ارتفاع النفط لأعلى مستوياته في تسعة أشهر بفعل الوضع في العراق

الصين تجلي عاملين في شركاتها

ارتفع خام برنت مقتربا من 115 دولارا للبرميل أمس بفعل مخاوف من أن القتال المحتدم في العراق قد يقلص إمدادات النفط من ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك (أ.ف.ب)
TT

ارتفع خام برنت لأعلى مستوياته في تسعة أشهر مقتربا من 115 دولارا للبرميل أمس (الخميس) بفعل مخاوف من أن القتال المحتدم في العراق قد يقلص إمدادات النفط من ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك.

وتقاتل قوات الحكومة متشددين سنة للسيطرة على أكبر مصفاة نفطية في البلاد، حيث ينتظر رئيس الوزراء نوري المالكي رد الولايات المتحدة على طلبه بشن ضربات جوية لدرء الخطر عن بغداد.

وأصبحت مصفاة بيجي التي تقع في الشمال بالقرب من تكريت على بعد 200 كيلومتر من العاصمة ساحة للمعارك، حيث تصدت القوات الموالية للحكومة التي يقودها الشيعة لمقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وحلفائهم الذين هاجموا منطقة المصفاة وهو ما يهدد إمدادات الطاقة في البلاد.

وإذا استمرت المصفاة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 300 ألف برميل يوميا مغلقة لفترة طويلة فإن بغداد ستحتاج لاستيراد منتجات نفطية لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي وهو ما يزيد من شح الإمدادات في أسواق النفط.

ويتأهب خام برنت ليوم ثالث من المكاسب عقب ارتفاعه أكثر من أربعة في المائة الأسبوع الماضي بعد أن استولى مسلحون إسلاميون على معظم شمال العراق.

وزاد خام برنت 30 سنتا إلى 56.‏114 دولار للبرميل بحلول الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش بعدما صعد في وقت سابق من الجلسة إلى 80.‏114 دولار مسجلا أعلى مستوياته منذ التاسع من سبتمبر (أيلول).

من جهتها، تعافت أسعار العقود الآجلة للنفط الأميركي في أوائل التعامل في آسيا أمس متجاوزة 106 دولارات بعد هبوطها الجلسة السابقة، إذ لاقت دعما من المخاوف من احتمال تعطل الإمدادات بسبب الاضطرابات في العراق.

وتراجع الخام أول من أمس (الأربعاء) ليسجل أدنى مستوياته منذ 11 من يونيو (حزيران) بعدما أظهرت بيانات للحكومة الأميركية، أن مخزونات الخام التجارية في الولايات المتحدة هبطت أقل كثيرا مما أورده تقرير معهد البترول الأميركي.

وبحلول الساعة 00:30 بتوقيت غرينتش في التعاملات الإلكترونية لبورصة نايمكس ارتفع سعر العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف لتسليم يوليو (تموز) 22.‏0 دولار إلى 19.‏106 دولار للبرميل بعد إغلاقه عند التسوية أول من أمس منخفضا 39 سنتا إلى 97.‏105 دولار.

وانخفض سعر عقود مزيج النفط الخام برنت لتسليم أغسطس (آب) سنتا واحدا إلى 25.‏114 دولار للبرميل. وكان العقد ارتفع عند التسوية يوم الأربعاء 81 سنتا إلى 26.‏114 دولار للبرميل.

وبحسب «رويترز» قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تقريرها الأسبوعي، إن مخزونات الخام الأميركية هبطت 579 ألف برميل إلى 5.‏386 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 13 من يونيو، وهو ما يقل كثيرا عن التراجع البالغ 7.‏5 مليون برميل في تقرير معهد البترول الأميركي.

وأكدت الولايات المتحدة أول من أمس أن الهجوم الذي شنه جهاديون عراقيون على مصفاة بيجي النفطية الواقعة شمال بغداد لم يؤثر إلا بشكل طفيف على صادرات بغداد من النفط الخام، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية ستضطر بالمقابل لاستيراد مشتقات نفطية مؤقتا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي، إن مصفاة بيجي التي هاجمها مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) «تنتج للاستهلاك المحلي».

وأضافت: «بما أن الإنتاج توقف منذ أيام كثيرة (..) فقد تضطر السلطات إلى استيراد النفط من الدول المجاورة».

ولكن بساكي أكدت أنه «ليس هناك تأثير على صادرات العراق من النفط الخام ونحن لم نلحظ اضطرابات كبرى في الإمدادات النفطية في العراق».

وأكد المتحدثة أن حكومتها تراقب «على الدوام» حركتي العرض والطلب على النفط في السوق العالمية.

وشن متمردو «داعش» فجر أول من أمس (الأربعاء) هجوما على مصفاة بيجي، كبرى المصافي العراقية، وقد دارت بينهم وبين القوات الحكومية معارك خلفت 40 قتيلا، بحسب بغداد.

من جهتها، قالت الصين أمس إنها تستعد للمساعدة في إجلاء عدد صغير من الأشخاص يعملون لصالح شركات صينية في العراق وجددت عرضها مساعدة العراق في محاربة الإرهاب رغم امتناعها عن قول ما إذا كانت ستقدم دعما عسكريا.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية قالت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي أمس، إن الغالبية العظمى من العمال العشرة آلاف موجودون في مناطق آمنة من البلاد، لكن يجري إجلاء عدد صغير من مناطق غير آمنة.

