المعارضة الجزائرية تعرض على السلطة «أرضية للتغيير» في ختام ندوة «الانتقال الديمقراطي»

دعت إلى تحديد المسؤولين عن ضحايا الاقتتال بين الأمن والإسلاميين المسلحين

TT

انتهت فجر أمس «ندوة الانتقال الديمقراطي» التي جمعت كل أطياف المعارضة الجزائرية، بإصدار 11 توصية حملت، في مجملها، السلطة «مسؤولية التوجه بالبلاد إلى حافة الهاوية». واتفق قادة المعارضة على تشكيل وفد يتولى الاتصال برئاسة الجمهورية لتسليمها «أرضية التغيير» التي خرجت بها الندوة، الأولى من نوعها منذ ما سمي «عقد روما» الذي شهد عام 1994 لقاء المعارضة في الكنيسة الكاثوليكية «سانت إيجيدو».

وجاء في التوصيات، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، حديث عن «مواصلة النضال من أجل إحداث التغيير الحقيقي، بما يجسد سيادة الشعب في اختيار حكامه وممثليه، وتمكينه من مساءلتهم ومحاسبتهم وعزلهم»، ودعوة إلى «تعميق الحوار وإثراء مشروع أرضية الندوة على ضوء المداخلات والمساهمات والمقترحات وإصدار وثيقة مرجعية توافقية، وعرضها على السلطة والمجتمع».

ودعت المعارضة السلطة إلى «عدم تفويت الفرصة التاريخية التي وفرتها الندوة، للتعاطي بإيجابية مع مسعى الانتقال الديمقراطي المقدم من طرف الندوة». وحذرت من «تفشي الفساد بكل أنواعه وتفاقم البيروقراطية والمحسوبية، وغياب رؤية اقتصادية للتنمية الشاملة تحرر الجزائر من التبعية».

وطالبت المعارضة من الأحزاب والشخصيات السياسية بـ«التواصل المستمر والفعال مع الشعب الجزائري بجميع فئاته، لتعبئته من أجل ترسيخ الديمقراطية وتحصيل الحقوق وتوسيع الحريات، من خلال تنظيم الندوات الموضوعاتية وأنشطة سياسية أخرى». وجاء في التوصيات أيضا «إشراك المرأة والشباب في مسعى الانتقال الديمقراطي، والعمل على ترقية قيم المواطنة، وفتح المجال السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلام، ورفع كل القيود التي تعيق حرية التعبير أو النشاط أو التظاهر أو التجمع أو التنظيم، وإرساء مصالحة وطنية مبنية على الحقيقة والعدالة». وتعني هذه التوصية، إطلاق تحقيقات لتحديد المسؤولين عن مقتل 150 ألف جزائري، خلال فترة الاقتتال بين قوات الأمن والجماعات الإسلامية المسلحة، في عقد التسعينات من القرن الماضي. وأعلنت المعارضة عزمها «توسيع جبهة الأحزاب والشخصيات المقتنعة بالتغيير والانتقال الديمقراطي». وقالت إنها ستطلق مشاورات بعد «لضمان مواصلة التنسيق والعمل المشترك مع مختلف الأطراف المشاركة في الندوة من أجل الإصلاح والتغيير».

وشارك في «ندوة الانتقال الديمقراطي» قادة الأحزاب العلمانية «جبهة القوى الاشتراكية» والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و والحزب الليبرالي «جيل الجديد»، وقادة الأحزاب الإسلامية أهمها «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة»، كما حضر قادة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، ونشطاء من «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، ومن «جمعية علماء المسلمين الجزائريين». ونشطاء سياسيين بارزين، ورؤساء الحكومة السابقين مولود حمروش وأحمد بن بيتور وعلي بن فليس، ووزراء سابقين وضباط سابقين في الجيش، وناشطين في نقابات معروفة بحدة معارضتها للحكومة، وآخرين من جمعيات العاطلين عن العمل، وضحايا الاختفاءات القسرية.

وقال عبد الرزاق مقري رئيس «مجتمع السلم» لـ«الشرق الأوسط»، إن المعارضة «ستحضر ما سميناه وثيقة نقاش مجتمعي انطلاقا من التوصيات التي خرجت بها الندوة، وسنرفعها إلى إحدى الجهتين في السلطة، إما الرئاسة أو الحكومة».

وفي الموضوع ذاته، كتب مقري أمس بصفحته في «فيسبوك»: «لا توجد عبارة ترددت في ندوة الانتقال الديمقراطي ككلمة (تاريخية). لقد كانت الندوة حدثا تاريخيا غير مسبوق منذ الاستقلال (1962). فقد عمدت السلطة الحاكمة إلى تشتيت المعارضة منذ الانقلاب على شرعية الحكومة المؤقتة غداة الاستقلال بوسائل عدة. ولم يسبق أن التقت المعارضة على طاولة واحدة بهذا الحجم وهذا التنوع، وفي هذا الظرف وعلى أرض الوطن. وأحسن وأهم ما في الأمر أن هذا اللقاء جرى في ظل سلطة حاكمة لها قدرة غير مسبوقة على شراء الذمم والتخويف، مما يدل على أن حجم التخوف من السياسات الخطيرة على مستقبل البلد المتبعة من نظام الحكم، قد جعل ضمائر المسؤولين والمناضلين في مختلف أطياف المعارضة تستيقظ وتنسى خلافاتها من أجل ما يجمعهم وهو بلدهم الجزائر».