البيت الأبيض يشيد بإعلان السعودية تخصيص نصف مليار دولار مساعدات للشعب العراقي

بن رودس: أي تدخل عسكري إيراني أو سوري في العراق سينظر إليه على أنه لصالح طائفة ضد أخرى

TT

رحب بن رودس نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض الأميركي، بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتخصيص 500 مليون دولار لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب العراقي، مؤكدا أن الدعم السعودي لشعب العراق يأتي في وقت صعب للغاية، وأن واشنطن ترى فيه خطوة إيجابية للأمام، وأشار إلى المناقشات المثمرة التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الملك عبد الله بن عبد العزيز في السعودية الأسبوع الماضي.

رفض رودس تحديد خط أحمر أو شرط يؤدي إلى تدخل عسكري أميركي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» في العراق، مؤكدا أن رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما واضحة وهي أنه ليس هناك حل عسكري أميركي يمكن فرضه على الديناميكية الحالية في العراق.

وأكد رودس أن أوباما لم يأمر بأي عمل عسكري لكنه يحتفظ بالحق في القيام بعمل عسكري عند الضرورة، موضحا أن ذلك يتوقف على تقييم ما إذا كان تنظيم «داعش» يشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة بما يحتم اتخاذ إجراءات لازمة ضده مثل التنظيمات الإرهابية في أجزاء أخرى من المنطقة.

وترك رودس الباب مفتوحا - وفق لنص تصريحاته حول أي عمل عسكري أميركي مباشر في العراق وقال «اتخاذ أي قرار حول عمل عسكري أميركي مباشر سيكون مدروسا للغاية، وقد تركنا الباب مفتوحا، إذا رأينا أنه يمكن أن يحدث فرقا إيجابيا، وإذا كنا نعتقد أن ذلك يصب في مصلحتنا للقيام بذلك، لأننا نواجه تهديد مكافحة إرهاب أو تهديد موظفينا». وشدد رودس أن تشديد وتعزيز أمن وسلامة المواطنين الأميركيين في السفارة الأميركية في بغداد هي مصلحة عميقة للولايات المتحدة.

وقال رودس في مؤتمر صحافي بمركز الصحافيين الأجانب بواشنطن مساء الثلاثاء إنه «خلال تسع سنوات من التدخل العسكري الأميركي لم تستطع الولايات المتحدة إجبار القيادة السياسة العراقية على الحكم بطريقة شاملة». مشيرا إلى أن هذه التحديات يجب أن يسويها العراقيون أنفسهم والتي تبدأ بتشكيل حكومة شاملة والالتزام بضمان الأمن لجميع الطوائف العراقية.

وحول دور الولايات المتحدة في التحديات التي تواجه العراق قال رودس «نحن ذاهبون لمواصلة تقديم التدريب والمساعدة والمعدات لقوات الأمن العراقية وفرق التقييم على أرض الواقع الذي يصل إلى 300 مستشار يبحثون عن السبل لتوفير أفضل دعم للحكومة العراقية في حربها ضد تنظيم (داعش)، ومركز العمليات المشتركة الذي أنشأناه مع العراقيين سوف يساعد في دعم جهود تنسيق العلميات ضد (داعش)، لكنها في النهاية عمليات عراقية، ونركز في المقام الأول على دعم عملية عاجلة وشاملة لتشكيل حكومة جديدة وتدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية».

وفي سؤال حول دور إيران وسوريا في دعم الحكومة العراقية لمواجهة تنظيم «داعش»، وقدرة الإدارة الأميركية للعمل مع إيران وسوريا لمواجهة الأزمة في العراق، قال نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية «نعتقد أن جزءا كبيرا من التحدي في العراق هو بسبب التوترات بين مختلف الطوائف في العراق، وفي حال عدم تشكيل حكومة شاملة نتوقع أن يستمر التوتر ومن الواضح أن (داعش) تستفيد من تلك التوترات، وتدخل سوريا وإيران لن يؤدي إلا إلى تغذية هذه التوترات الطائفية».

وأضاف رودس «لا أعتقد أن أحدا يتوقع تدخلا عسكريا سوريا أو إيرانيا سيكون في خدمة جميع الطوائف بل سينظر له أنه لصالح طائفة واحدة على حساب الآخرين وهذا هو السبب أننا لا نشجع أو نرحب بأي تعاون بأي شكل من الأشكال أو أي تدخل عسكري إيراني أو سوري في داخل العراق».

