رايس تعلن تقديم مساعدات أميركية فتاكة إلى المعارضة السورية

السفير السابق فورد يرسم مستقبلا قاتما ويتوقع نزوح ثلاثة ملايين إلى لبنان

TT

أعلنت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما أمس في تصريح لشبكة «سي إن إن» أن الولايات المتحدة تقدم «دعما فتاكا وغير فتاك» إلى المعارضة السورية المعتدلة.

وقالت رايس، التي ترافق الرئيس الأميركي في زيارته إلى شمال فرنسا حيث تجري الاحتفالات بالذكرى السبعين لإنزال النورماندي، غداة الإعلان عن إعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد رئيسا لولاية ثالثة إن «الولايات المتحدة كثفت دعمها إلى المعارضة المعتدلة والمؤكد أنها كذلك، مقدمة لها مساعدة فتاكة (سلاح) وغير فتاكة». وكانت الولايات المتحدة تؤكد حتى الآن أنها تكتفي بتقديم دعم غير فتاك للمعارضة السورية خوفا من وقوع الأسلحة بأيدي مجموعات إسلامية متطرفة تنشط في صفوف المعارضة للرئيس السوري.

وعن سؤال حول ما إذا كانت رايس تعلن بذلك تغييرا رسميا في الاستراتيجية الأميركية رفضت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كاتلين هايدن الرد.

واكتفت بالقول: «نحن لسنا الآن في موقع يتيح تفصيل كل مساعدتنا، ولكن وكما قلنا بشكل واضح، فإننا نقدم في الوقت نفسه مساعدة عسكرية وغير عسكرية إلى المعارضة» السورية.

وكان الرئيس الأميركي أعلن في نهاية مايو (أيار) الماضي زيادة المساعدة الأميركية إلى المعارضة السورية.

ومما قاله أوباما في حينه في خطاب ألقاه في أكاديمية ويست بوينت العسكرية في ولاية نيويورك: «سأعمل مع الكونغرس لزيادة دعمنا إلى الذين في المعارضة السورية يقدمون أفضل بديل عن الإرهابيين وعن ديكتاتور وحشي».

ورسميا لا يزال الدعم الأميركي إلى المعارضة السورية المسلحة محصورا بدعم غير فتاك وصلت قيمته حتى الآن إلى 287 مليون دولار.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الرئيس أوباما يستعد للسماح للبنتاغون بتدريب معارضين مسلحين من المعتدلين.

من جهة أخرى، أشار روبرت فورد السفير الأميركي السابق لدى سوريا إلى أن الانتخابات الرئاسية ترسل رسالة من الأسد للمجتمع الدولي أن نظامه مستمر وأنه غير مهتم بالتفاوض من أجل التوصل لحل سلمي وتشكيل حكومة انتقالية في سوريا. وأوضح فورد أن استراتيجية الإدارة الأميركية تعتمد على فرض مزيد من الضغط على نظام الأسد وإعطاء مزيد من الدعم للمعارضة المعتدلة موضحا أن السياسة الأميركية تشهد تخبطا من بين الهدف المتمثل في دفع الأسد للرحيل وما بين أسلوب تحقيق هذا الهدف.

وتوقع فورد - في مؤتمر تليفوني بمعهد وودرو ولسون صباح أمس إدارة الباحث المرموق ارون ديفيد ميللر - مزيدا من التدخل الإقليمي في الأزمة السورية سواء من الدول المساندة للأسد مثل روسيا وإيران أو من أصدقاء سوريا من الدول المساندة للمعارضة. وتوقع استمرار القتال والصراع بين المعارضة والنظام وبين المعارضة والجماعات التابعة لتنظيم القاعدة. وقال: «لا أرى أي إشارة من أي طرف برغبته في الاستسلام ولا أرى أيه تغييرات في السياسة الأميركية لذا فإن الوضع سيزداد سوءا وسيشكل مزيدا من التهديدات الإقليمية».

