إخراج: بيلي وايلدر Billy Wilder أدوار أولى: كيرك دوغلاس، جان سترلينغ، روبرت آرثر تقييم الناقد: (*3) إعادة إطلاق «فارس في الحفرة» على أسطوانات DVD حاليا، تعيد طرح السؤال الكبير حول حياة من هي الأهم: الضحية أم من يكتشف حاجتها للحياة فيسعى لاستغلالها؟ صحافيا، هناك من يستثمر مأساة البشر لمصلحته الخاصّة وتقدّمه المهني وارتقائه إعلاميا و - بالتأكيد - ماديا. لكن السينما لم تضع هذه القيم تحت مجهر الاختبار بفاعلية إلا مرّة واحدة هي تلك التي حوّلت فيها سيناريو وضعه المخرج وايلدر مع كاتبين آخرين (لسر سامويلز وولتر نيومان) إلى فيلم حمل عنوانين هما «آص في الحفرة» (وهو الأكثر انتشارا) و«الكرنفال الكبير».
بطل الفيلم في هذا الفيلم المنتج سنة 1951 هو شريره. كيرك دوغلاس في شخصية صحافي صغير الشأن كبير الطموحات يكتب في صحيفة محلية في بلدة لا تُرى على الخريطة بوضوح في ولاية نيومكسيكو ويطمح لأن يعود للعمل في صحيفة نيويوركية. الفرصة تتراءى له عندما يعلم بوجود رجل (ريتشارد بنديكت) عالق في شق من الأرض سقط فيه بينما كان يبحث عن أيقونات هندية. يهرع إلى المكان لا للمساعدة بل ليكون أول من ينقل الحكاية للصحيفة الكبيرة لعلها بعد ذلك تطلبه للعمل فيها. بذلك، تصبح مأساة الرجل ثانوية الشأن لدى الصحافي، الذي يسعى لاحقا لإعاقة عملية الإنقاذ باقتراح وسيلة تستنفذ وقتا أطول يواصل خلالها نقل الحكاية للقراء. مسعاه هذا يتم بترويض الشريف (راي تيل) الذي يسعى لإعادة انتخابه، فيعده الصحافي بالكتابة عنه مقابل اعتماد الطريقة الأبطأ للإنقاذ، كما عرقلة عمل الصحافيين الآخرين حتى لا ينافسوا الصحافي الأول على القصّة.
الفيلم قوّة ضمنية داهمة، لكنها ليست بالتحديد صائبة. الجميع هنا، بمن فيهم الضحية، خاطئون ولو أن أسوأهم هو ذلك الصحافي الذي يريد استغلال زوجة الضحية بالطلب منها أن تمثّل دور المرأة الحزينة والمتألمة لمصاب زوجها (مما يعني أنها ستمثّل ذلك لأنها في الواقع لا تكترث كثيرا). الناس العاديون هم أيضا مدانون هنا، فما إن ينتشر الخبر حتى يتهافت الناس تهافتا إلى المكان مثل سيّاح تواردوا لمشاهدة معالم أثرية ستندثر. مع هؤلاء انتشر الباعة الجائلون والمستثمرون الصغار كل يريد أن يحقق ثروة ما خلال أيام المحنة. كل واحد حقق ربحا ما على حساب الضحية التي لا تستطيع الحراك من مأزقها.
في نهاية المطاف لم يصل فريق الإنقاذ إلى الرجل العالق في الوقت المناسب فمات. وها هو الصحافي يدرك سوء ما فعله ويثور.
هناك ثغرات في منطقية الأحداث مثل انصياع المسؤولين لاقتراح الصحافي وتطويل أجل المعاناة. كذلك هناك ذلك الوضع غير المقنع حول صحافي يكتشف كم كان مخطئا فيندم وقت لا ينفع الندم، وبسرعة وبتلقائية جاهزة.
لكن وايلدر يستقوي على هذا الضعف بدفع رسالته إلى الأمام طوال الوقت قاصّا الحكاية على نحو مدهم. لكن الرجل لم يستطع، بموضوع كهذا، أن يستقطب الإعلام ولا النقاد. وحتى الجمهور رفض مجاراة الحكاية التي تدين كل شيء. لاحقا ما راجعه نقاد السبعينات ووجدوه أفضل مما وجده نقاد الجيل السابق فرفعوه إلى مستوى آخر. عمليا، ليس أفضل أفلام وايلدر، لكنه أساسي لمتتبعيه.