أرجئ إعلان النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الأفغانية أمس لعدة أيام، على خلفية الخلاف القائم حول شبهات التزوير التي تهدد أول عملية ديمقراطية في البلاد. ولم تنشر أول نتائج الدورة الثانية من الانتخابات كما كان متوقعا أمس، حسب ما أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة موضحة أنها تريد التدقيق في الأصوات الإضافية. وخاض الاقتراع في 14 يونيو (حزيران) الماضي الوزيران السابقان أشرف غني وعبد الله عبد الله الأوفر حظا بعد أن احتل الصدارة في الدورة الأولى بـ45 في المائة من الأصوات مقابل 31.6 في المائة لغني. ومن حينها، أعلن عبد الله أنه يرفض النتائج منددا بأعمال تزوير على نطاق واسع لصالح خصمه الذي يرى أنه فاز بإنصاف، إذ تقدم بأكثر من مليون صوت. وهذا المأزق السياسي قد يؤدي إلى عودة التوتر وأعمال عنف عرقية بين أنصار المعسكرين.
وأوضحت اللجنة الانتخابية أمس أنها تريد أولا «التحقق من شفافية» الاقتراع في نحو ألفي مركز تصويت من أصل ستة آلاف، يشتبه بأن عمليات تزوير حصلت فيها. وقالت شريفة زرماتي العضو في اللجنة «بدأنا بمراجعة الأصوات في ألفي مركز اقتراع تقريبا بعد أن قررت اللجنة التأكد من شفافية الاقتراع». وأضافت زرماتي أن إعلان النتائج «تأخر لعدة أيام حتى تنتهي عملية المراجعة التي نأمل أن تكون الجمعة وعندها سنحدد موعدا». وأشارت إلى أن «بعض الأصوات ستلغى خلال عملية المراجعة».
وأعرب فريق غني عن الأسف لهذا الإعلان لكنه قبل به. وصرحت متحدثة باسم المرشح أن «على اللجنة الانتخابية احترام الجدول الزمني، لكن إذا أتاح التأجيل شفافية فسنقبل به حتى وإن كان مخالفا للقانون الانتخابي الذي يحدد أن النتيجة يجب أن تعلن في مواعيدها، وإذا كانت هناك أصوات مزورة فيجب أن تلغى».
أما معسكر عبد الله فأصر على رفضه دون اقتراح حلول للخروج من المأزق. وقال جواد فيصل المتحدث باسم عبد الله لوكالة الصحافة الفرنسية «أعلنا أننا لن نقيم أبدا علاقات مع اللجنتين (اللجنة الانتخابية المستقلة ولجنة الشكاوى لانتخابية) وأن أي إعلان يصدر عنهما لن نقبل به». وتابع «فقدت اللجنتان شرعيتهما بالنسبة لنا. ليس لدينا مراقبون فيهما، وتعداد جديد لأصوات ألفي مركز اقتراع تقريبا لن يغير شيئا بالنسبة لنا».
وكانت الدورة الثانية للانتخابات الأفغانية بقيت في منأى من أعمال العنف التي تنفذها حركة طالبان ورحبت بها الأسرة الدولية. وفي اليوم التالي دان عبد الله التزوير الذي كاد يفقده فوزه. واتهم فريقه اللجنة الانتخابية المستقلة ومعسكر غني وحتى مسؤولين مقربين من الرئيس حميد كرزاي بالتورط في أعمال التزوير. وكان عبد الله قرر مقاطعة اللجنة بسحب مراقبيه منها. ورفض غني هذه الاتهامات، مؤكدا أن معسكره احترم قوانين الاقتراع المعمول بها.
وسيسمح الاقتراع بتعيين خلف لكرزاي الذي حمله الغربيون إلى سدة الحكم بعد سقوط نظام طالبان في 2001. وترى الجهات المانحة والدول الغربية أن نجاح الاقتراع أساسي لمستقبل أفغانستان بعد إنفاق عشرات مليارات الدولارات لإعادة إعمار بلد مستقر بعد سقوط نظام طالبان. وأمام الأزمة السياسية غير معروفة النتائج، حذرت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان مرارا المرشحين وأنصارهما من مخاطر «انعدام الاستقرار».