بريطانيا تحذر من الذهاب إلى سوريا تحت أي ذريعة.. وإسبانيا تفكك خلية جهادية

وزير شؤون الهجرة والأمن في داخلية لندن قال لـ «الشرق الأوسط» إن بلاده ستتخذ «أقصى التدابير الأمنية»

الشرطة الإسبانية لحظة اعتقالها أحد عناصر الشبكة الجهادية التي أعلنت تفكيكها في مدريد أمس (إ.ب.أ)
TT

في وقت تتصاعد فيه المخاوف الأوروبية من «الجهاديين» الأوروبيين الذين انخرطوا ضمن الجماعات المسلحة المقاتلة في سوريا، والآن في العراق، أكدت بريطانيا عزمها اتخاذها «أقصى التدابير الأمنية» لحماية أمنها الوطني، محذرة الجميع من التوجه إلى هناك بصرف النظر عن هدف الذهاب، مؤكدة وجود 400 مقاتل بريطاني في صفوف الكتائب المقاتلة في سوريا دربوا لتنفيذ هجمات في الغرب. وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية تفكيك شبكة تجنيد جهاديين، يتزعمها معتقل سابق في غوانتانامو، وتوقيف ثمانية أشخاص، بينما كشفت تقارير عن مقتل عشرة هولنديين على الأقل في سوريا والعراق في هجمات انتحارية.

وقال وزير شؤون الهجرة والأمن في الداخلية البريطانية جيمس بروكنشاير لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده ستتخذ أقصى التدابير الأمنية لحماية أمنها الوطني بما في ذلك ملاحقة ومقاضاة من يخرقون القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وأضاف: «حتى أولئك الذاهبون للقيام بأعمال إنسانية قد يستهدفون من قبل الجماعات الإرهابية لتجنيدهم، ولهذا نحذر الجميع بغض النظر عن هدف الذهاب إلى سوريا».

وأكد بروكنشاير أن حكومة بلاده ضد السفر إلى سوريا، مطالبا من يرغبون في القيام بأعمال إنسانية بالتطوع أو التبرع عبر الجمعيات البريطانية المسجلة رسميا، وأن أي مخالفة لذلك سيتخذ بحق المخالف الإجراءات القانونية اللازمة.

وأوضح بروكنشاير بشأن الآليات المتبعة لحماية المملكة المتحدة من هجمات محتملة من البريطانيين المقاتلين في سوريا، قائلا: «هناك آليات متبعة تعمل عليها الأجهزة الأمنية المختصة بشكل متواصل للتأكد من هويات الأشخاص المشتبه بذهابهم إلى سوريا سواء أكانوا من الجنسية البريطانية أو غيرها، وذلك عبر المنافذ الحدودية المختلفة لبريطانيا».

وأكدت مصادر في الداخلية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» صحة الأرقام المتداولة أن أكثر من 400 بريطاني توجهوا للقتال في سوريا لكن بشكل فردي ودربوا للقيام بأعمال عدائية ضد الدول الغربية. وتتوقع الجهات الأمنية في لندن أن الخطر لا يقف عند المقاتلين المشتبه بهم، بل يتجاوزهم إلى الذاهبين لأجل العمل الإنساني، حيث يتوقع أن يعودوا بأفكار متطرفة تمثل خطرا على المجتمع. وأضافت المصادر أن الشعب السوري ناشد المجتمع الدولي أنه ليس بحاجة إلى الطاقات البشرية بل إلى المساعدات العسكرية والمالية. وحسب الداخلية البريطانية فإن أجهزة المباحث والشرطة تعمل على التعرف على هويات المشتبه بهم وإجراء مقابلات شخصية في المنافذ الحدودية البريطانية للتأكد من عدم صلة المستجوبين بالجماعات الإرهابية في سوريا أو حتى وجود أي رابط يدل على ذلك. وتؤكد الداخلية البريطانية في تصريحات خاصة أنها ليست ضد العمل الإنساني وإنما للتأكد من عدم تجنيد مواطنيها من قبل الجماعات الإرهابية، مضيفة أن الطريقة الوحيدة المثلى لمساعدة السوريين هي عبر التطوع والتبرع من خلال الجمعيات الخيرية المسجلة رسميا في بريطانيا، وأي تجاوز لذلك يعد مخالفة للقانون.