وأضافت: «سنقدم مساعدة كاملة لإجلاء العاملين بالشركات الصينية الموجودين في مناطق أشد خطورة إلى مناطق آمنة» ولم تذكر أرقاما أو تفاصيل بشأن تلك الشركات.

وقالت إن سفارة الصين في العراق والسفارات بالدول المجاورة طلبت المساعدة بشأن إجراءات الدخول والخروج، لكنها لم تذكر تفاصيل أيضا بشأن عدد من سيغادرون العراق فعليا.

وقال مسؤولون في شركة بتروتشاينا أكبر مستثمر منفرد في قطاع النفط العراقي، أن الشركة بصدد سحب بعض عمالها من العراق، لكن الإنتاج لم يتأثر بعدما شن متشددون إسلاميون هجوما في شمال العراق يهدد بتفكيك البلد ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك. والصين أكبر عميل للنفط العراقي وتملك شركاتها الحكومية - ومنها مجموعة سنيوبك وسينوك - معا أكثر من عشرة في المائة من مشروعات النفط العراقية بعدما حصلت على بعض العقود من خلال عطاءات في عام 2009.

وقالت هوا إن الصين قلقة للغاية من تصاعد العنف في العراق وتقدم مسلحي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام التي سيطرت على مناطق كبيرة في الشمال مع انهيار قوات الحكومة المركزية.

وقالت هوا: «الإرهاب تهديد مشترك تواجهه كل الدول وعلى المجتمع الدولي مسؤولية مشتركة لمحاربته وله مصلحة في الحفاظ على أمن واستقرار العراق وينبغي له تقديم المساعدة والدعم لإعادة بناء العراق ومحاربة الإرهاب».

وأضافت: «الصين مستعدة لمواصلة تقديم كل ما بوسعها تقديمه من مساعدة وفقا للاحتياجات الفعلية للعراق لإعادة البناء ومحاربة الإرهاب»، رافضة التعليق بشأن ما إذا العراق قد قدم أي طلب محدد للمساعدة.

وقالت دونما إسهاب: «وبخصوص ما إذا كان سيحدث تدخل عسكري.. فإننا سنقدم كما فعلنا دائما كل المساعدات الممكنة بما يتفق مع وضعنا والمبادئ التي تبنيناها دائما».

ولطالما تبنت الصين مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ولم ترسل خلال العقود الماضية قوات عسكرية للتدخل بشكل مباشر في أزمات خارجية رغم أن جيشها يشارك في عمليات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة ودوريات لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال.

من جانبه، قال وزير الطاقة التركي تانر يلدز أمس، إن الطلب الإضافي في العراق على الوقود التركي بسبب الهجوم على مصفاة بيجي سيزيد الضغط على طاقة التصدير المحدودة عبر الحدود بين البلدين.

وتقاتل القوات العراقية متشددين سنة للسيطرة على أكبر مصفاة في البلاد أمس (الخميس)، بينما ينتظر رئيس الوزراء نوري المالكي ردا أميركيا على طلبه توجيه ضربات جوية لدرء تهديد المسلحين لبغداد.

وقال الوزير للصحافيين خلال زيارة لموسكو، إن الطلب العراقي على المنتجات النفطية المكررة التركية قد يسبب اختناقا عند المعبر الحدودي مع شمال العراق، وإن من غير الواضح ما إذا كان بوسع تركيا تلبية الطلب بالكامل.

وأضاف: «هذه الزيادة في الطلب على المنتجات النفطية المكررة ستؤدي إلى تزايد النشاط عبر معبر خابور الحدودي. الظروف المادية بما فيها المخاوف الأمنية ستحدد إمكانية تلبية الطلب».

وكان العراق أكبر مورد للنفط الخام إلى تركيا في 2013 ويشتري منها المنتجات المكررة، لا سيما الديزل لتلبية الطلب الكبير على الكهرباء.

وقال يلدز: «المصفاة كانت تزود شمال العراق، لكنها عاجزة عن ذلك حاليا. نمد المنطقة ببعض الوقود بالفعل».

ودعت تركيا مواطنيها أول من أمس إلى مغادرة العراق باستثناء إقليم كردستان الشمالي وأرجعت ذلك إلى معركة محتملة حول بغداد، وقالت إن دعاية سلبية يجري ترويجها ضدها في الجنوب الذي يهيمن عليه الشيعة.

في الوقت نفسه، استمر تدفق النفط عبر خط أنابيب كردستان إلى تركيا، ومن المقرر أن يجري في مطلع الأسبوع المقبل تحميل ثالث شحنة تصدرها كردستان بشكل مستقل عن بغداد إلى الأسواق العالمية. وقال يلدز، إن شراء النفط الخام من كردستان أحد الخيارات المطروحة.

وأضاف أن شركة «(توبراش) لم تقدم حتى الآن عروضا لشراء هذا النفط، لكنها قد تفعل في الفترة القادمة».