استعداد سوري للتعاون مع العراق لمواجهة «الإرهاب» و«الحر» يعلن التعبئة لصد تقدم «داعش»

الأسد رأى أن أميركا ودول الغرب بدأت بإرسال «إشارات تغيير»

جانب من إطلاق سراح معتقلين من السجن المركزي في دمشق أمس بعفو رئاسي (أ.ف.ب)
TT

لا تزال أنظار النظام والمعارضة السورية شاخصة إلى التقدم الميداني الذي يحرزه مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في محافظة نينوى العراقية، بعد سيطرتهم الكاملة على مدينة الموصل أول من أمس ومناطق أخرى في محافظتي صلاح الدين وكركوك، وإقدامهم أمس على رفع السواتر الترابية الفاصلة بين الحدود السورية - العراقية.

وفي حين ناشد المجلس العسكري الأعلى في «الجيش الحر» الدول الصديقة والشقيقة أمس دعم مقاتليه من أجل التصدي لتقدم «داعش» في محافظة دير الزور، شرق سوريا، أعلن النظام السوري استعداده التعاون مع العراق من أجل «مواجهة الإرهاب».

وعدت وزارة الخارجية السورية، وفق بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «ما يواجهه العراق الشقيق هو ذاته ما تواجهه سوريا من إرهاب مدعوم من الخارج»، مؤكدة «تصميم سوريا واستعدادها للتعاون مع العراق من أجل مواجهة الإرهاب، هذا العدو المشترك».

وأعقب بيان الخارجية السورية تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، نقلتها صحيفة «الأخبار» اللبنانية في عددها الصادر صباح أمس، أكد خلالها أن «الدولة ستنتصر ولو تطلب القضاء على كل الإرهابيين وقتا»، مشيرا إلى أن «أميركا والغرب بدأوا يرسلون إشارات تغيير. صار الإرهاب في عقر دارهم».

وينظر خبراء ومحللون إلى تقدم «داعش» الميداني في العراق وسوريا ربطا، على أنه يصب في صالح خطاب النظام السوري الذي يكرر منذ بدء الأزمة ترداد مقولة مفادها أن ثمة «مؤامرة وحربا كونية على سوريا ينفذها إرهابيون ممولون من الخارج».

ويقول المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «لإيران والنظام السوري مصلحة كبرى بتعويم التنظيمات الجهادية وتصويرها على أنها (فزاعة) لتخويف الغرب منها»، موضحا أن «النظام السوري لم يتردد في اللعب بهذه الجماعات المتطرفة وطرحها على أنها البديل عن وجوده».

ويذكّر العايد بأن نظام الأسد «أطلق كل المتطرفين في سجونه منذ بدء الأزمة، وهو ما سبق للنظام العراقي أن فعله أيضا»، مبديا أسفه لـ«وقوع الدول الغربية في هذا الفخ ونجاح الأسد وحلفائه بتخويفها من نفوذ هذه الجماعات».

وكان المجلس العسكري الأعلى في الجيش الحر، وعلى وقع تقدم «داعش» في العراق واستمرار الاشتباكات في دير الزور، دعا بعد اجتماع عقده بحضور رئيس الائتلاف أحمد الجربا ورئيس هيئة الأركان عبد الإله البشير ونائبه هيثم عفيسة، «جميع الدول الشقيقة والصديقة للشعب السوري وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية من أجل دعم الكتائب والألوية الفاعلة في محافظة دير الزور للتصدي لتنظيم (داعش) الإرهابي وذلك بعد اعتبار محافظة دير الزور منطقة منكوبة».

وأهاب المجلس العسكري، في بيان أصدره أمس، «بجميع الكتائب والألوية العاملة في محافظة دير الزور بضرورة التوحد للتصدي لعصابات الأسد و(داعش) الإرهابيين».

وفي سياق متصل، لا يعول العايد، وهو ضابط سوري متقاعد يتحدر من دير الزور، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، على نداء المجلس العسكري لدعم مقاتلي المعارضة. ويقول إن «أي أسلحة أو إمدادات عسكرية لم تصل إلى ثوار دير الزور منذ ثلاثة أشهر على الأقل، لغياب الرغبة بإيصالها أساسا، وحتى لو بادرت الدول الصديقة إلى تقديم السلاح سريعا للمعارضة من أجل دعم مقاتليها في دير الزور فإن عملية إدخالها صعبة باعتبار أن كافة طرق الإمداد مقفلة». ويرى أنه «إذا كان ثمة تحرك سيترتب على خلفية ما يحصل في العراق، فإن الوقت الذي يحتاجه ذلك ليس متوفرا لأن مقاتلي (داعش) سينصرفون في الأيام المقبلة إلى استكمال سيطرتهم على دير الزور».

ويشير العايد إلى أن «عملية الموصل دفعت المجلس العسكري للجيش الحر إلى إعادة حساباته، خصوصا أن ثمة إمدادات عسكرية من أسلحة ثقيلة وسيارات من نوع (هامر) وحتى مقاتلين وصلوا إلى مناطق تمركز (داعش) في المنطقة الممتدة بين دير الزور والحسكة». ويلفت إلى أن هذه المنطقة تعد «نقطة حشد لمقاتلي داعش في معاركهم في دير الزور»، لافتا إلى أنه «بموازاة عملياتهم الأخيرة في العراق حققوا تقدما في دير الزور».

ويتوقع العايد أن «يستكمل مقاتلو (داعش) في اليومين المقبلين معاركهم للاستيلاء بالكامل على المساحة الممتدة بين منطقتي الميادين والبوكمال»، مؤكدا أنه «لا يمكن للثوار بإمكاناتهم الراهنة وعديدهم أن يقفوا أكثر في وجه تقدم داعش». ويضيف: «تمكن التنظيم خلال ساعات من السيطرة على مدينة الموصل وكافة مرافقها بوجود جيش نظامي، فكيف الحال في دير الزور»؟.

وتحتدم منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي، المواجهات بين مقاتلي «داعش» من جهة ومقاتلي «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية من جهة أخرى في محافظة دير الزور (شرق)، ما تسبب بمقتل 634 شخصا على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتمكنت «الدولة الإسلامية» خلال هذه المواجهات من السيطرة على مناطق عدة في دير الزور، إضافة إلى الاستيلاء على نقطة حدودية مع العراق. ويتخوف خبراء عسكريون وسياسيون من أن يعمد التنظيم المتطرف إلى تركيز جهوده في الفترة المقبلة، بعد إحكام سيطرته الميدانية على المنطقة الممتدة من ريف حلب مرورا بالحسكة ودير الزور وصولا إلى منطقتي الأنبار والموصل العراقيتين، إلى إعلان دولته الإسلامية المستقلة.