وفي تقرير عن عمليات الشرطة البريطانية ضد المشتبه بانتمائهم إلى جماعات إرهابية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، توضح الإحصاءات ارتفاعا في نسبة من قبض عليهم في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران) 2012 مقارنة بالفترة من يوليو (تموز) 2011 وحتى يوليو 2013.

ومنذ الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 وحتى كتابة هذا التقرير فإن السلطات البريطانية ألقت القبض على 2547 شخصا - أطلق سراح نسبة كبيرة منهم - بتهم مرتبطة بالإرهاب 15 في المائة كانوا يحضرون لأعمال إرهابية، بينما تسعة في المائة من المقبوض عليهم متعلقة بالجوانب التمويلية. وبرأت الجهات القضائية البريطانية 104 أشخاص من بين مجمل المقبوض عليهم منذ سبتمبر 2001 وحوكم 489 شخصا بينهم 385 ثبت تورطهم. ومن بين هؤلاء الـ385 الذين ثبتت التهم بحقهم فإن 25 في المائة منهم كانوا يحضرون لعمليات إرهابية، بينما 16 في المائة منهم كانوا يجمعون معلومات لاستخدامها في عمليات إرهابية. ومن بين الـ2547 شخصا أوقفوا في فترات مختلفة خلال السنوات الأربع عشرة الماضية فإن 1288 منهم، أي ما نسبته 51 في المائة من إجمالي العدد، يحملون الجنسية البريطانية.

وكانت مراكز دراسات غربية نشرت مطلع العام الحالي أن أكثر من ألفي مقاتل غربي توجهوا للقتال في سوريا منذ بداية الأزمة في 2011. حيث حصلت القارة الأوروبية على النسبة الكبرى لهؤلاء المقاتلين. وكانت الجماعات المسلحة في سوريا نشرت مقاطع لعدد من الغربيين قبل قيامهم بعمليات انتحارية، كان آخرهم شخص يدعى «أبو هريرة الأميركي».

وفي مدريد، أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية تم تفكيك شبكة تجنيد جهاديين يقاتلون في سوريا والعراق، كان قائدها معتقلا سابقا في غوانتانامو، وتوقيف ثمانية أشخاص في إسبانيا.

وقالت الوزارة في بيان «إن القائد الأكبر لهذه الخلية يقيم في إسبانيا بعد مروره في قاعدة غوانتانامو العسكرية (الأميركية) على إثر توقيفه في أفغانستان في 2001». وأضافت أن هذه «الشبكة الدولية لتجنيد جهاديين وإرسالهم للاندماج في تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام-داعش) الإرهابي موجودة في سوريا وفي العراق».

وفي سياق متصل، قال ديك شوف مدير الوكالة الهولندية لمكافحة الإرهاب إن النجاحات العسكرية الأخيرة لتنظيم (داعش) ستشجع دفعة جديدة من المقاتلين الجهاديين الأوروبيين على التوجه إلى منطقة الشرق الأوسط. وأضاف في مقابلة أجرتها معه القناة الهولندية العامة: «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أصبح تنظيما جديدا يمكن للجهاديين القادمين من هولندا أو أوروبا الانضمام إليه وهذا يقلقني». وفي رسالة موجهة إلى البرلمان أمس أكد وزير الخارجية الهولندي فرانس تيمرمانز أن «الكثير من المقاتلين الجهاديين الهولنديين (في سوريا) التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام».

وتوجه أكثر من 100 هولندي حتى الآن إلى سوريا للقتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقال التلفزيون بأن عشرة من هؤلاء الهولنديين على الأقل قتلوا في سوريا بعدما نفذوا هجوما انتحاريا واحدا على الأقل في سوريا وآخر في العراق.

وكان الاتحاد الأوروبي حذر في وقت سابق هذه السنة من العدد المتزايد للمسلمين الأوروبيين الذين ينضمون إلى هذه المجموعات المتطرفة في سوريا والصومال والسودان.

وكانت السلطات الهولندية حذرت من أنها ستصادر جواز سفر أي شخص يشتبه بأنه يريد التوجه إلى الشرق الأوسط للقتال إلى جانب الجهاديين، ومن إلغاء المنح الدراسية المخصصة للطلاب الذين يريدون التوجه إلى سوريا للقتال.