السيسي يعيد «حي الجمالية» مسقط رأسه إلى أجواء شهر رمضان

اللافتات تكسو جدرانه.. والأغاني الوطنية عرض مستمر لتأييده

اللافتات في كل مكان على البنايات.. والأغاني الوطنية لا تغادر حي الجمالية («الشرق الأوسط»)
TT

«هو ريسنا.. نعمل كخلية نحل طول اليوم من أجل تحفيز زوار الحي العريق لانتخابه».. «المشير عبد الفتاح السيسي واحد مننا ومش غريب علينا»، بهذه الكلمات عبر الشاب الثلاثيني عمرو حسنين عن حال حي الجمالية أحد أحياء منطقة الحسين الشعبية بالعاصمة القاهرة مسقط رأس المشير السيسي.

حسنين الذي وضع مكبر صوت أعلى المتجر الذي يعمل فيه، قال «نذيع طول اليوم أغاني وطنية لتشجيع المارة على المشاركة في الانتخابات، فضلا عن توزيع صور المشير وتعليق اللافتات على جدران البنايات والمحال التجارية».

سكان حي الجمالية وشارع الأزهر يشعرون بالفخر والاعتزاز لكون السيسي المرشح للانتخابات الرئاسية، قائد الجيش المصري السابق نشأ بينهم وفي وسط أسرهم. «الشرق الأوسط» زارت الحي الشعبي في وسط القاهرة، ويقول عم سعيد توفيق، عامل بأحد محلات بيع العطور والسبح، «السيسي حاضر بقوة في جميع ممرات الجمالية رغم أنه غادر هذا الحي التاريخي منذ زمان. لكن صوره تملأ دروب الحي وواجهات المنازل، بلباس مدني أحيانا وبزي عسكري أحيانا أخرى، صور تجدها في مدخل المسجد العتيق كما في واجهات المحلات السياحية».

وبالقرب من ميدان الإمام الحسين، يقف محمد محيي وهو صاحب متجر لبيع الكتب الدينية، أمام محله يتراقص مع المارة على نغمات أغنيتي «تسلم الأيادي» التي تمجد الجيش المصري و«بشرة خير» التي تدعو للمشاركة في الانتخابات، ويقول «بنحب السيسي.. حمى مصر وحمانا وكلنا معه ضد الإرهاب».

ويقول الأديب العالمي نجيب محفوظ عن حي الجمالية الذي ولد وترعرع بين أحضانه «إن هذا الحي التاريخي حي الجمالية ظل يأسرني داخله مدة طويلة من عمري، وحتى بعد أن سكنت خارجه، وحين استطعت أن أفك قيود أسره من حول عنقي لم يأت هذا ببساطة، إنك تخرج منه لترجع إليه، كأن هناك خيوطا غير مرئية تشدك إليه، وحين تعود إليه تنسى نفسك فيه، فهذا الحي هو مصر، تفوح منه رائحة التاريخ لتملأ أنفك، وتظل أنت تستنشقها من دون ملل».

محمود أحمد، صاحب سيارة أجرة، قرر وضع صورة كبيرة للسيسي أعلى سيارته، ووعد بتركيب مكبر صوت على سيارته يومي الانتخابات لتجوب الأحياء المجاورة خدمة للسيسي. على عكس أحمد فاروق (50 عاما) صاحب فندق شهير، الذي قرر وضع صورة كبيرة على واجهة الفندق.

الزخم الشعبي لا ينتهي في حي الجمالية والأزهر، فحسبما يقول فاروق «أي غريب يمر بشارع الأزهر يشعر أننا في وقت انتخابات، حيث الأغاني العالية والرقص واللافتات لا تنتهي»، مضيفا: «نهدف في المقام الأول لدعم السيسي وحث الجميع على ضرورة المشاركة في الانتخابات وعدم مقاطعتها».

وفي أحد أزقة حي الجمالية جلس محمود التباع (60 عاما) في مقهى شعبي وبجواره لافته مكتوب عليها «هنا أحد مقرات حملة السيسي»، ويقول: «ما زلت أتذكر حينما كنا أطفالا نلعب الكرة، وكان السيسي يطل من شرفة بيته، لكنه لم يكن يلعب كان يركز دائما في دراسته».

ويعاني حي الجمالية والأزهر والحسين من ضعف الإقبال السياحي من الأجانب بسبب الأحداث التي مرت بها مصر منذ ثورة «25 يناير» عام 2011، وكان حي الحسين وشوارع منطقة الأزهر من أشهر الأحياء في مصر التي تجذب السياح، وينظر أصحاب المقاهي السياحية الشهيرة ومحلات العاديات والأنتيكات والهدايا والتحف إلى السيسي على أنه من سيعيد السياحة لسابق عهدها، ويقول محمود التباع، «في حال تحقق الأمن ستعود كل الأمور إلى مجراها الطبيعي وسوف يجري القضاء على الحوادث الإرهابية التي قضت على السياحة».

«حارة البرقوقية» التي تعود إلى السلطان سيف الدين برقوق، هي المكان الذي عاش فيه السيسي في صباه، فصوره على كل حائط واسمه على كل لسان، لا يجرؤ أحد هنا على المعارضة، أو التعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، وحين تأتى سيرة المشير تتحدث مئات الألسنة عن دوره في مصر ومكانته في قلوب المصريين. ويعتبر سكان الجمالية، السيسي مثل الزعيم المصري جمال عبد الناصر، إذ يصفونه بأن «كاريزما شخصيته»، تجعل المجتمع الدولي يهابه ويخافه.. والكل يعمل له ألف حساب.

ويقول محمد حلمي من سكان الحارة، «نعيش منذ شهر في عيد.. وكأننا في شهر رمضان، حيث إن منطقة الحسين لا تهدأ ليلا ولا نهارا احتفاء بالمشير السيسي». وتابع: «لا يوجد محال أو بناية من دون صورة ولافتة مكتوب عليهما.. نبايع السيسي رئيسا لمصر».

ويضيف مصطفي مرعي، شاب يبيع المشروبات لركاب السيارات، «الرزق زاد منذ بدأت دعاية المشير.. شارع الأزهر الحركة به أصبحت كبيرة». ويقول مرعي (30 عاما) الذي أتى من محافظة سوهاج (بصعيد مصر) للعمل في القاهرة، «أصحاب السيارات الخاصة يقفون بالساعات الطويلة أمام مقر حملة المشير، وبعضهم يترك سيارته ويرقص مع أطفاله على الأغاني، وبعض الأطفال يرتدون ملابس مطبوعا عليها صور السيسي»، لافتا إلى أن «الفرق الموسيقية تقيم حفلات راقصة بشكل يومي في حي الجمالية ويحضرها المشاهير والفنانون وأهالي الحي الشهير والأحياء المجاورة.. حبا في شخص المشير عبد الفتاح السيسي».