة في كييف أن كل المباني الإدارية المحتلة تقريبا جرى إخلاؤها. وقال متحدث باسم القوات الشعبية الموالية لموسكو إن عددا قليلا من الهيئات العامة ما زال في أيدي الانفصاليين. وذكر مسؤولون بالحكومة الإقليمية في دونتسك إن شخصين على الأقل قتلا وأصيب 12 شخصا آخرين في تبادل إطلاق النار. ولم يتسن بعد التأكد من هويات الضحايا. وفي دونتسك أيضا، احتل متظاهرون ملثمون يحملون هراوات مبنى تابعا لجهاز المخابرات الأوكراني. وقال متحدث باسم الناشطين الموالين لروسيا لوكالة أنباء «إيتار تاس» الروسية إن 11 مدنيا وأربعة أشخاص مسلحين لقوا حتفهم في مدينة سلوفيانسك، على بعد 15 كيلومترا شمال كراماتورسك. ولم يتسن التأكد من المعلومات من مصدر مستقل. ونقلت وكالة الأنباء الأوكرانية عن متحدث باسم الانفصاليين قوله إن القوات الحكومية تتجمع في ناقلات جند مدرعة على مشارف مدينة سلوفيانسك استعدادا لـ«عاصفة». وطالب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الولايات المتحدة بفرض مزيد من الضغط على القيادة في كييف. وقال لافروف إن الحكومة الموالية للغرب في كييف يجب أن توقف على الفور عملياتها القتالية في الجزء الشرقي من البلاد. وتحدث لافروف أيضا هاتفيا مع ديدييه بيركهالتر، رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقال لافروف إن روسيا ومنظمة الأمن والتعاون نسقتا من أجل إجراء حوار في مسعى لإيجاد وسيلة للخروج من الأزمة.

في تلك الأثناء، وصل المراقبون الدوليون، الذين احتجزهم الانفصاليون في شرق أوكرانيا لمدة أسبوع كرهائن مساء أول من أمس إلى مطار برلين - تيجل قرب العاصمة الألمانية. وكان المختطفون الأوكرانيون الموالون لروسيا أطلقوا قبل ظهر أول من أمس، سراح هذا الفريق من المفتشين ومن بين أعضائه أربعة ألمان. ويتكون الفريق من أعضاء من ألمانيا وجمهورية التشيك والدنمارك وبولندا. وأعرب قائد المجموعة، الكولونيل الألماني أكسل شنايدر، عن ارتياحه إزاء نهاية المحنة، قائلا إن المجموعة شعرت بتوتر هائل. وقال في بيان وزعته وزارة الدفاع الألمانية «نحن سعداء للغاية ومحظوظون جدا، ولكننا أيضا نشعر بالإنهاك إلى حد كبير». كان المراقبون تحت «تهديد متزايد باستمرار». واستقبلت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين بصحبة وزراء الدفاع في كل من جمهورية التشيك والدنمارك بالإضافة إلى ممثلين عن الحكومة البولندية والسويدية فريق المفتشين لدى وصولهم إلى برلين.

وذكرت تقارير أن خمسة من الأوكرانيين كانوا برفقة فريق المفتشين نقلوا على متن طائرة تابعة للجيش الألماني إلى العاصمة كييف، مشيرة إلى أن الانفصاليين كانوا أطلقوا سراح مراقب سويدي قبل عدة أيام نظرا لظروفه المرضية.