المحكمة الاتحادية تصدّق على نتائج الانتخابات العراقية

تراجع الدعوات لتشكيل حكومة «إنقاذ وطني»

TT

في وقت سرقت فيه الحرب بين القوات العراقية وتنظيم «داعش»، في محافظتي نينوى وصلاح الدين، الأضواء من معركة الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في الثلاثين من أبريل (نيسان) الماضي وشحذ فيها خصوم رئيس الوزراء، زعيم ائتلاف دولة القانون المالكي، سيوفهم باتجاه منعه من الحصول على «ولاية ثالثة» - صدقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق على نتائج الانتخابات وبدء العد التنازلي لبدء الجلسة الأولى للبرلمان.

وطبقا لبيان صدر عن السلطة القضائية العراقية أمس، فإن «المحكمة الاتحادية صدقت على نتائج الانتخابات البرلمانية وأرسلتها إلى المفوضية العليا المستقلة». وأضاف البيان أن «المحكمة الاتحادية أجلت النظر في أربعة أسماء بسبب وجود دعاوى قضائية ضدهم».

وكان الناطق الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى، عبد الستار البيرقدار، أعلن من جهته أن «الأسماء التي جرى إرجاء النظر فيها هي كل من: عباس جابر مطيوي (ائتلاف دولة القانون)، ورعد حميد الدهلكي، وسليم الجبوري، وعمر حميد الحميري (ينتمون إلى ائتلاف ديالى «هويتنا» المنضوي في كتلة متحدون)».

وكانت ممثلية الأمم المتحدة في العراق قد حثت الجهات العراقية على ضرورة حث المحكمة الاتحادية على التصديق على نتائج الانتخابات، عادة إياها الحل الأمثل لإخراج العراق من أزماته من خلال تشكيل حكومة عراقية ذات تمثيل واسع.

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت، أول من أمس، أنها «أرسلت» أسماء المرشحين الفائزين بعضوية مجلس النواب إلى المحكمة الاتحادية للتصديق عليها وإعلان النتائج النهائية، وبينت أن الهيئة القضائية «استكملت النظر في جميع الطعون». كما أعلنت مفوضية الانتخابات الأربعاء الماضي أنها حسمت جميع الطعون المقدمة على نتائج انتخابات مجلس النواب، مبينة أن الهيئة القضائية في المفوضية قررت استبدال أربعة مرشحين في أربع محافظات. واستبعدت مفوضية الانتخابات «حصول تغييرات كبيرة تؤثر في نتائج الانتخابات» بعد الانتهاء من تدقيق الطعون.

ويمهد التصديق على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية لبدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة المقبلة في العراق. من جهته، أكد الخبير القانوني طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق، أنه بتصديق المحكمة الاتحادية العليا على النتائج الانتخابية تكون المرحلة الانتخابية قد انتهت وبدأت المرحلة البرلمانية. وقال حرب في بيان إن «المادة 54 من الدستور أوجبت على رئيس الجمهورية، وهو هنا نائب رئيس الجمهورية، إصدار مرسوم جمهوري يتضمن دعوة الفائزين لعقد الجلسة البرلمانية الأولى، وتحديد موعد لهذه الجلسة». وأضاف أن «الموعد الذي يجب أن يقرره رئيس الجمهورية لا يتعدى 15 يوما من تاريخ التصديق».

وفي ظل أخطر أزمة سياسية وأمنية حادة تشهدها البلاد، فإنه في الوقت الذي دعت فيه بعض القوى السياسية إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني - فإن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يرى أن البلاد الآن لم تعد بحاجة إلى قانون للطوارئ الذي كان رفضه البرلمان الأسبوع الماضي بوجود ما سماه قانون السلامة الوطنية وهو ما يمنحه الحق في تسيير شؤون البلاد بالطريقة التي «تحفظ الأمن والاستقرار»، على حد قوله أول من أمس لدى زيارته إحدى القطعات العسكرية.

من جهتها، عدت بعض الكتل السياسية أنه رغم الأزمة الراهنة فإنه لا ينبغي بعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات تخطي الاستحقاق الدستوري. وفي هذا السياق، أكد هادي الظالمي، المستشار الإعلامي لزعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات البرلمانية كانت محطة مهمة على صعيد تجسيد الاستحقاق الديمقراطي والدستوري، ومن ثم لا يمكننا التفريط فيها أو التهاون بسبب الوضع الحالي، لأننا جميعا ضد الإرهاب ونقف مع الوطن بالضد من أي هجمة ظلامية تستهدفه، لكننا نرى أن المضي في الخيار الدستوري أمر في غاية الأهمية، لأنه ربما يكون أحد أهم العوامل التي من شأنها إنهاء حالة التأزم والخلل الأمني والسياسي التي عشناها طوال السنوات الماضية». وأضاف الظالمي أنه «في ضوء ذلك، لا بد من المضي في هذا الطريق، شريطة أن تكون هناك بداية جديدة، وأن تتفق الكتل السياسية فيما بينها على تشكيل حكومة جديدة بشراكة حقيقية، مع عدم منح السيد المالكي ولاية ثالثة»، مبينا «أننا بحاجة الآن وأكثر من أي وقت مضى لحكومة حقيقية ودستورية تخرج العراق من أزماته».

من جهته، أكد القيادي الكردي مؤيد طيب، الذي شغل منصب الناطق الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني في الدورة البرلمانية المنتهية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحديث كان جرى خلال الفترة الماضية على تشكيل حكومة إنقاذ وطني، ولكن بسبب الصراعات والخلافات السياسية المحتدمة فإننا نرى أن الحديث في هذا الاتجاه إنما هو نوع من العبث السياسي بسبب أن الكتل السياسية غير قادرة على الاتفاق على أي شيء». وشدد طيب على أن «الحل يتمثل في المضي في المسار الدستوري وفي ضوء نتائج الانتخابات، ومن ثم تشكيل حكومة ائتلافية ذات تمثيل عريض وهي التي يمكن أن يعول عليها في إخراج البلاد من أزماتها».