البرازيل من دون نجميها الأبرز هجوما ودفاعا تصطدم بألمانيا المتحفزة للثأر اليوم

منتخب السامبا مدعوما بالأرض والجماهير يأمل تجاوز «الماكينات» وحصد بطاقة نهائي المونديال الأولى

سكولاري يوجه لاعبيه خلال التدريب الأخير قبل مواجهة ألمانيا (أ.ف.ب) - لوف مدرب ألمانيا يتوسط لاعبيه خلال التدريبات قبل مواجهة البرازيل (إ.ب.أ) - إيقاف تياغو سيلفا ضربة قوية لدفاع البرازيل
TT

تحلم البرازيل دون نجميها الأبرز نيمار وتياغو سيلفا بمتابعة مشوارها نحو نهائي مونديال 2014 لنسيان كارثة 1950 من خلال تخطي ألمانيا الباحثة بدورها عن فك عقدة المركز الثالث، وذلك في إعادة لنهائي 2002 عندما توجت البرازيل للمرة الخامسة.

وسيكون «استاديو مينيراو» في بيلو هوريزونتي اليوم مسرحا لأولى مباراتي نصف نهائي كأس العالم المقامة حاليا في البرازيل، بين اثنين من أبرز القوى الكروية العظمى في العالم، المضيفة الباحثة عن لقبها العالمي السادس، وألمانيا اللاهثة وراء لقبها الأول منذ 1990 والرابع في تاريخها.

ويسعى كلا المنتخبين للوصول إلى ثامن نهائي في تاريخ كل منهما ببطولات كأس العالم في مباراة قد تمتد إلى ضربات الجزاء الترجيحية بما أن الفريقين لا يفرقهما الكثير بعضهما عن بعض.

وإذا كانت البرازيل ستخوض مباراة اليوم من دون نيمار وسيلفا فإنها ستكون مدعومة بـ200 مليون مواطن برازيلي وتاريخ كامل إلى جانبها، فقد سبق للبرازيل الفوز في المواجهة الوحيدة السابقة التي جمعتها بألمانيا على مستوى بطولات كأس العالم، وكان ذلك بنتيجة 2 / صفر في نهائي مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان عندما أحرزت البرازيل لقبها الخامس الأخير.

أما آخر لقب لألمانيا ببطولات كأس العالم والذي كان الثالث في تاريخها فقد جاء في عام 1990، ويرى المعسكر الألماني أن غياب نيمار لا يعني أن الأمور أسهل في مهمتهم.

وحددت البرازيل هدفها بإحراز اللقب لنسيان ما حصل في استضافتها المونديالية الأولى في 1950 عندما خسرت المباراة الحاسمة أمام الأوروغواي 1 - 2 على ملعب «ماراكانا» الشهير رغم ترشيحها لفوز كاسح في ما يعرف بكارثة «ماراكانزو».

خطفت الأوروغواي منها هذا الشرف في تراجيديا وطنية قد تنقلب إلى ملحمة شعبية في حال نجح لاعبو منتخب السامبا في خطف لقب سادس لهم في المسابقة الرياضية الأشهر في العالم بعد أعوام 1958 و1962 و1970 و1994 و2002.

وخلافا لنهائي 2002 عندما كانت البرازيل تضم الهداف القاتل رونالدو، سيفتقد منتخب المدرب سكولاري الحالي أهم لاعبين في صفوفه، الهداف نيمار وقائد الدفاع تياغو سيلفا.

فالأول تعرض لكسر في الفقرة القطنية الثالثة في ظهره قبل دقيقتين على نهاية مباراة الدور ربع النهائي ضد كولومبيا (2 - 1) الجمعة بعدما ركله المدافع خوان كاميلو تزونيجا بقوة، وسيغيب حتى نهاية المونديال، أما مدافع باريس سان جيرمان الفرنسي فنال بطاقة إنذار صفراء ثانية لخطأ سخيف على الحارس الكولومبي أوقفته عن خوض نصف النهائي.

ودعا نيمار زملاءه إلى إكمال «الحلم» بإحراز اللقب قبل أن يرحل عن مقر المنتخب. وعلق سكولاري الذي دعا نيمار إلى الوجود على مقاعد البدلاء شرط موافقة الأطباء: «يوجد احتياط لدينا. أختار فريقي بعناية، أما الرقم 10 في حال وجوده أو غيابه فسيكون ممثلا من قبل 200 مليون برازيلي».

