البراميل المتفجرة تحصد 31 قتيلا بحلب.. و«داعش» تعتقل ضابطين من مجلس دير الزور العسكري

الائتلاف السوري يعد القصف النظامي لمقرات «الدولة» مصطنعا بعد افتضاح علاقة الأسد به

سوريون يعاينون الدمار الذي خلفه سقوط براميل متفجرة على حي السكري في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

صعدت القوات النظامية السورية من وتيرة قصفها أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، (شمال البلاد)، أمس، مما أسفر عن مقتل 31 شخصا على الأقل سقطوا نتيجة القصف ببراميل متفجرة ألقاها الطيران المروحي على حيين في المدينة. وتزامن هذا التصعيد مع اتخاذ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف بـ«داعش»، إجراءات تعيق حركة السكان في دير الزور، حيث أقفل معبر نهر الفرات عند بلدة خشام في الريف الشرقي للمحافظة، الذي يستخدم لأغراض إنسانية، بموازاة اعتقال ضابطين من المجلس العسكري في دير الزور وإحالتهما إلى محكمة شرعية.

في هذا الوقت، وصف نائب رئيس «الائتلاف الوطني السوري»، أحمد فاروق طيفور، الضربة العسكرية التي وجهتها القوات النظامية لـ«داعش» في الرقة أول من أمس، بـ«المضحكة والمصطنعة»، عادا إياها «تفضح الرعب السياسي الذي يعيشه (الرئيس السوري بشار) الأسد وحلفاؤه في الفترة الحالية». وقال، في تصريح لموقع الائتلاف الإلكتروني أمس، إن «الأسد أراد من خلال الضربة التي اقتصرت على استهداف المراكز الإدارية للتنظيم وتجنب المراكز العسكرية، مخاطبة المجتمع الدولي وإعادة بناء الثقة مع دول العالم، بعد افتضاح علاقته الوطيدة بجماعات التطرف داخل المنطقة».

وقال طيفور إن العلاقة بين «داعش» والنظام السوري «مسلّم بها وغير قابلة للشك، ولكن هذا النظام هو أقل من أن يكون صاحب مشروع، لأنه هو أصلا جزء من مشروع إيراني يسعى للسيطرة على المنطقة».

ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 27 شخصا على الأقل، بينهم أطفال، في قصف ببراميل متفجرة تعرض لها حي السكري بجنوب حلب، وإصابة العشرات بجروح، بعضهم في حالة خطرة. ويأتي القصف استكمالا لاستهداف القوات النظامية أحياء المعارضة بالبراميل المتفجرة منذ مطلع العام الحالي، مما تسبب في مقتل أكثر من ألفي شخص، ربعهم من الأطفال.

وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، أن «طائرة مروحية استهدفت حي السكري ببرميل متفجر أول أوقع عددا من القتلى والإصابات»، مشيرا إلى أنه «لدى تجمع الأهالي، ألقي برميل آخر، مما تسبب في ذعر وحركة هروب، وارتفاع عدد القتلى والجرحى». وجاء القصف على حي السكري، بعد قصف تعرضت له منطقة السكن الشبابي في حي الأشرفية (شمال حلب)، بالبراميل المتفجرة، مما تسبب في مقتل ستة أشخاص.

وتستخدم القوات الحكومية البراميل المتفجرة على نطاق واسع في حلب، مستهدفة أحياءها الشرقية والشمالية، وهي أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة بالكامل. ويقول ناشطون إن أحياء، مثل الشعار وطريق الباب وغيرها، «باتت شبه مدمرة بالكامل، نظرا لكثافة استهدافها».

والبراميل المتفجرة عبارة عن خزانات صغيرة أو عبوات غاز فارغة تملأ بمتفجرات وبقطع حديدية، وتلقى من طائرات مروحية، وقد تسببت في مقتل مدنيين، كونها لا توجه بنظام توجيه يتيح تحديد أهدافها بدقة.

