تقف نيجيريا حائلا بين فرنسا ومواصلة الحلم بتكرار إنجاز 1998 وذلك عندما يتواجه الطرفان اليوم على ملعب «استاديو ماني غارينشا الوطني» بالعاصمة برازيليا في الدور الثاني من مونديال البرازيل 2014.
ما هو مؤكد أن الجمهور الفرنسي وضع خلفه «مهزلة» مونديال جنوب أفريقيا 2010 حين ودع «الديوك» من الدور الأول وسط عصيان اللاعبين اعتراضا على استبعاد زميلهم نيكولا أنيلكا من المنتخب بسبب مشكلة مع المدرب ريمون دومينيك 2010.
وقد قدم فريق المدرب ديدييه ديشامب أداء مميزا حتى الآن في النسخة العشرين من العرس الكروي العالمي خصوصا في مباراتيه الأوليين حين تغلب على هندوراس 3 - صفر وسويسرا 5 - 2، بفضل ثلاثة أهداف من كريم بنزيمة الذي كان خلف هدفين آخرين، قبل أن يتعادل في الجولة الأخيرة أمام الإكوادور صفر - صفر دون أن يؤثر ذلك على تأهله أو تصدره للمجموعة الخامسة.
وكانت فرنسا تمني نفسها بالخروج فائزة من مبارياتها الثلاث في الدور الأول للمرة الأولى منذ حملة التتويج التاريخي على أرضها عام 1998، لكن منتخب «الديوك» اكتفى بالتعادل السلبي رغم تفوقه العددي منذ بداية الشوط الثاني.
وتصدر المنتخب الفرنسي الذي خرج فائزا من المباراتين الأوليين للمرة الأولى منذ 1998، برصيد سبع نقاط بفارق نقطة عن سويسرا التي حصلت على البطاقة الثانية في المجموعة.
وتمني فرنسا النفس بأن يقف التاريخ إلى جانبها مجددا في مواجهتها الأولى على الصعيد الرسمي مع نيجيريا (تواجها وديا مرة واحدة عام 2009 وفازت نيجيريا 1 - صفر في سانت إتيان)، لأن منتخب «الديوك» وصل على الأقل إلى الدور نصف النهائي في المناسبات الخمس الأخيرة التي تجاوز فيها الدور الأول، وذلك عام 1958 (حل ثالثا) و1982 (حل رابعا) و1986 (حل ثالثا) و1998 (توج باللقب) و2006 (وصل إلى المباراة النهائية).
أما بالنسبة لنيجيريا، فقد بلغ منتخب «النسور الممتازة» الدور الثاني للمرة الثالثة في تاريخه، بعد 1994 و1998، رغم خسارته في الجولة الأخيرة للمجموعة السادسة أمام الأرجنتين 2 - 3.
ويدين فريق المدرب ستيفن كيشي بتأهله إلى البوسنة والهرسك التي قدمت له خدمة جليلة بفوزها على إيران 1 - صفر.
ويأمل بطل أفريقيا أن يصبح رابع منتخب من القارة السمراء يصل إلى الدور ربع النهائي بعد الكاميرون (1990) والسنغال (2002) وغانا (2010)، لكن المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق في مواجهة المنتخب الفرنسي الذي خاض لقاءه الأخير بستة تعديلات على التشكيلة التي اكتسحت سويسرا.
وسيخوض «الديوك» موقعة الدور الثاني بكامل أسحلتهم، ولا يحوم الشك سوى حول مامادو ساخو الذي يعاني من إصابة في فخذه قد تحرمه من المشاركة في المباراة.
وأصيب ساخو (24 عاما و22 مباراة دولية) بتقلص عضلي أمام سويسرا، لكنه لم يحل دون مشاركته أمام الإكوادور قبل أن يخرجه ديشامب في الشوط الثاني لمصلحة رافاييل فاران، وهو خضع الجمعة الماضي للفحوصات التي كانت نتيجتها «مطمئنة» بحسب الطاقم الطبي للمنتخب، لكن يجب عليه مواصلة العلاج.
وعاود ساخو تمارينه أول من أمس، لكنه اتبع برنامجا خاصا بعيدا عن زملائه، وفي حال عدم تعافيه في الوقت المناسب للقاء نيجيريا، فسيكون لوران كوسييلني جاهزا للحلول مكانه من أجل شغل مركز قلب الدفاع إلى جانب فاران.
وقال باكاري سانيا عن كوسييلني، زميله السابق في آرسنال الإنجليزي: «إنه أحد أفضل المدافعين في العالم. يقدم الكثير لآرسنال. أن أوكل إليه اللعب في الجهة اليسرى أو اليمنى من قلب الدفاع، فلا مشكلة لديه. بإمكانه اللعب بالقدمين..».
والمشكلة الوحيدة التي يشكلها كوسييلني الذي لعب أساسيا ضد الإكوادور، للمنتخب الفرنسي هي حالته الذهنية وقدرته التركيزية في المباريات، خصوصا أنه اعتاد على فقدان أعصابه في اللحظات الحاسمة على غرار ما حصل في الملحق القاري المؤهل إلى البرازيل 2014 ضد أوكرانيا حين تسبب بخسارة بلاده في لقاء الذهاب (صفر - 2) بعدما منح أصحاب الأرض ركلة جزاء ثم طرد بسبب صفعه لاعبا خصما.
