حزب الله ينبه إلى مخاطر زيارة الراعي إلى القدس.. والأخير يؤكد المضي بها

مصادر البطريركية لـ «الشرق الأوسط»: يعلم ما قد ينتظره هناك وهو جاهز للتعامل مع كل المواقف

TT

نبه حزب الله في لبنان أمس الجمعة إلى المخاطر والتداعيات السلبية للزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني بشارة الراعي إلى القدس بين 24 و26 مايو (أيار) الحالي لملاقاة البابا فرنسيس.

إبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس السياسي في «الحزب»، قال إنه، بعد لقائه على رأس وفد من الحزب الراعي، أطلع البطريركية المارونية على وجهة نظر حزب الله من الزيارة، قائلا إن الحديث تطرق لـ«المخاطر والسلبيات في تداعيات الزيارة على مستوى لبنان والكيان الصهيوني المحتل وعلى مستوى المنطقة». وتابع السيد في حديث للإعلاميين بعد اللقاء عن أمله أن يأخذ الراعي «موقفنا الذي طرحناه بالاعتبار ورؤيتنا التي وضعناها بين يديه»، لافتا إلى أن البطريرك «أورد الاعتبارات الدينية لزيارته تحديدا، فيما خص المسيحيين والقدس بعيدا عن التداعيات السياسية».

كان حزب الله تجنب خلال الأسابيع الماضية التعليق بشكل رسمي على الزيارة، غير أن وسائل إعلام مقربة منه شنت أخيرا حملة كبيرة على قرار البطريرك بملاقاة بابا الفاتيكان في القدس، حتى إن بعضها وضع الزيارة في خانة «التطبيع» مع إسرائيل، و«الاعتراف» بها، إلا أن مصادر البطريركية المارونية أشارت إلى أن الراعي أبلغ وفد «الحزب» الذي التقاه أنه ماض بزيارته إلى القدس و «متنبه وواع لأي محاولة لاستدراجه هناك». وأبلغت هذه المصادر «الشرق الأوسط» أن «البطريرك ذو خبرة طويلة بالشأن العام، ويعلم ما قد ينتظره هناك وهو جاهز للتعامل مع كل المواقف». وأوضحت أن «وفد حزب الله أتى ليبلغ البطريرك بوجهة نظر الحزب من موضوع الزيارة التي بحثت في إطار لجنة الحوار التي تضم ممثلين عن الطرفين، إلا أن الحزب ارتأى أن يكون هناك وفد يلتقي الراعي وبشكل رسمي وعلني». وتابعت المصادر: «هم طرحوا هواجسهم بكل محبة واحترام، إلا أن البطريرك أبلغهم بوجهة نظره غير المتطابقة مع رؤيتهم، وأعطى أسبابا مقنعة لذلك، أبرزها أن من واجبه زيارة رعيته كل خمس سنوات باعتباره بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق وليس بطريركا فقط للبنان وبكركي».

يذكر أن المتحدث باسم الفاتيكان فدريكو لومباردي كشف الأسبوع الماضي عن أن الراعي ليس جزءا من الوفد الرسمي المرافق للبابا فرنسيس إلى الأراضي المقدسة، وأنه ذاهب بمبادرة منه. كذلك كشفت مصادر مسيحية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أن أكثر من قطب مسيحي عبر عن استيائه من هذه الزيارة، وخاصة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون حليف حزب الله، وقالت المصادر إن «الراعي أحرج المسيحيين بقراره.. وإن التمسك به وإتمام الزيارة سيدخلنا في أزمة، تماما كما التراجع عنه».

تعد زيارة الراعي المرتقبة الأولى من نوعها لبطريرك ماروني إلى القدس منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، إذ إن لبنان رسميا في «حالة حرب» مع إسرائيل، ولا يمكن لأي لبناني زيارتها تحت طائلة الملاحقة القانونية بتهمة «التعامل مع العدو». لكن ثمة اتفاقا ضمنيا بين السلطات اللبنانية ومسؤولي الكنيسة المارونية يسمح بانتقال رجال الدين والرهبان اللبنانيين إلى فلسطين المحتلة، عبر معبر الناقورة الحدودي أو عبر الأردن، في إطار مهامهم الكنسية والرعوية، إلا أنه لم يسبق لأي بطريرك ماروني أن توجه إليها بعد وصوله إلى هذه المرتبة.

ويذكر أن الراعي رد على منتقدي زيارته مشددا على أن «من واجبه استقبال البابا في بيته»، وأنه «يقوم بواجباته تجاه الكنيسة»، ومشيرا إلى «أننا موجودون في الأراضي المقدسة قبل وجود إسرائيل عام 1948، وسأذهب للقدس لأقول إنها مدينتنا». وأوضح الراعي في تصريح سابق أنه ليس من ضمن الوفد البابوي، قائلا: «سأستقبله في الأرض التي هي تحت ولاية الكنيسة. سأستقبله في الأردن ونحن لدينا رعية هناك. وسأذهب إلى القدس مدينتنا العربية نحن المسيحيين قبل كل الناس وهي مدينة مقدسة وأم الكنائس». ثم قال: «كلهم يتشدقون بالقضية الفلسطينية، لكنني سأذهب وأدافع عنها في بيت لحم، وسأقول للرئيس الفلسطيني محمود عباس إن من حقهم أن يكون لديهم دولة ومن حق شعبهم العودة إلى أرضه».

وكان الحوار بين البطريركية المارونية وحزب الله انطلق منذ عام 1995، وأصبح دوريا ومكثفا، لكن بعيدا عن الإعلام، منذ تولي الراعي سدة البطريركية. وما يستحق الذكر في هذا السياق أن العلاقة بين بكركي (البطريركية المارونية) وحزب الله ساءت جدا في عهد البطريرك الأسبق نصر الله صفير نظرا لمواقفه السلبية الصريحة من «الحزب» وسلاحه، وأيضا موقفه السلبي من النظام السوري.

غير أن حزب الله عمل بعد انتخاب الراعي بطريركا في عام 2011 على تحسين هذه العلاقة، خاصة بعد مواقفه التي بدت في فترة من الفترات - حتى قبل انتخابه - أقرب إلى النظام السوري منها إلى المعارضة اللبنانية.