عمرو موسى: أمام الأحزاب المصرية فرصة للعمل من أجل الشعب في البرلمان المقبل

كشف لـ («الشرق الأوسط») عن تكتل وطني يهدف إلى «إنجاح خريطة الطريق بكل مراحلها»

عمرو موسى
TT

كشف عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية ورئيس لجنة الخمسين وقائد حركة التحالف من أجل تشكيل برلمان أفضل بمهمات واضحة، عن تفاصيل اللقاءات التي تجري حاليا لمناقشة قانون الانتخابات وعدد أعضاء البرلمان وتشكيل قوى وطنية تساند وتدعم نجاح خارطة الطريق والنظام الجديد وإنجاح مهام الرئيس عبد الفتاح السيسي لعبور تحديات المرحلة. ووصف موسى في حوار مع «الشرق الأوسط» الرئيس المصري الجديد بـ«الرجل العاقل»، وتوقع أن يصدر مبادرات رصينة بعيدا عن «الفرقعات الإعلامية». وقال إن الثورة ليست وظيفة؛ وإنما هي «احتجاج واحتياج»، وإن الواقع يقر بإعطاء الفرص للرئيس الجديد. وتوقع موسى إجراء الانتخابات البرلمانية بحلول الخريف المقبل، كاشفا عن مناقشات لتخفيض عدد أعضاء البرلمان ليصل إلى 500 عضو، لأنه إذا زاد العدد أكثر من ذلك فسيكون البرلمان «مظاهرة سياسية» لا تمكن الأعضاء من العمل. وأكد موسى أن الدستور المصري حدد المسؤوليات للرئيس والمؤسسات والحكومة والشعب وعلى الجميع الالتزام بالدستور.وإلى نص الحوار..

* ماذا بشأن التحالف أو التكتل الذي تقوم به مع رئيس المخابرات الأسبق مراد موافي، وأحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق، من أجل الوصول إلى برلمان قوي يثري الحياة السياسية في مصر؟

- نبحث دائما عن البدايات الصحيحة حتى نصل إلى نتائج تليق بمكانة مصر داخليا وخارجيا. فمنذ أيام جرت الانتخابات الرئاسية بنجاح كبير، وهي الخطوة الثانية من خارطة الطريق، وبالتالي يجب أن نستعد ونعمل لإنجاح المرحلة النهائية؛ وهي الانتخابات البرلمانية، التي تتطلب منا مناقشة قانون الانتخابات ثم الترتيبات السياسية والحزبية.

ولذلك وجهت الدعوة أكثر من مرة لأكثر من حزب سياسي للجلوس معا من أجل وضع الترتيبات ومناقشة قانون الانتخاب، وكان أهم رأي هو أن عدد الأعضاء الذي وصل إلى أكثر من 600 عضو مسألة تعوق العمل تحت قبة البرلمان، ولن يمكنه من مناقشة كل القضايا. ولذا قلت إن البرلمان بهذا العدد سيصبح مظاهرة سياسية وليس مكانا للعمل أو التشريع. وقد تحدثت في هذا مع الرئيس المؤقت عدلي منصور من قبل ومع رئيس الوزراء وكذلك وزير العدالة الانتقالية ومع شخصيات كثيرة، وأكدت أن هذا العدد لا يُمكِّن من العمل. وأُبلغت قريبا أن العدد سوف ينخفض إلى 520 عضوا، أو ربما إلى 540 على أكثر تقدير. وهي خطوة جيدة، ولكن ما زلت أرى أهمية تخفيض العدد لأقل من ذلك حتى يتمكن النواب من الجلوس في قاعة البرلمان وأمامهم أوراقهم للمناقشة والقراءة والتعديل، وليس بطريقة غير مريحة تجعل النقاش سطحيا.

* هل الأحزاب الموجودة على الساحة قادرة على تشكيل وإنتاج برلمان قوي مختلف عن السابق؟

- الأحزاب الموجودة تستطيع تشكيل برلمان، أما مسألة قوته أو عكس ذلك، فهذا يتطلب النقاش.. فالأحزاب الموجودة هشة. لماذا؟ لأن سياسة الحكومات السابقة عملت على إضعاف الأحزاب لسنوات وعقود طويلة، ولم يكن هناك إلا حزب واحد أو قوى واحدة منظمة هي الإخوان المسلمون، وبالتالي حتى نشكل برلمانا قويا يتطلب هذا عملا سياسيا على الأرض من واقع طرح مبادئ وإعطاء التزامات وتعبئة أنصار. ورغم ذلك فإنه أمام كل الأحزاب فرصة تصحيح وجودها من خلال انتخابات البرلمان المقبل وصولا إلى مسار القوة المطلوبة.

* هل هذه الفرصة ستكون من خلال تشكيل تكتل أو تحالف بين الأحزاب؟

- التجمع الذي أدعو إليه وأعمل على تشكيله هو تجمع لقوى سياسية لها مصلحة في نجاح الرئيس والنظام الجديد والعهد الجديد والجمهورية الثالثة. وأعني أن الجميع يلتف حول تحقيق المصالح العليا للبلاد.

* هل هناك تجاوب من الشخصيات التي التقيتها عدة مرات؟

- بالطبع. ولدينا جميعا مصلحة وطنية وليست خاصة، وأعني أن كل خارطة الطريق تجد طريقها للنجاح الذي يليق بطموح الشعب المصري، وأن يكون النجاح طبقا للمعايير الوطنية، من علاج الأوضاع في مصر وإعادة البناء، وإصلاح وتحقيق الأهداف التي نادت بها الثورة، وهي العيش الكريم والتنمية والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية.

