طهران تنفي «ادعاء» المستشار الديني لأوباما حمل رسالة من روحاني إلى الرئيس الأميركي

مفاوضات النووي الإيراني تواجه صعوبات لـ«بناء الثقة»

TT

نفت طهران أمس، ما قاله المستشار الديني للرئيس الأميركي باراك أوباما، القس جويل هانتر، في تصريحات أدلى بها لـ«بي بي سي» أول من أمس، من أنه حمل رسالة خاصة من الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى نظيره الأميركي أوباما. ونقلت وكالة «إرنا» الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، محمد باقر نوبخت، قوله: «لم يحمل المستشار الروحي لأوباما رسالة من روحاني».

وكان القس الأميركي وراعي كنيسة نورث لاند في وسط فلوريدا، جويل هانتر، قد زار إيران على رأس وفد ديني في 25 مايو (أيار) الماضي. وأضاف هانتر، خلال حوار مع قناة «بي بي سي» أول من أمس (الثلاثاء)، أن «الرئيس الإيراني، حسن روحاني، سلمني رسالة شخصية وخاصة لأعطيها للسيد باراك أوباما». وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، منذ فترة: «تناولت المحادثات التي أجراها القساوسة الأميركيون في إيران القضايا الدينية، ولم تتضمن المفاوضات النووية»، وجاءت هذه التصريحات ردا على زيارة جويل هانتر في مايو، وما سبقته من زيارة لأساقفة أميركيين إلى إيران في شهر مارس (آذار). وأضافت هارف آنذاك: «نحن على علم بالمبادرات المستقلة التي تقوم بها الشخصيات الدينية المختلفة في الولايات المتحدة بهدف دعم فكرة حوار الأديان مع علماء الدين في إيران. نحن نشيد بهذه الجهود القاضية لترويج المعتقدات الدينية، وحرية المذاهب الدينية، التي تشكل إحدى أولويات السياسة الخارجية الأميركية». وتابع هانتر في حواره مع الـ«بي بي سي»: «تخدم هذه المفاوضات مصلحة العلاقات الثنائية، لأنها تؤسس لعلاقة بين القيادات الدينية للبلدين، إذ لا يمكن بناء هذه العلاقة بين الزعماء السياسيين. كما أنها تساهم في بناء جسور الثقة بين حكومات البلدين».

وعما إذا كان جويل هانتر، المستشار الديني لأوباما، قد حمل خلال زيارته لطهران رسالة من الرئيس الإيراني لنظيره الأميركي، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، محمد باقر نوبخت، في تصريح صحافي على هامش جلسة للحكومة الإيرانية أمس (الأربعاء): «لا نخفي شيئا عن الناس».

وتابع نوبخت: «الرئيس الإيراني يبلغ رسائله وتصريحاته بكل شفافية وصراحة، ولا يحتاج إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات».

وحول زيارته لإيران، قال هانتر لـ«بي بي سي»: «كانت هذه أول زيارة أقوم بها لإيران، وشكلت تجربة رائعة. كان حسن ضيافة الإيرانيين، والأماكن السياحية، وكل شيء رائعا، وممتعا».

وأضاف: «لقد زرت طهران، وقم، وأصفهان. ولقد تلقيت دعوة من عدد من رجال الدين للقيام بهذه الزيارة بهدف الحوار، وإجراء المفاوضات. كانت الزيارة تهدف إلى الحد من التطرف والعنف الديني، ومواجهة هذه الظاهرة».

وشارك جويل هانتر والوفد المرافق له في المؤتمر الدولي للأديان بعنوان «عالم خال من العنف والتطرف من منظور الأديان الإبراهيمية» في 25 مايو بطهران.

هذا ووجهت بعض وسائل الإعلام، التابعة للمتشددين في إيران، انتقادات لزيارة الوفد الديني الأميركي إلى إيران، وأهداف الزيارة. وطرح التيار المتشدد في إيران مزاعم بأن الزيارة جرت بشكل سري، بهدف ممارسة الضغوط على الحكومة الإيرانية. تهدف المفاوضات المباشرة التي تجرى هذا الأسبوع بين إيران والدول الكبرى وبينها الولايات المتحدة، إلى إقامة «آلية ثقة» تضمن احترام الطرفين أي اتفاق شامل يجري التوصل إليه بشأن الملف النووي، برأي دبلوماسيين وخبراء.

ويؤكد الإعلان عن إجراء محادثات منفصلة مع الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا - الأعضاء في مجموعة «5+1» التي تتفاوض مع إيران - أن خلافات جدية لا تزال ماثلة.

وأكدت إيران، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مرارا، حقها «الثابت» في مواصلة برنامجها النووي لأغراض سلمية، وطالبت برفع العقوبات المفروضة عليها.

وعلى النقيض الآخر، فإن الولايات المتحدة ودول مجموعة (خمسة زائد واحد) الأخرى لم تدل بأي إعلان، مما يشير إلى فجوة كبيرة بين الفريقين المتفاوضين.

وبينما تؤكد القوى الغربية وإيران رغبتهما في التوصل إلى اتفاق، فإن أيا منهما غير مستعد بعد لتقديم التنازلات الكافية.

وقال مفاوض أميركي سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الإيرانيين يريدون الاحتفاظ ببرنامج نووي مدني قوي يمنحهم قدرات نووية سريعة وخيار إنتاج السلاح النووي في المستقبل». وأضاف: «ولكن الأميركيين يرغبون في إبعاد إيران بأكبر قدر ممكن عن عتبة القدرة على إنتاج أسلحة نووية»، مقرا بأن جو التشكك يزيد من عدم التفاهم بين الجانبين.

ورأى أن الحل يكمن في التوصل إلى اتفاق، لا يتمكن أي من الجانبين من التراجع عنه لاحقا، ولكن رغم الحديث عن وجود جو جيد ومفاوضات بناءة، فإن المفاوضات لا تزال تعاني انقساما مريرا.

وأقر دبلوماسي غربي في طهران بأن المحادثات دخلت مرحلة «مكثفة». وأضاف: «إنهم يعرفون أنه لم يعد أمامهم الكثير من الوقت. ونعاني نقصا في الثقة بين الجانبين، وعلينا أن نجد آلية لبناء الثقة، وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه».

ومن جانبه، أكد غلام علي خوشرو، النائب السابق لوزير الخارجية وعضو الفريق الإيراني الذي شارك في المفاوضات النووية في الفترة من 2003 - 2005، ضرورة تطبيق إجراءات لبناء الثقة، وقال إن المحادثات المباشرة يمكن أن تزيل الخلافات مع دول بعينها في مجموعة (الخمسة زائد واحد).

وكان مفاوض إيراني سابق آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، أكثر تحديدا، حيث قال إن موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي يشكل قلقا كبيرا لطهران.

وقال: «المشكلة الرئيسة هي أن أوباما فشل في إثبات امتلاكه السلطة الضرورية والاحتياطي السياسي اللازم لحل المشكلة»، مشيرا إلى تزايد التشاؤم بشأن الموقف الأميركي. وأضاف: «إنهم يعلمون أنه إذا لم يجر حل المشكلة في ظرف ثلاثة أشهر من الآن، فمن الممكن تماما، ومع التغير في الكونغرس، أن يصبح من الأصعب قبول الالتزامات التي تقطع لطهران».