بعد الموصل.. «داعش» يستولي على تكريت ويضيق الخناق على سامراء

المالكي والصدر يعلنان جيوشا «رديفة».. ومصادر تتحدث عن انضمام «ثوار العشائر» للقتال

ضباط عراقيون يتشاورون في ما بينهم قرب منطقة اشتباكات في الحويجة غرب كركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد أقل من 24 ساعة على سقوط مدينة الموصل (400 كم شمال بغداد) على يد تنظيم داعش، امتد سقوط المدن العراقية إلى مدينة تكريت (180 كم شمال شرقي بغداد)، طبقا لشاهد عيان أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «عملية سقوط تكريت لم تكن متوقعة بهذه الطريقة وبهذه السرعة، حيث لم تتمكن قوات الشرطة من مقاومة المسلحين الذين سيطروا على معسكر الضلوعية وتوجهوا إلى سجن التسفيرات حيث أطلقوا سراح مئات المعتقلين داخله».

وأضاف شاهد العيان الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «القتال امتد إلى داخل المدينة، والمسلحين هاجموا مبنى المحافظة والقصور الرئاسية». وكان محافظ صلاح الدين، أحمد عبد الله صالح، الذي تقول الأنباء إنه اعتقل من قبل مسلحي «داعش» مع قائد الشرطة، قد أبلغ «الشرق الأوسط» أول من أمس بأن «الأمور في المحافظة على خير ما يرام، والقوات مسيطرة على الموقف، وأن المسلحين الذين تسللوا إلى قضاء الشرقاط والساحل الأيسر سيتم طردهم خلال ساعات قليلة».

بدوره، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة، لوكالة الصحافة الفرنسية «كل مدينة تكريت في أيدي المسلحين»، بينما ذكر ضابط برتبة رائد في الشرطة أن المسلحين قاموا بتهريب نحو 300 سجين من السجن المركزي في المدينة.

في غضون ذلك، دارت اشتباكات بين قوات عراقية ومجموعات من المسلحين عند المدخل الشمالي لمدينة سامراء الواقعة على بعد 110 كم شمال بغداد، بحسب ما أفاد شرطي وشهود عيان وكالة الصحافة الفرنسية. وتحوي سامراء مرقد الإمامين العسكريين، علي الهادي الإمام العاشر وحسن العسكري الإمام الحادي عشر لدى الشيعة الاثني عشرية، والذي أدى تفجيره عام 2006 إلى اندلاع نزاع طائفي قتل فيه الآلاف. وقال الشرطي إن «اشتباكات تدور بيننا وبين عناصر مسلحة، وقد طلب منا قائد الفرقة الانسحاب لكننا رفضنا ذلك». وذكر شهود عيان أن المسلحين أتوا بسيارات دفع رباعي، على الأرجح من مدينة تكريت (160 كم شمال بغداد) التي سيطروا عليها في وقت سابق. وأكدت مصادر أمنية أن ناحيتي العوجة والدور جنوب تكريت سقطتا في أيدي المسلحين الذين واصلوا طريقهم نحو سامراء.

في سياق ذلك، أكدت مصادر مطلعة في محافظتي الأنبار وصلاح الدين، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك أطرافا استغلت أحداث الرمادي وقتها وبدأت تتحرك باتجاه أخذ دورها في تصفية حساباتها مع الحكومة العراقية مثل المجلس العسكري ومجلس ثوار العشائر». ولم تستبعد هذه المصادر أن «تتكرر مثل هذه التجربة في كل من الموصل ونينوى، ناهيك عن أن تنظيمات داعش هي ليست موحدة بالكامل، فهناك (القاعدة) وجبهة النصرة، ولديها خلافات أحيانا تكون عميقة وتتفجر بينهم صراعات وصلت أحيانا حد التصفيات الجسدية».

