كارثة المنجم في تركيا تؤجج الغضب على إردوغان قبل الانتخابات الرئاسية

وزير تركي يقدر عدد القتلى بنحو 300 قتيل.. و18 عاملا ما زالوا عالقين بداخله

تركية تتلو آيات من القرآن الكريم في مقبرة خصصت لضحايا كارثة منجم سوما أمس (إ.ب.أ)
TT

أثارت الكارثة التي وقعت في منجم سوما في تركيا غضبا اجتماعيا جديدا على رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ رجب طيب إردوغان قبل الانتخابات الرئاسية في حين يتم تعبئة آخر الجهود أمس من أجل انتشال جثث آخر العمال. وسرعان ما تحولت مشاعر الحزن على مصرع نحو 300 عامل مناجم إلى غضب على رئيس الوزراء الذي يتوقع أن يعلن خلال الأسابيع المقبلة ترشحه إلى الاقتراع المقرر في العاشر من أغسطس (آب). ومنذ الحادث الذي وقع في منجم الفحم في سوما غرب تركيا خرج آلاف الأتراك إلى الشوارع معربين عن استيائهم من الحكومة التي تتعرض لانتقادات والمتهمة بالإهمال وعدم الاكتراث بمصير العمال بشكل عام. وحاولت السلطات التي اهتزت بحركة تعبئة شعبية غير مسبوقة في حركة احتجاج دامت ثلاثة أسابيع في مختلف أنحاء تركيا خلال صيف، 2013 تهدئة الخواطر واعدة بـ«إلقاء الضوء» على أسوأ كارثة صناعية في تاريخ البلاد. ووعد إردوغان الذي توجه إلى مكان الحادث، الأربعاء بـ«تحقيق معمق» لكنه ركز أيضا على أن الحادث عرضي. وذكر أمثلة لحوادث وقعت في فرنسا بداية القرن الماضي، ما زاد في تأجيج غضب الشعب. وقال إردوغان قبل أن يقابله سكان المنطقة بهتافات استهجان رغم الانتشار الأمني الكبير المحيط به بأن «الحوادث جزء من طبيعة المناجم». وتبين من صور بثت على شبكات التواصل الاجتماعي أن إردوغان المعروف بنوبات غضبه، تهجم جسديا على أحد المتظاهرين لأنه صب عليه جام غضبه. لكن لم يتسن التأكد من صحة المعلومات من مصدر رسمي. وعنونت صحيفة «سوزكو» المعارضة أمس «رئيس الوزراء صفع مواطنا». وزاد في إثارة الجدل أحد مساعديه الذي ركل متظاهرا آخر فطرحه أرضا وأمامه شرطيون مدججون بالسلاح. وأثارت صورة المساعد صدمة في البلاد واستنكارا في تركيا الخاضعة إلى الحداد.

ووضعت الشرطة في حالة استنفار في كافة أنحاء تركيا منذ الحادث وتقمع بشدة كل تجمع كما كان الحال الخميس في أزمير (غرب) وإسطنبول ما أسفر عن سقوط عشرة جرحى على الأقل وفق وسائل الإعلام. وفرقت شرطة مكافحة الشغب بالقنابل المسيلة للدموع مسيرات مناضلين نقابيين مضربين عن العمل في عدة مدن بما فيها أنقرة بينما ترددت في كل مكان الشعارات نفسها ضد النظام مطالبة بـ«استقالة الحكومة». ويركز معارضو إردوغان على التقصير في المراقبة في مكان العمل من طرف السلطات العامة وخصوصا في قطاع المناجم. ورغم عدة أشهر من فضائح الفساد التي طالته هو شخصيا والنظام وأضعفته في ديسمبر (كانون الأول)، خرج إردوغان معززا من الانتخابات البلدية التي فاز بها حزبه، حزب العدالة والتنمية في الثلاثين من مارس (آذار) آذار. ولا شك في أن الرجل القوي وصاحب الشخصية القوية سيترشح إلى الانتخابات الرئاسية التي يعد الأوفر حظا للفوز بها وفق المراقبين. وفي مكان الحادث ما زال نحو 500 من رجال الإغاثة يعملون على انتشال الجثث من المنجم. من جهته قال وزير الطاقة التركي تانر يلديز أمس بأن «18 عاملا ما زالوا عالقين في المنجم على أقصى تقدير» في حين يتوقع أن تبلغ حصيلة الكارثة ما بين 301 إلى 302 قتيل». وقال الوزير «ليس هناك مئات الأشخاص العالقين داخل المنجم كما يؤكد البعض» مضيفا أن عمليات الإنقاذ ستنتهي بعد إخراج جميع العمال العالقين في المنجم بعد ثلاثة أيام على أسوأ كارثة شهدتها تركيا. وقال متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إن المنجم خضع للتفتيش 11 مرة خلال السنوات الخمس الماضية ونفى وجود أي ثغرات في أنظمة سلامة التعدين في البلاد. وقال حسين جيليك في مؤتمر صحافي بأنقرة جرى تفتيش المنجم 11 مرة بشكل شامل منذ 2009.

من جانبها نفت الشركة الخاصة التي تستثمر منجم الفحم في سوما أمس «إي إهمال». وقال اكين تشيليك مدير الاستثمار في شركة سوما كومور ايسليتميليري إيه إس في مؤتمر صحافي في سوما «لم نرتكب أي إهمال في هذا الحادث» مرجحا أن يكون انفجار غبار الفحم سبب الحادث. من جهته أشار رئيس مجلس إدارة الشركة ألب غوركان إلى «فاجعة كبيرة» مؤكدا أن المنجم يحترم كافة معايير السلامة.

وتتهم الصحافة غوركان الذي يبدو أنه مقرب من الحزب الحاكم، منذ وقوع الحادث بأنه يعطي الأولية للأرباح على حساب سلامة عمال المنجم. وفي 2012 قال رجل الأعمال في حديث لصحيفة تركية بأنه نجح في خفض تكاليف الإنتاج إلى 24 دولارا للطن مقابل 130 قبل تخصيص المنجم. وتشهد المناجم في تركيا باستمرار انفجارات ولا سيما في مناجم القطاع الخاص حيث لا تحترم قواعد السلامة في أغلب الأحيان.

والحادث الأكثر خطورة وقع في 1992 عندما قضى 263 عاملا في انفجار للغاز في منجم زونغولداك (شمال).

وفي أسوأ كارثة مناجم تشهدها تركيا اندلع حريق في منجم للفحم يقع في سوما على بعد 480 كيلومترا جنوب غربي إسطنبول مما تسبب في انقطاع الكهرباء وإغلاق فتحات التهوية وتوقف المصاعد مما أدى إلى محاصرة مئات العمال تحت الأرض.