* كيف ترى مصر بعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي؟

- لدى مصر فرصة جيدة لتجاوز كل المشاكل، وإذا فهمنا المسؤولية بمعنى رمي المسؤولية على الرئيس المنتخب، فهذا غير مجد. ولا بد أن نقول إن الرئيس السيسي فاز في الانتخابات وعليه مسؤوليات محددة، وجموع الشعب المصري ومؤسسات الدولة عليها مسؤوليات. وبالتالي تكون الفرص لمشاركة الشعب في البناء والتنمية.

* من يحدد هذه المسؤولية؟

- الدستور حدد المسؤوليات.. سواء البرلمان أو الحكومة أو الرئيس أو المواطن. وتحدث عن العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وتكافؤ الفرص وكل شيء.

* وماذا عن المخالفين للدستور وأيضا من يقود العمل في أي مؤسسة وفق ما يريد؟ كيف سيجري التعامل مع هذه العناصر؟ وسمعنا كثيرا خلال السنوات الماضية مصطلح أعداء النجاح ومحاربة الملتزمين بالعمل.

- إذا سمح النظام الجديد بذلك نكون كمن لم يفعل شيئا، وبالتالي لا بد من وضع خطة تقوم بوضعها الوزارة. لا بد من العمل، والعمل تحت رقابة وزارية وتحت رقابة الأجهزة.

* هل نستغرق من الوقت شهرين مثلا لترتيب ملفات النظام الجديد أم ماذا؟

- كل تلك مسائل طبيعية.

* كيف ترى الدعم العربي لمصر والرسائل والبرقيات التي احتفلت بتنصيب الرئيس السيسي؟

- في الحقيقة رحبت كثيرا بالخطاب الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو خطاب مليء بالعاطفة وبالرأي الحكيم وبالمبادرة لصالح مصر، ثم الدعم، والتأييد من دولة الإمارات هو أمر جيد، وكذلك الكويت وكل الدول العربية والأفريقية والمجتمع الغربي. والمنطلق أن هناك صفحة جديدة من العلاقات التي تخدم المصالح العليا للجميع.

* كيف ترى مستقبل العلاقة بين مصر وكل من قطر وتركيا؟

- أمامهم فرصة جيدة للغاية، بل هائلة، من أجل الصفحة الجديدة التي يجب أن تكتب بلغة مختلفة، وأن تعود الأمور إلى خط طبيعي. هذه الجمهورية مختلفة، والكل متفائل بالانطلاق نحو الأفضل.

* هل هناك تحديات صعبة تراها في الأفق يمكن التغلب عليها وتجاوزها في المنظور القريب وربما العاجل؟

- كل التحديات المقبلة صعبة.. وبالذات إدارة الدولة بكفاءة بعد طول ثبات، وإدارة الدولة بنظافة بعد طول فساد، وهكذا.

* ألا تخشى من توريط مصر من جبهات مفتوحة كما تردد، وتهديد تتعرض له من بعض دول الجوار؟

- لا أعتقد ذلك.

* أقصد استخدام جماعة الإخوان لدول الجوار ضد أمن واستقرار مصر؟

- سيكون لكل فعل رد فعل.. وقد يكون رد الفعل المصري أقسى بكثير من الفعل نفسه. والدولة المصرية متوجهة بعزيمة كبيرة جدا نحو المستقبل ولا يمكن أن نسمح بأي اختراق للدولة، وكفى ما حدث على امتداد ثلاث سنوات، وتأثير ذلك على نفسية الشعب المصري، التي بدأت تطمئن نحو المستقبل.

* هل تتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية مع نهاية العام الحالي أم بعد ذلك؟

- أتوقع أن تجري في الخريف المقبل أي قبل نهاية العام.. وأن نستمر جميعا في عملية بناء مصر.

* هل تتوقع أن يشارك رجال أعمال نظام مبارك في الحياة السياسية، وهي مخاوف لدى البعض من الدخول في أخطاء سابقة؟

- رجال الأعمال هم رجال أعمال. ولا يعني (ذلك) أبدا هيمنتهم، وإنما لهم مصالح معينة وعليهم التزامات، منها دفع الضرائب والإنتاج المتميز الجيد الذي يخدم المواطنين أو يصدر إلى الخارج، وهذا لا علاقة له بأن رجال أعمال الرئيس كذا أو في العهد فلان.. ومن أدين بشيء فالقانون يفصل بين الجميع، وفيما عدا هذا فالكل مواطنون مصريون. والدستور تحدث عن تكافؤ الفرص أمام جميع المصريين دون تمييز، ودستور 2014 مختلف تماما عن دستور 2012، حيث لم يعزل أي مجموعة أو حزب أو أفراد، وهذا الدستور يمنع الحظر السياسي ويمنع عزل الناس عن المساهمة في الحياة المصرية، سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية.

* كيف تقيم رؤية الشباب بأن الثورة لم تكتمل بعد، وأن خروجهم للتظاهر حق مكفول للجميع؟

- الثورة ليست وظيفة وإنما هي احتياج واحتجاج. وهناك رئيس جديد يجب أن يعطى الفرصة، والشعب انتخبه حتى يقود البلاد في مرحلة دقيقة، ما بين مرحلة إفلاس واضطراب وانعدام الأمن، إلى مرحلة استقرار وعمل وأمان.. وهذا يحتاج إلى وقت، ودعونا نستشرف المستقبل بروح طيبة.

* هل تتوقع أن يعيد الرئيس السيسي سياسة مصر الخارجية على مبادئ جديدة؟

- الرئيس لديه رؤية جديدة للعلاقات العربية والأفريقية والمتوسطية.

* أقصد طرح مبادرات للمشاكل التي تعانيها المنطقة؟

- ننتظر من الرئيس مبادرات. وأعرف عنه أنه رجل عاقل وليس مغامرا. وعليه، أتوقع مبادرات سياسية رصينة وليس «فرقعات إعلامية».