كولومبيا تعود إلى طريق السلام مع إعادة انتخاب سانتوس

الاقتراع الرئاسي كان شبه استفتاء على المفاوضات مع آخر الحركات اليسارية المتطرفة

كولومبي يقرأ صحيفة تظهر نتيجة فوز سانتوس بالرئاسة في بوغوتا أمس (أ.ف.ب)
TT

عادت كولومبيا أمس إلى طريق السلام مع إعادة انتخاب رئيسها خوان مانويل سانتوس المفوض مواصلة مباحثات السلام مع حركة التمرد في بلد ما زال منقسما بعد نزاع متواصل منذ نصف قرن. وعدت الانتخابات الرئاسية شبه استفتاء على سياساته المتبعة للتفاوض مع «القوات المسلحة الثورية في كولومبيا» (فارك) وجيش التحرير الوطني. وأفسحت إعادة انتخابه المجال لمواصلة الحوار مع آخر حركتي تمرد من اليسار المتطرف ما زالتا تنشطان وتقدر السلطات عدد مقاتلي الأولى بثمانية آلاف والثانية بـ2500.

وتجاوز سانتوس الذي فاز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بحصوله على 50.9 في المائة من الأصوات متقدما على أوسكار ايفان سولواغا الرافض لتلك المفاوضات، عقبة كبيرة بعد أن حصل حزبه من وسط اليمين في مارس (آذار) الماضي على الأغلبية النسبية في البرلمان.

ووعد سانتوس، وعمره 62 سنة وينتمي إلى عائلة سياسية بارزة في خطاب ألقاه بمناسبة فوزه، بالتوصل إلى «سلام عادل» ليس فيه «تهرب من العقاب». وقال: «نحن قادمون على لحظات صعبة كي نضمن أن يكون (السلام) ليس عادلا فحسب بل يكون دائما».

وأوضح خورخي البرلتو ريتريبو، مدير مركز الأبحاث المتخصصة في النزاع، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «عملية السلام خرجت معززة في شكلها الحالي وأصبحت أكثر قابلية للدوام حتى أنه يبدو أن الفارك وجيش التحرير الوطني خرجا معززين كمفاوضين». غير أن على الرئيس المنتخب مجددا عدم الإفراط في التفاؤل بسرعة لا سيما أن نتيجته التي تمت بفارق متواضع تكشف أن الدعم ليس كاملا في بلد يعد 47 مليون نسمة يطال فيه الفقر ثلث السكان رغم نمو يزيد عن أربعة في المائة.

وقال فيليبي بوتيرو الأستاذ في جامعة الانديز لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «الفوز واضح والفارق معتبر لكن النتيجة تدل على أن الذين صوتوا لسانتوس مقتنعون بضرورة مواصلة عملية السلام وليس بالحكومة».

وسيوضح الرئيس الحالي الذي سيؤدي اليمين في أغسطس (آب) المقبل، استراتيجيته بعد أن أسس خلال الجولتين تحالفات مع أحزاب يسارية باسم السلام.

وعد روبن داريو اسيفيدو المؤرخ في الجامعة الوطنية أن «الحكومة أصبحت تواجه ديونا سياسية تجاه بعض الأطراف السياسية وحركة التمرد التي ساعدته خلال حملته والتي يمكنها الآن التطلع إلى المشاركة في حكومة جديدة» لكنه أشار إلى أن «جزءا من الشعب يظل متمسكا بمفاوضات السلام».

كذلك هناك تقارب حول الدور الذي ستقوم به المعارضة اليمينية المتمثلة في خصمه المهزوم في الانتخابات الرئاسية التي لم يحصل فيها إلا على 45.02 من الأصوات، بينما حسبت البقية على البطاقات البيضاء.

ويدرك سولواغا أن التشكيك في مباحثات السلام مع الفارك الجارية من دون وقف إطلاق النار منذ 19 شهرا في كوبا، ما زال قويا وذلك على غرار عرابة الرئيس السابق الفارو اوريبي الذي ما زال يحظى بشعبية كبيرة بعد أن خاض حربا بلا هوادة على حركة التمرد بين عامي 2002 و2010.