الحكم على ناشط مصري بارز و24 آخرين بالسجن 15 سنة بتهمة التجمهر

حقوقيون طالبوا الرئيس بإعادة الثقة بين السلطة والقوى الثورية

الناشط المصري علاء عبد الفتاح أمام مقر محاكمته شرق القاهرة أمس (أ.ب)
TT

قضت محكمة مصرية، أمس، بحبس الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح و24 آخرين، 15 سنة، لإدانتهم بالتجمهر ومخالفة قانون التظاهر في الأحداث المعروفة إعلاميا بأحداث «مجلس الشورى» قبل نحو ستة أشهر. ووصف مراقبون وحقوقيون الحكم بـ«القاسي»، لكنهم قالوا: «نحترم أحكام القضاء»، بينما عده نشطاء مؤشرا على أزمة قد تحدث بين النظام الحاكم والقوى الثورية، وطالبوا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإعادة الثقة التي ضيعها نظام الرئيس السابق محمد مرسي بين السلطة والقوى الثورية.

وحكم على المتهمين في القضية أمس أمام محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة في منطقة سجون طرة (جنوب القاهرة)، على خلفية تنظيم وقفة احتجاجية في يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أمام مقر مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان التي ألغيت في الدستور الجديد) بوسط العاصمة، خلال استضافة المقر حينها جلسات لجنة تعديل دستور البلاد، وذلك للاحتجاج على مادة تمنح الحق للقضاء العسكري في محاكمة المدنيين في قضايا يكون الجيش طرفا فيها. وتزامنت المظاهرة الاحتجاجية أمام مجلس الشورى وقتها مع صدور قانون مثير للجدل ينظم الحق في التظاهر، عدته أحزاب وقوى سياسية «ردة على مكتسبات ثورة 25 يناير عام 2011»، التي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وجاء صدور حكم المحكمة غيابيا أمس، نظرا لغياب المتهمين حتى الساعة العاشرة صباحا وهو الموعد المقرر لبدء انعقاد الجلسة، حيث إن المتهمين جميعا مخلى سبيلهم ولا يوجد بينهم أي متهم محبوس بصفة احتياطية على ذمة القضية. لكن الناشطة منى سيف، شقيقة علاء عبد الفتاح، قالت في تدوينة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، إن «القاضي أصدر الحكم غيابيا قبل وصول الشهود والمحامين والمتهمين إلى المحكمة»، مؤكدة أنه قبُض على شقيقها وآخرين؛ هما محمد نوبي ووائل متولي. وقال شهود عيان إنه «جرى منع وسائل الإعلام من تغطية أحداث القضية». بينما كشف مصدر قضائي عن أنه «سيجري ترحيل عبد الفتاح إلى سجن طرة».

وتأتي جلسة أول من أمس عقب رفض محكمة استئناف القاهرة طلب رد عبد الفتاح و24 آخرين هيئة المحكمة، (أي تنحيتها عن نظر القضية واستبدال هيئة أخرى بها). وهو الطلب الذي تقدم به المتهمون بدعوى وجود خصومة سابقة بين عبد الفتاح ورئيس المحكمة.

وأسندت النيابة العامة إلى عبد الفتاح والآخرين تهما، من بينها سرقة جهاز لاسلكي من أحد الضباط بالإكراه، والتجمهر، وتنظيم مظاهرة دون إخطار السلطات المختصة بالطريق الذي حدده القانون، وإحراز أسلحة بيضاء أثناء المظاهرة، وتعطيل مصالح المواطنين، وتعريضهم للخطر، وقطع الطريق، والتعدي على موظف عام أثناء تأدية عمله، والبلطجة.

وأسندت التحقيقات إلى عبد الفتاح اعتداءه على ضابط شرطة مكلف تأمين المظاهرة، وسحبه جهاز الاتصالات اللاسلكي الخاص به، وعاونه باقي المتهمين على ذلك، ثم فراره هاربا. وفحصت النيابة العامة محتويات الكومبيوتر المحمول الخاص بعبد الفتاح، وأثبت الفحص الفني دعوته للتظاهر أمام مقر الشورى، اعتراضا على قانون التظاهر الجديد، والمحاكمات العسكرية للمدنيين، حسبما ورد بالدستور في هذا الشأن، كما تضمنت أوراق القضية التقرير الفني لفحص الأجهزة.

واتهمت النيابة العامة النشطاء وآخرين مجهولين، بأنهم اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم بالقوة والعنف حال حمل أحدهم أداة مما يستخدم في الاعتداء على أشخاص.

من جهته، قال أحمد سيف الإسلام، والد علاء عبد الفتاح، ومحاميه أمس، إن «الحكم سوف يسقط بمجرد التقدم بالمعارضة عليه». ووصف حقوقيون ومراقبون الحكم بـ«القاسي»، قائلين «مع الاحترام لأحكام القضاء التي لن نعلق عليها، فالحكم على النشطاء 15 سنة حكم مشدد جدا». وكانت النيابة العامة قد أخلت سبيل عبد الفتاح وشاب آخر يدعى أحمد عبد الرحمن (النوبي) في 23 مارس (آذار) الماضي بكفالة مالية في القضية. وسجن عبد الفتاح احتياطيا خلال حكم الأنظمة السابقة أيضا، وسبق له تسليم نفسه للنيابة العسكرية وقت إدارة المجلس العسكري لشؤون البلاد، ما بين فبراير (شباط) 2011 ويونيو (حزيران) 2012، كما قام بتسليم نفسه للنيابة العامة وقت حكم جماعة الإخوان للبلاد عام 2013. كما قضت محكمة جنح بالقاهرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بسجن ثلاثة من أبرز القيادات الشابة لثورة 25 يناير، وهم أحمد ماهر، ومحمد عادل، وأحمد دومة، لمدة ثلاث سنوات للمشاركة في وقفة احتجاجية بوسط القاهرة في نوفمبر الماضي.

وصدر الحكم على عبد الفتاح بعد خمسة أيام من تنصيب الرئيس السيسي رئيسا للبلاد، عقب نحو سنة من إعلان عزل الرئيس السابق المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) الماضي. وطالب نشطاء أمس، السيسي بإعادة بث الثقة بين السلطة والقوى الثورية، التي قالوا إن نظام مرسي و«الإخوان» تسببا في ضياعها. وقال الناشط السياسي عمرو عبد الرحمن، الذي وصف الحكم بـ«الصادم»، لـ«الشرق الأوسط»: «قد يُحدث الحكم أزمة بين النظام الحاكم والقوى الثورية». وطالب الرئيس السيسي بـ«اتخاذ إجراءات جديدة لصالح قوى الثورة التي لعبت دورا كبيرا خلال الفترة الماضية، والذين عانوا كثيرا خلال حكم (الإخوان)»، على حد قوله.