ولم تمنع البراميل المتفجرة قوات المعارضة من مواصلة القتال على محور مبنى المخابرات الجوية في شمال غربي حلب، حيث أفاد ناشطون بوقوع اشتباكات في محيط حي جمعية الزهراء. وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاشتباكات اندلعت أمس بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني، ومسلحين من جنسيات عربية وآسيوية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي «جبهة النصرة» (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، وجيش المهاجرين والأنصار الذي يضم مقاتلين غالبيتهم من جنسيات عربية وأجنبية وكتائب إسلامية من جهة أخرى.

وعلى تخوم حلب إلى الغرب، أفاد المرصد بمقتل 13 شخصا، بينهم ثمانية أطفال تحولت أجسادهم إلى أشلاء، جراء سقوط قذائف أطلقتها كتائب مقاتلة مساء أول من أمس على مناطق في حي كرم الرحال بمدينة جسر الشغور بإدلب الخاضعة لسيطرة قوات النظام. وتحتفظ القوات النظامية بسيطرتها على جزء كبير من مدينة جسر الشغور التي تقدمت قوات المعارضة على أطرافها خلال الشهر الماضي، في محاولة لربط مواقع سيطرة النظام في حلب، بمواقع تسيطر عليها المعارضة في إدلب.

وإلى الغرب من إدلب، قصفت القوات النظامية مواقع سيطرة المعارضة في الجبال الواقعة بريف اللاذقية، وتفصل المنطقة عن إدلب وسهل الغاب، غداة استعادة القوات النظامية السيطرة على كسب. وأفاد ناشطون بتعرض مناطق في جبل الأكراد بريف اللاذقية للقصف بالطيران المروحي والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، استهدفت بالبراميل المتفجرة قريتي دويركة والعيدو، وأماكن انتشار فصائل المعارضة عند نقاط الاشتباك بينها وبين قوات النظام قرب قمة النبي يونس.

وفي تلك الأثناء، أفاد ناشطون بتنفيذ الطيران الحربي غارتين على أماكن في منطقة عدرا بريف دمشق، كما تعرضت مناطق في بلدة دير العصافير ودوما بالغوطة الشرقية لقصف جوي ومدفعي، بالتزامن مع تجدد الاشتباكات في الغوطة الغربية.

في غضون ذلك، تواصلت الاشتباكات بريف المحافظة، الواقعة شرق البلاد، بين مقاتلي «داعش» ومقاتلي الجيش السوري الحر وتنظيمات إسلامية معارضة أخرى. وذكرت مواقع إلكترونية تابعة لـ«داعش» أن مقاتلي التنظيم اعتقلوا ضابطين في المجلس العسكري الثوري بدير الزور، التابع لهيئة الأركان العسكرية العليا للجيش السوري الحر. وقالت المواقع إن التنظيم سيقدم الضابطين، المعروفين كالرائد عبد الرحمن والملازم أبو هارون، للمحكمة التابعة للتنظيم في بلدة الشدادي، جنوب الحسكة.

وأفاد ناشطون سوريون بإغلاق تنظيم «داعش»، معبر نهر الفرات عند بلدة خشام في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، الذي كان يصل شمال النهر بجنوبه. ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن الناشط المدني المعارض من دير الزور، ربيع المحمد، أن التنظيم أعلن إغلاق المعبر، من دون أي أسباب واضحة أو مدة محددة للإغلاق، حيث قامت عناصره «بسحب واحتجاز القوارب» الموجودة على ضفة النهر. وأوضح أن استخدامات المعبر النهري اقتصرت على «إنسانية»، إذ كان يستخدم لنزوح السكان من القرى الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية إلى القرى الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة والواقعة جنوب النهر، في الريف الشرقي للمحافظة، في حين أكدت مصادر مدنية من المنطقة أن المعبر يعد من «أهم معابر النزوح» بالنسبة للسكان منذ بدأت الاشتباكات بين «داعش» وكتائب المعارضة، وعبره خلال شهرين نحو سبعين ألف نازح.