وتسببت تلك المباراة في إبقاء كوسييلني على مقاعد احتياط فرنسا حتى لقاء الإكوادور، لكنه قد يكون أساسيا في مباراة نيجيريا أيضا في حال لم يتعاف ساكو من إصابته.
وسيكون الهم الأساسي لفرنسا التعامل مع الهجمات المرتدة السريعة لنيجيريا، بحسب ما أكد لوكاس دينيي الذي لعب أساسيا ضد الإكوادور، بقوله: «إنه فريق ينطلق بسرعة نحو الهجوم بفضل مهاجميه السريعين. يجب أن نكون حذرين».
أما أوليفييه جيرو الذي نزل في الشوط الثاني خلال لقاء الجولة الأخيرة من الدور الأول، فقال: «لقد تمكنوا من مقارعة الأرجنتين. ننتظر معركة بدنية قوية»، فيما قال ماتيو فالبوينا: «هم لم يتوجوا بكأس الأمم الأفريقية الأخيرة من فراغ. سنواجه فريقا عنيدا جدا، قويا بدنيا ولا يتوانى عن توجيه الضربات».
وكان الحارس فينسينت إينييما، الذي يلعب في الدوري الفرنسي مع ليل، على لسان معظم لاعبي فرنسا إضافة إلى لاعب الوسط بيتر أوديموينغي الذي دافع أيضا عن ألوان ليل (ستوك سيتي الإنجليزي حاليا).
ومن المتوقع أن يعاني الفرنسيون من الحرارة المرتفعة والرطوبة، خصوصا أن المباراة تقام الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي، لكن مامادو ساكو أكد: «إننا سنتأقلم مع الوضع»، فيما ذكر ماتيو فالبوينا وبليز ماتويدي أنه «لا مجال للخطأ لأننا أصبحنا في الأدوار الإقصائية»، فيما أشار الحارس هوغو لوريس إلى أن «هناك إمكانية لأن تكون هذه المباراة الأخيرة لنا، يجب أن نخرج منها ونحن نشعر بأننا قدمنا خلالها كل شيء ممكن».
أما سانيا فكشف بدوره عن تحضيرات «الديوك» للتأقلم مع طقس برازيليا، قائلا: «ساعة المباراة ستتغير (قبل ثلاث ساعات من مباريات فرنسا السابقة). الأمر المثالي أن نستيقظ قبل الفطور بساعة، نحو الساعة الثامنة والنصف صباحا، ثم يجب أن نتغذى بشكل مختلف وآكل الكثير من المعكرونة. البعض ليس معتادا على النهوض باكرا عند التاسعة، لكني اختبرت ذلك في إنجلترا».
وعن نجاح فرنسا في هذا المونديال في حال عدم التأهل إلى ربع النهائي، تابع سانيا، 31 عاما، المنتقل أخيرا من آرسنال إلى مانشستر سيتي الإنجليزي: «سننجح إذا أكملنا المشوار حتى النهاية. بالنسبة لي سنكون قد فشلنا إذا لم نحرز اللقب. بعد المباريات الثلاث زادت ثقتنا بأنفسنا، لكننا نستعد بالطريقة نفسها ونريد إثبات الرغبة ذاتها. عندما تأهلنا إلى المونديال أردنا تقديم بطولة جيدة. الآن الهدف محدد، نحن على بعد أربع مباريات من اللقب ونريد الذهاب إلى النهاية، خطوة خطوة».
بدوره، توقع بنزيمة أن تكون مباراة نيجيريا مختلفة عما واجه المنتخب الفرنسي في لقاءاته الثلاثة خلال الدور الأول، مشددا على عدم اهتمامه بعدد الأهداف التي يسجلها بل ما يهمه هو ما يحققه المنتخب بأكمله.
وأضاف مهاجم ريال مدريد الإسباني الذي أهدر الكثير من الفرص التي كانت كفيلة بجعله يتصدر ترتيب الهدافين أو على الأقل مشاركة كل من الأرجنتيني ليونيل ميسي والألماني توماس مولر والبرازيلي نيمار (4 لكل منهم): «لقد تأهلنا، وبالتالي يجب أن يكون المرء سعيدا بذلك... الآن يجب الخلود للراحة واستعادة عافيتنا لكي نكون جاهزين 100 في المائة لمباراة الدور الإقصائي ضد نيجيريا. إنهم فريق جيد وقوي، لكن يجب علينا القيام بكل شيء من أجل الفوز».
وسيفتقد المنتخب النيجيري جهود لاعب الوسط مايكل بباتوندي الذي انتهى مشواره في النهائيات البرازيلية بعد تعرضه لكسر في معصمه خلال مباراة بلاده ضد الأرجنتين بسبب كرة سددها زميله أوغينيي أونازي الذي تحدث مازحا عن الحادثة، قائلا: «أقسم أنه كان هدفا محققا لولا يده»، متمنيا شفاء عاجلا لزميله الذي يحتاج إلى ثلاثة أسابيع على الأقل للتعافي من العملية الجراحية التي خضع لها في معصم يده اليمنى.