النظام السوداني.. واللعبة المميتة!

د. زهير السراج

TT

يبدو أن «اللانظام» الحاكم في الخرطوم لا يزال يعرّض الأمن القومي السوداني ومصالح السودان والسودانيين وحياتهم للخطر بممارساته غير المسؤولة وتحالفاته المشبوهة مع الدول والجماعات المتأسلمة المتطرفة المحلية والإقليمية والدولية.. ابتداء من المجموعات المحلية المتطرفة التي تحتضنها قيادة الدولة وتتبنى آراءها الظلامية وتلتزم فتاواها الخاطئة في الدين والسياسة وكل مجالات الحياة الأخرى، مرورا بالجماعات المسلحة في ليبيا، وليس انتهاء بتعاونه الوثيق والموثق مع تنظيم القاعدة والمجموعات التي تفرعت منها في السابق والحاضر.. بالإضافة إلى استخدامه لمرتزقة «الجنجويد» مقابل مليارات الدولارات على حساب قوت الشعب المسكين، واستخدام المرتزقة الأجانب من روس وأوكرانيين وغيرهم لقيادة الطائرات الحربية وقصف مناطق المدنيين في مناطق الحروب الأهلية، وذلك بسبب رفض الطيارين السودانيين القيام بتلك العمليات الإجرامية! أما دوليا، فلقد ظل هذا «اللانظام» يتحالف مع النظامين الإيراني والتركي بالإضافة إلى دولة عربية صغيرة في محاولة فاشلة وخطيرة للإضرار بالأمن القومي العربي وتهديد أمن المنطقة وزعزعة استقرارها بتحريض وتسليح وتمويل المجموعات الإرهابية لتنفيذ عمليات إرهابية في بعض الدول، خصوصا مصر وليبيا بعد فشل جماعات التيار المتأسلم الفاسدة في بسط سيطرتها على دول ما يسمى الربيع العربي وتنفيذ مخططاتها بفضل مقاومة التيار الشعبي العريض الرافض لأفكار تلك الجماعات الإرهابية وممارساتها الفاسدة! كان من الممكن أن نفهم أهمية ذلك التحالف المشبوه للسودان، وربما ندعو له ونقف معه لو كان يسعى لخير السودان ومصالح شعبه بإنشاء مشاريع تنمية من أي نوع من الأنواع وفي أي مجال من المجالات تنهض بالمستوى الاقتصادي للدولة والمستوى الاجتماعي للشعب، ولكنه للأسف تحالف محوره الأساسي والوحيد هو نشر الدمار والفوضى والاقتتال وسفك الدماء بإنشاء مصانع السلاح لتسليح الأنظمة الفاسدة ضد شعوبها وتسليح الإرهابيين لنشر الفوضى والدمار في المنطقة.. وما مصنع اليرموك الذي دمرته إسرائيل والمحاولات الكثيرة لتهريب السلاح من وعبر السودان إلى الدول المجاورة إلا خير دليل على فعاليات ذلك الحلف المشبوه واهتماماته..! ظل «اللانظام» السوداني للأسف الشديد، رغم قلة حيلته وضعفه وعدم قدرته على المواجهة إذا ما قررت الدول العربية التي يخاصمها ويختلف معها ذلك الحلف المشبوه مواجهته ومعاقبته.. ظل مُصرّا على إطاعة سادته في إيران وتركيا وغيرهما والضلوع في كل الأنشطة التي يقوم بها الحلف، بل كان ولا يزال هو الواجهة لكل ما يقوم به الحلف المشبوه في منطقة البحر الأحمر من أنشطة إرهابية وأعمال استفزازية عدائية للدول العربية التي تعارض سياساته وممارساته الإرهابية الفاسدة.. مثل مصر وجل الدول الخليجية.

إحدى الألاعيب الهزلية التي ما فتئ السودان يشارك فيها بغرض تهديد الأمن القومي العربي هي الزيارات الاستفزازية للسفن الحربية الإيرانية لميناء بورتسودان وما تحمله من رسائل تهديد وتحذير واضحة لمصر والسعودية وغيرهما بإمكانية القيام بعمل عسكري ضدهما انطلاقا من السودان إذا لزم الأمر، ولقد ظلت الدولتان الكبيرتان تلتزمان الحكمة والصمت إزاء تلك الممارسات الاستفزازية رغم إمكانهما القيام بأعمال، ليس بالضرورة أن تكون عسكرية، تقود إلى الإضرار بمصالح السودان! الآن توسع السودان والحلف المشبوه الذي يقف وراءه في ممارسة تلك اللعبة الخطرة بالإعلان عن زيارة سفن حربية تركية لميناء بوتسودان في الفترة بين 16 و20 يونيو (حزيران) الحالي، في رسالة واضحة للنظام المصري الجديد الذي يبدو أن الحكومة التركية تعاديه بشدة وتعمل كل ما في وسعها لإزالته من الوجود.. بأن تركيا لن تألو جهدا في زعزعة هذا النظام الجديد وتقويضه وأن نقطة الانطلاق ستكون الدولة السودانية، الجارة الجنوبية القريبة من مصر..

يصر النظام السوداني على المشاركة في هذه اللعبة الخطرة رغم أزماته الكبيرة التي تتطلب منه الحرص والحذر وكسب كل الدول إلى جانبه، خصوصا إذا كانت في مثل أهمية مصر والسعودية اللتين تربطهما مصالح كبيرة وعلاقات تاريخية متجذرة بالسودان لا ترقى إليها بأي حال من الأحوال علاقات أو مصالح تركيا وإيران مع السودان، فما الذي يسعى إليه هذا النظام المتهالك.. أم أنه وصل إلى المرحلة التي لم يعد فيها قادرا على إبداء أي رأي في ما تفعله به تركيا وإيران وغيرهما حتى ولو كان سيلقى به إلى التهلكة؟!

* كاتب صحافي سوداني