ويبقى معرفة من سيختاره سكولاري ليعزز القوة الهجومية إلى جانب لاعب الوسط الشاب أوسكار الذي سيحمل عبئا كبيرا في ظل غياب نيمار.

ويحتمل أن يحل ويليان لاعب تشيلسي الإنجليزي محل نيمار في مباراة اليوم، وعن ذلك قال ويليان: «إننا نشعر بالحزن الشديد لخسارتنا نيمار، ولكن هذا الأمر سيعطينا حافزا إضافيا لتحقيق حلمنا بالوصول إلى النهائي والفوز بلقب كأس العالم»، بينما قال لويز فيليبي سكولاري مدرب البرازيل: «إننا نعمل على توصيل فكرة للاعبين بأن أي كارثة يمكن أن تستغل كفرصة أيضا للقيام بالأمور على طريقة مختلفة. وهذا ما ننوي فعله».

وسيكون البحث عن بديل لنيمار وإيجاد لاعب مناسب لشغل مركز سيلفا، الذي في الغالب سيكون لاعب بايرن ميونيخ الألماني دانتي، من بين التحديات الكثيرة التي يواجهها سكولاري في المباراة بصرف النظر عن تحديات أخرى مثل ما إذا كان مايكون سيبقى ظهيرا أيمنا للفريق أم أن فريد سيعود لمركز رأس الحربة الأساسي من جديد. وقال باستيان شفاينشتايغر لاعب خط وسط ألمانيا: «سيؤدي افتقاد نيمار إلى توحيد صفوف المنتخب البرازيلي بشكل أكبر، وسيسعون لإحراز اللقب من أجله. هذا الأمر سيفجر لديهم المزيد من الطاقة».

واتفق هانزي فليك مساعد مدرب منتخب ألمانيا مع شفاينشتايغر قائلا: «قد تكون إصابة نيمار خسارة كبيرة لمنتخب البرازيل، ولكنهم لديهم 200 مليون مشجع من خلفهم».

ويشعر المعسكر الألماني كله بالأسف على إصابة نيمار لأنهم كانوا يريدون مواجهة البرازيل في أفضل صورها. ويعرف سكولاري جيدا أن المنتخب البرازيلي بعيد تماما عن الإبهار سواء في الأداء أو النتائج، ولكن هذا الأمر ينطبق أيضا على المنتخب الألماني بقيادة مدربه يواخيم لوف. فذلك اللعب الجمالي الذي اشتهر به منتخب البرازيل عبر أجياله السابقة، تنحى جانبا في الوقت الراهن أمام أداء يتسم بالقوة لدرجة مقلقة في بعض الأحيان. هذا النوع الجديد من الأداء تجلى خلال فوز البرازيل على كولومبيا 2 / 1 في دور الثمانية في مباراة شابها عدد هائل من الأخطاء.

وبالمثل، فقد افتقد المنتخب الألماني نزعته الهجومية في البطولة الحالية التي يعتمد فيها أداء الماكينات على الاستحواذ على الكرة بالدرجة الأولى وحقق فوزا صغيرا 1 / صفر على فرنسا في دور الثمانية.

ورغم ظهور خط الدفاع الألماني بصورة مهتزة في بعض فترات مونديال البرازيل، فإن عودة قائد الفريق فيليب لام من خط الوسط إلى مكانه المعتاد كظهير أيمن وتألق حارس المرمى مانويل نيوير في الآونة الأخيرة، إلى جانب قدرة لوف على الاختيار بين ثلاثة لاعبين عمالقة في مركز قلب الدفاع (بير ميرتساكر وماتس هوميلس وجيروم بواتينغ)، كل هذا يؤكد أن البرازيل لن تجد الطريق نحو الشباك الألمانية مفروشا بالورود.

كما تألق مدافعو الفريقين على الجانب الهجومي حيث أحرز هوميلس هدف الفوز لألمانيا أمام فرنسا، بينما فازت البرازيل على كولومبيا بهدفي مدافعيها ديفيد لويز والموقوف سيلفا.

