11 فصيلا في «الحر» تهدد بإلقاء السلاح جراء «نقص الدعم»

عضو في مجلس الأركان قال لـ(«الشرق الأوسط») إن المجتمع الدولي «قوى (داعش) على حسابنا»

السفينة الأميركية «كيب راي» في مرفأ جيويا تاورو الايطالي، أمس، بعد تحميلها بحاويات تضم مواد واسلحة كيماوية سورية من أجل تدميرها في المياه الدولية (إ.ب.أ)
TT

في وقت يسعى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) إلى جذب عدد كبير من المقاتلين إلى صفوفه، بعد إعلانه «دولة الخلافة»، تواجه قيادة المعارضة السورية تحديا جديدا مع تهديد 11 فصيلا في الجيش الحر سحب مقاتليه وإلقاء السلاح، ما لم يجر تزويدهم بأسلحة تمكنهم من مواجهة تمدد مقاتلي «الدولة الإسلامية».

وأمهلت الفصائل التي تقاتل في ريف حلب الشمالي والرقة (شمال) ودير الزور (شرق) في بيان أمس: «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة المؤقتة وهيئة الأركان وجميع قادة الثورة السورية مدة أسبوع من تاريخ إصدار هذا البيان لإرسال تعزيزات ودعم كامل لمواجهة تنظيم البغدادي ودحره خارج أرضنا وإيقاف تقدمه في المدن المحررة».

وهددت الفصائل في حال تجاهل تلبية النداء «برمي السلاح وسحب المقاتلين»، مؤكدة في الوقت ذاته «الصمود في وجه الخوارج حتى آخر رصاصة في بنادقنا». وحذرت من أن «ثورتنا، ثورة شعبنا وأهلنا، الثورة التي خسرنا لأجلها دماء شبابنا وأطفالنا، تعيش حالة من الخطر بسبب تنظيم البغدادي، وخصوصا بعد إعلانه الخلافة» قبل أيام.

ومن أبرز المجموعات الموقعة على البيان: «لواء الجهاد في سبيل الله» و«لواء ثوار الرقة» و«تجمع كتائب منبج» و«الجبهة الشرقية» و«أحرار سوريا». ورغم أن حجم هذه المجموعات وقوتها غير معروف، لكن أهميتها تكمن في وجودها في مناطق تقع تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وفي تعليق على إعلان هذه الفصائل، قال عضو المجلس الأعلى لقيادة الأركان أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط» إن كتائب عدة في المعارضة تشكو من نقص الذخيرة والسلاح منذ فترة طويلة، ولذا هي تطالب المجتمع الدولي بدعمها لمواجهة النظام وتنظيم «داعش» في آن معا. ورأى أنه «من حق الكتائب المعترضة أن تهدد بالانسحاب أو رمي السلاح لنقص إمدادات السلاح إليها»، لافتا إلى أن «داعش» لا تتفوق على كتائب الجيش الحر بكمية الأسلحة التي تمتلكها فحسب، بل أيضا بنوعية السلاح الموجود لدى مقاتليها.

وقال العاصمي إنه «من الجيد أننا بعد ثلاث سنوات لا نزال صامدين ومع كل إمكانات الجيش النظامي و(داعش) ما زلنا نسيطر على نحو 60 في المائة من مساحة سوريا، على الرغم من كل ما نتعرض له». وأبدى عتبا كبيرا على المجتمع الدولي الذي قال إنه «الملام الأول على توسع نفوذ (داعش) باعتبار أن هذا التنظيم صنيعة تردده». وأضاف: «المجتمع الدولي هو الذي قوى (داعش) على حساب ضعف الثوار وإمكانياتهم»، مشيرا إلى أن «مقاتلي هذا التنظيم يواجهون فصائل الجيش الحر اليوم أكثر مما يواجهون القوات النظامية، لكن معنوياتنا مرتفعة».

ويظهر إعلان فصائل الحر حالة الضعف التي باتت تعتري المعارضة السورية المسلحة قياسا بقوة تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسعى إلى اجتذاب أعداد جديدة من المقاتلين لتغطية المسحات الواسعة التي أصبحت تحت سيطرته في سوريا والعراق، حيث دعا زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الجهاديين في العالم لـ«الهجرة إلى دولته».

وقال البغدادي في أول رسالة صوتية له بثت على مواقع جهادية بعد إعلان «دولة الخلافة»: «يا أيها المسلمون في كل مكان من استطاع الهجرة إلى الدولة الإسلامية فليهاجر فإن الهجرة إلى دار الإسلام واجبة»، داعيا إلى «اغتنام الفرصة ونصرة دين الله بالجهاد في سبيل الله».

وتأتي هذه الدعوة بعد توسيع تنظيم «الدولة» نفوذه فوق مساحة جغرافية تمتد من شرق حلب في سوريا مرورا بالرقة ودير الزور، وصولا إلى العراق، لا سيما مدن الموصل والأنبار وديالى، ما يعني أن عدد عناصره الذي يقدّره مركز «بروكينغز» للأبحاث في الدوحة بـ13 ألف عنصر، لم يعد يكفي للاحتفاظ بهذه المساحة.

وقال الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية والمتخصص في شؤون الفكر الإسلامي محمد أبو رمان لـ«الشرق الأوسط» بأن «الدولة تحتاج إلى عناصر بشرية إضافية، لأنها جزء مهم من العمل العسكري والأمني للتنظيم»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «دعوة البغدادي تأتي في سياق أدبيات الحركات الجهادية التي تركز على الانتقال إلى دولة الإسلام». وبحسب أبو رمان، فإن البغدادي أراد أن يقول في رسالته إن «دولته ليست شكلية وإنما خلافة حقيقية»، متوقعا أن «تتأثر أعداد كبيرة في العالم بهذه الرسالة على خلفية أفكارهم المتطرفة».

وبعد ساعات على رسالة البغدادي، بثت مؤسسة «دابق» للإنتاج الإعلامي الجهادي شريط فيديو يظهر مجموعة من الشبان في هولندا يبايعون «الدولة الإسلامية». وقال شخص يتوسط ستة شبان آخرين خلال الشريط: «نبارك لأمتنا العظيمة إقامة الدولة الراشدة، بارك الله فيك يا خطيب الأمة وخليفة أبي بكر البغدادي». وبعد إنهائه حديثه هتف الجميع «دولة الإسلام باقية».

وحاول زعيم «الدولة الإسلامية» في رسالته الصوتية إضفاء بعد عالمي على أهدافه الجهادية، إذ طالب الجهاديين بأن «ينهضوا وينتقموا للانتهاكات التي ترتكب بحق المسلمين في عدد من الدول من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى ميانمار»، قائلا: «ارهبوا أعداء الله فالدنيا زائلة فانية والآخرة دائمة باقية، أما إخوانكم في كل بقاع الأرض ينتظرون نجدتكم ويكفيكم ما وصلكم من مشاهد في أفريقيا الوسطى ومن قبلها في بورما».

وطالب مقاتلو الدولة الإسلامية إلى «وقف التطلع إلى الدنيا والاستمساك بالسلاح دفاعا عن أعراض المسلمين وأسراهم ومساجدهم وحرماتهم وحقوقهم المسلوبة في الصين والهند والصين وفلسطين والصومال وأفغانستان وبورما وتونس وليبيا ومصر وإيران واليمن والعراق وسوريا وفي القوقاز والفلبين وإندونيسيا وفي أفريقيا الوسطى وفي مشارق الأرض ومغاربها».