وقال رودس «رسالتنا لإيران هي نفس الرسالة لجميع الجيران وهي الدعوة لدعم عملية سياسية شاملة داخل العراق وبصراحة فإن إيران يمكن أن تلعب دورا في استخدام نفوذها لتشجيع عملية شاملة لتشكيل الحكومة لأنه ليس من مصلحة إيران أن يكون هناك فراغ في المناطق السنية تستفيد منه (داعش)» ورحب رودس مرة أخرى بتقديم المملكة السعودية للمساعدات الإنسانية وقال «أعتقد أن المساعدات السعودية ترسل إشارة لبقية للبلدان أن الآن هو الوقت المناسب لتنظر إلى الوضع بشيء من السرعة وتستثمر في شيء مختلف لدفع العملية للمضي قدما».

وردا على سؤال حول تقديم نصف مليار دولار للمعارضة السورية، والتفكير في منحهم منظومات دفاع جوي محمولة، قال نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية «على مدى السنوات الثلاث الماضية وصلنا إلى معرفة أفضل للمعارضة، وزدنا أنواع المساعدة التي نقدمها للمعارضة بدأت بمساعدات إنسانية ثم مساعدات غير قاتلة ثم أعلنا أننا سنقدم أنواعا معينة من المساعدة العسكرية للمعارضة، وكان من المهم أن نتأكد أن أنواعا معينة من المساعدة لن تقع في الأيدي الخطأ لأن لدينا جماعات مثل (داعش) تعمل في سوريا».

وأوضح رودس أن مبلغ 500 مليون دولار سيوجه لتوسيع التدريب وتجهيز المعارضة لتشكل ثقلا ضد تهديدات الإرهاب وتنظيم «داعش» والنظام السوري. ورفض رودس الدخول في تفاصيل حول منظومات الأسلحة المختلفة التي يمكن تقديمها للمعارضة السرية، مشيرا إلى أن عمليات إعادة التقييم والتقدير مستمرة حول المساعدة التي يمكن أن تحدث فارقا وتوازنا ضد المخاوف بشأن انتشار الأسلحة النووية.

وحول العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة ومصر، أشار رودس إلى أن الرئيس أوباما ناقش الأمر مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي وقال «ننظر في العلاقة والمصالح الاستراتيجية التي نتقاسمها، ومن الواضح أن لدينا مصلحة في مواصلة الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، ومصالح تتعلق بالأمن والقضايا الإقليمية لمكافحة الإرهاب، وهذا هو السبب أننا نحافظ على درجة من التعاون والعلاقة مع مصر على الجانب الأمني».

وشدد رودس أن واشنطن لا تعطي شهادة حول تقدم مصر في طريق الديمقراطية وقال «أشرنا باستمرار إلى عدد من القضايا المختلفة التي تهمنا أولها سجن صحافيي (الجزيرة) وليس هناك أساس لاحتجازهم، ولا يمكن سجن أشخاص لمجرد تغطية الأخبار لذا نعتقد أنه لا بد من معالجة تلك الحالات». وانتقد رودس اعتقال النشطاء السياسيين ليس فقط من أعضاء حزب الحرية والعدالة وإنما أيضا اعتقال النشطاء العلمانيين وشدد على ضرورة وقف عمليات المضايقات والاعتقالات وضرورة احترام وسائل الإعلام المستقلة، مشيرا إلى أن الإفراج عن هؤلاء الصحافيين سيكون مؤشرا على احترام حرية التعبير.

وقال رودس «نعم مصر تحتاج إلى قيادة قوية من الرئيس السيسي لكن الاستقرار على المدى الطويل يعتمد على قدرة المصريين عن التعبير عن آرائهم بحرية والمشاركة في العملية السياسية بحرية وإذا رأينا مصر تسير في هذا الاتجاه فأعتقد أنه سيوسع قدرتنا على استعادة كامل العلاقة وتعميق الشراكة الاستراتيجية بيننا».

وحول دعوة البيت الأبيض لعقد قمة أميركية أفريقية في بداية أغسطس (آب) وعدم توجيه الدعوة لمصر، قال رودس إن «عدم توجيه الدعوة لمصر كان بناء على تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي في السابق»، مشيرا إلى أنه سيجري اتخاذ قرار حول دعوة مصر في الأيام القادمة من خلال التشاور مع الاتحاد الأفريقي.