وحذر فورد من تأثير الدور الإيراني في سوريا وسعيها لحشد المسلحين الشيعة من إيران وأفغانستان، والدفع بهم للمحاربة في سوريا إلى جوار الأسد. وتوقع فورد تدفق مزيد من اللاجئين السوريين إلى لبنان مما يزيد من تأثيرات الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني وتنبأ بنزوح ثلاثة ملايين سوري من الطائفة العلوية إلى لبنان إذا استطاعت المعارضة تحقيق هزيمة للأسد وقواته. وقال: «سواء ساعدنا السنة أم ساعدنا الشيعة سيكون لذلك تأثير على التوازن في لبنان».

وهاجم هادي البحرة مسؤول الشؤون السياسية بالائتلاف السوري المعارض إبقاء منظمة الأمم المتحدة مقعد سوريا في قبضة النظام السوري. وقال: «رغم انتقادات قادة الدول للانتخابات وإعلانهم أن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا فإن منظمة الأمم المتحدة لا تزال تعطي للنظام السوري مقعدا رسميا رغم ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية». وأكد البحرة أن إيران تفرض هيمنتها ونفوذها وتتحكم في القرار داخل سوريا، مشيرا إلى اقتناع الائتلاف المعارض بأنه لا يوجد حل للأزمة السورية سوى الحل السياسي. وطالب البحرة الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات لتغيير موازين القوة على الأرض. وقال: «على الولايات المتحدة إعادة التفكير في استراتيجيتها في سوريا وأن تأخذ إجراءات لنزع الشرعية عن الأسد، فالحل السياسي لن يتحقق إلا إذا جرى تغيير موازين القوة على أرض الواقع لإقناع الأسد بضرورة قبول الحل السياسي». وأشار البحرة إلى أنه كان بالإمكان تطبيق النموذج اليمني في مجيء نائب الرئيس للسلطة وإجراء انتخابات في بداية الانتفاضة ضد بشار الأسد لكنه كان رافضا لأي مشاركة للسلطة، وخاصة أن القرار في سوريا في يد إيران التي تعتبر سوريا ذراعها القوية للهيمنة على المنطقة.

وأشار البروفسور جوشوا لينديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما إلى أن الانتخابات السورية تؤكد إحباط السوريين الذين فقدوا الأمل في مستقبل أفضل وهو الورقة الرابحة التي يلعب بها الأسد مروجا أنه يقدم للسوريين الاستقرار. وشدد لينديس على أنه لا يمكن دفع الأسد للتفاوض حول حل سلمي للأزمة دون تغيير الواقع، وذلك بدعم المعارضة العسكرية ودفع النظام لينهار أو دفع الأسد للرحيل عن السلطة. وتوقع البروفسور الأميركي أن يتجه الأسد لتقسيم سوريا أكثر من اتجاهه للجلوس للتفاوض. وأشار لينديس خلال الندوة التليفونية إلى أن الخيارات المطروحة أمام الإدارة الأميركية هي إما تسليح المعارضة لتقوم بمهمة إسقاط النظام وتدمير الأسد وهو ما يعني أن القتال والصراع سيشمل كل شارع وكل حي وكل مدينة وهو ما يعني مزيدا من اللاجئين وهو الخيار الذي تخشي الإدارة الأميركية منه، لأنها لا تريد مزيدا من اللاجئين.

أما الخيار الثاني كما يقول لنديس فهو ترك الأسد يستولي على سوريا، وذلك في حالة تراجع قدرة المعارضة على تنظيم أنفسهم وفقدان أصدقاء سوريا لحماسهم لمساعدة المعارضة. والخيار الثالث هو أن تدفع الأوضاع إلى تقسيم سوريا حيث يدفع الأسد المعارضة للسيطرة على مدن مثل حلب وحمص وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ويتدخل المجتمع الدولي في فرض وقف لإطلاق النار وبالتالي تقسيم البلد.