وفي وقت بات فيه تنظيم داعش، ومعه مجاميع مسلحة مناوئة للحكومة العراقية، يسيطر على عدد من المدن العراقية في المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية وفي المقدمة منها الموصل وتكريت بالإضافة إلى الفلوجة التي يحتلها منذ ستة شهور، فقد أعلن كل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر جيوشا رديفة من أجل استرجاع المدن المحتلة والدفاع عن الأماكن المقدسة. وقال المالكي في خطابه أول من أمس وكلمته الأسبوعية أمس إنه سيشكل جيشا رديفا لمساندة القطعات العسكرية، داعيا أبناء العشائر والمواطنين إلى التطوع والانخراط في هذا الجيش.

من جهتها، أشادت وزارة الداخلية، بما سمته «العشائر العراقية»، لمساندتها القوات الأمنية واستعدادها لرفع السلاح ومحاربة تنظيم «داعش». وقال الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي، في بيان صحافي «نثمن الدور البطولي المشرف للعشائر العراقية التي أعلنت عن مساندتها للقوات الأمنية واستعدادها لرفع السلاح من أجل محاربة التنظيمات الإرهابية المجرمة في نينوى وباقي المناطق، ومن أجل تعزيز الروح المعنوية لدى القوات الأمنية». وأضاف الأسدي أن «الوزارة ستتعامل بمبدأ الثواب والعقاب، حيث ستتم محاسبة الفار والمقصر حسب قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي الفقرة (3)»، موضحا أنه «يعاقب بالإعدام كل من ترك أو سلم إلى الغير أو إلى أي جهة معادية مركز شرطة أو مخفرا أو موقعا أو مكانا، أو استخدمه وسيلة لإرغام أو إغراء آمر المركز أو المخفر أو الموقع بتركه أو تسليمه بصوره تخالف ما تتطلبه الضرورات الأمنية». وأكد الوكيل الأقدم للداخلية أنه «يعاقب بالإعدام كل من حصل على أشياء أو وثائق أو صورها أو أي معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصا على سلامة الدولة والمصالحة العامة، أو خرب أو دمر أو استخدم المقرات الأمنية والتجهيزات عمدا لغير الأغراض المخصصة لها أو خلافا للأوامر والتعليمات الصادرة إليه».

وفي وقت أبدت فيه عصائب أهل الحق تدخلا مشروطا للقتال من أجل مقاومة «داعش»، فقد عبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن استعداده لتشكيل «سرايا السلام» للدفاع عن المراقد والمساجد والحسينيات والكنائس، بالتنسيق مع الجهات الحكومية. وقال الصدر في بيان له إن ذلك يأتي «من منطلق تجربتنا السابقة وقيامنا بواجبنا آنذاك، سواء مقاومتنا للمحتل أو دفع بعض الإرهابيين الذين حاولوا تدنيس المراقد والمساجد والكنائس، وما نتج عن تلكم الوقفة من ردود سلبية حتى من أقرب الناس إلينا فضلا عن غيرهم»، مؤكدا أنه «ومن منطلق الحفاظ على لحمة العراق، فلست أنوي زج أبناء العراق في حرب قد زجنا بها بعض ذوي السياسات المنحرفة». وأوضح الصدر «بيد أنني لا أستطيع الوقوف مكتوف الأيدي واللسان أمام الخطر المتوقع على مقدساتنا، لذا فإنني ومن معي من المخلصين الثابتين على العهد ممن لم تغرهم الدنيا برواتبها وسياراتها، وممن لم يسمعوا الإشاعات ضد الحق وقيادته، وممن إذا سكتنا سكتوا وإذا تكلمنا أطاعوا.. على أتم الاستعداد أن ننسق مع بعض الجهات الحكومية لتشكيل (سرايا السلام) للدفاع عن المقدسات بشرط عدم انخراطها إلا مؤقتا في السلك الأمني الرسمي وبمركزية منا لا بالتحاق عفوي يسبب الكثير من الإشكالات».