ويرى شفاينشتايغر أن ألمانيا باتت مستعدة أخيرا للتقدم إلى الخطوة التالية ببطولات كأس العالم بعدما خرجت من الدور قبل النهائي بمونديالي 2006 و2010 بخلاف خسارتها نهائي بطولة الأمم الأوروبية يورو 2008 وخروجها من قبل نهائي يورو 2012. وقال شفاينشتايغر: «لقد تقدم الفريق خطوة أخرى إلى الأمام. فقد تطور كل لاعب بشكل أكبر في ناديه. كما ارتفع عدد اللاعبين الجيدين بالفريق».

ويسود الشعور بالاحترام والترقب في معسكر كل من الفريقين تجاه المعسكر الآخر، فقد تأهلت ألمانيا إلى الدور قبل النهائي لكأس العالم 13 مرة في ما يعد رقما قياسيا مقابل 11 تأهلا للمنتخب البرازيلي. وقال ويليان: «إنها مباراة بالغة الأهمية، فاللعب بقبل نهائي كأس العالم أمام ألمانيا هو أمر يحلم به كل لاعب، وقد حظينا بهذه الأفضلية الآن»، بينما قال شفاينشتايغر: «لا شك في أن المباراة تتمتع بمكانة خاصة، فاللعب أمام البلد المضيف شرف كبير لنا، وتحدي كبير أيضا».

ويبقى أن يرى العالم ما إذا كانت هذه المواجهة المرتقبة ستتحول إلى ملحمة كروية جديدة، حيث تبقى أقوى ملحمة في الدور قبل النهائي بتاريخ بطولات كأس العالم عندما خسرت ألمانيا 3 / 4 أمام إيطاليا في مونديال 1970، وكذلك فوز ألمانيا بعد مقاومة كبيرة أمام فرنسا التي كانت متقدمة 3 / 1 في الوقت الإضافي عندما امتدت المباراة إلى أول ضربات جزاء في تاريخ كأس العالم في مونديال 1982.

ولا تغيب البرازيل أيضا عن تاريخ ملاحم كأس العالم حيث فازت 5 / 2 على فرنسا في طريقها لإحراز أول لقب لها ببطولات كأس العالم عام 1958. كما قدمت البرازيل واحدة من أقوى الملاحم عندما أطاحت بهولندا من دور الثمانية بضربات الجزاء الترجيحية في مونديال 1998 بفرنسا. وبعد إقصائها من ربع نهائي مونديال 2010 أمام هولندا، حل مانو مينيزيس مدربا بدلا من دونغا، لكنه عجز عن صنع منتخب يلبي الطموحات البرازيلية، فاستجيب لطلب الجمهور وعاد لويز فيليبي سكولاري إلى قواعده، ليقودها إلى لقب كأس القارات 2013 على حساب إسبانيا حاملة لقب مونديال 2010.

أما ألمانيا الباحثة عن بلوغ النهائي الثامن لها، فتأمل تخطي نصف النهائي خلافا للنسختين الأخيرتين لبلوغ النهائي الأول لها منذ 2002 عندما سقطت أمام البرازيل بالذات بهدفي الظاهرة رونالدو.

منذ إحرازها لقبها الأول تحت اسم ألمانيا الغربية في سويسرا 1954، ثم الثاني على أرضها في 1974 والثالث الأخير في 1990، لم تنتظر ألمانيا 24 عاما كهذه المرة من دون تذوق طعم التتويج في الحدث العالمي، لدرجة أن بعض أعضاء الفريق على غرار لاعب الوسط ماريو غوتزه لم يكونوا قد أبصروا النور في 1990 عندما قاد لوثار ماتيوس تشكيلة المدرب فرانز بكنباور إلى اللقب. وأعرب مدرب ألمانيا يواكيم لوف (54 عاما)، الذي بلغ نصف النهائي في أربع مسابقات كبرى له مع ألمانيا في غضون ثماني سنوات عن سعادته لمواجهة البرازيل، وقال: «ماذا يمكن أن يكون أجمل في أرض الأحلام الكروية من مواجهة مستضيف كأس العالم في الدور نصف النهائي؟ ستكون مباراة كبيرة جدا في بيلو هوريزونتي».