البرلمان التونسي يرفض التمديد لشركات أجنبية في قطاع استكشاف المحروقات

تراجع إنتاج البلاد من النفط من 115 ألف برميل في اليوم إلى 59 ألفا

TT

عاد موضوع الطاقة في تونس إلى واجهة الأحداث بعد رفض المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي التجديد لمجموعة من الشركات الأجنبية العاملة في قطاع استكشاف المحروقات من أجل مواصلة أنشطتها لمدة إضافية جديدة.

ورفضت لجنة الطاقة والقطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) قبل أيام، التصديق على ثلاث رخص بحث عن المحروقات، وهي مقدمة إلى البرلمان على شكل ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق برخص بحث عن المحروقات. ويتعلق الأمر برخصة بحث «برج الخضراء» وامتياز «الفرانيق»، ورخصة مدنين، وامتياز «باقل» (رخصة دوز). وبشأن رفض التجديد لتلك الشركات الأجنبية، قال شفيق زرقين النائب في البرلمان التونسي ورئيس لجنة الطاقة والقطاعات الإنتاجية في توضيح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية إن إخلالات قانونية مالية حالت دون التصديق على تلك القوانين التي تمنح الشركات الأجنبية حق استكشاف المحروقات في تونس.

وينص الفصل 13 من الدستور التونسي الجديد على أن «تلتزم الدولة بالاستغلال الرشيد للثروات الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات استنادا إلى مؤشرات التنمية واعتماد التمييز الإيجابي، وهو ما استند عليه أعضاء المجلس التأسيسي عند قرارهم رفض التجديد لتلك الشركات».

وأقر الدستور التونسي أيضا الحصول على موافقة نواب الشعب بالنسبة لتراخيص الاستثمار في المحروقات والثروات الطبيعية فيما كان هذا الأمر سابقا بيد السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة وهو ما فتح الباب لشبهات فساد لانعدام المراقبة.

وفيما يتعلق برخصة البحث «برج الخضراء» فقد أثارت اللجنة الكثير من الإخلالات منها طول فترة الاستغلال التي تواصلت لنحو 23 سنة (من 1991 إلى 2013) مع تمتعها بثلاثة تجديدات و7 تمديدات وملحقين. وتؤكد القوانين التونسية في هذا المجال أن التمتع بملحق في نفس الرخصة يتطلب تعديل الاتفاقية التي تربط الشركة المستغلة بالمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (شركة حكومية تمثل الدولة في مجال المحروقات) وهو «ما يخالف قوانين مجلة المحروقات» على حد ما جاء في تبريرات لجنة الطاقة لرفض التجديد لتلك الشركات. أما بشأن الإخلالات المتعلقة بامتيازي «الفرانيق» و«باقل» فقد انحصرت في اختيار شركة «برينكو» البريطانية الفرنسية بعد مدة طويل من النشاط، من ذلك أن مرسوم 1985 يضع زمنيا سقفا للامتياز في حدود 30 سنة فقط وذلك بدلا من المرسوم العلي لسنة 1953 والذي يرفع هذا السقف إلى 50 سنة.

وأضاف شفيق زرقين أن الشركة المذكورة استوفت الفترة المحددة وهي تطالب بالتمديد في الامتياز لفترة تصل إلى 15 سنة أخرى، وهو «ما يخالف القانون». وأضاف أن جملة من النقائص ترافق عمل تلك الشركات من بينها إجراء مهام الرقابة اللاحقة مرة واحدة في السنة بدلا من 4 مرات في السنة الواحدة وكذلك نقص في عمليات التدقيق المالي بشأن مداخيل ومصاريف تلك الشركات، وهو ما أثبته تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2012. وتعاني القوانين التونسية المنظمة لأنشطة البحث والاستكشاف والتنقيب واستخراج البترول من التشتت وينظمها الأمر العلي (من عهد البايات) الصادر سنة 1953، ومرسوم سنة 1985 ومجلة المحروقات التي لم تصدر سوى سنة 1995.

ويكتسي قطاع الطاقة في تونس أهمية مضاعفة في ضمان التوازنات المالية في تونس فعن طريق تقديرات وتوقعات بشأن أسعار البترول يجري ضبط نفقات الميزانية ومعظم مصاريف الدولة عند ضبط الميزانية السنوية.

وتعاني تونس من انخفاض مواردها من المحروقات ومن عجز في ميزانها الطاقة إذ أشارت إحصائيات قدمتها وزارة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية إلى أن الموارد انخفضت بنسبة 3 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2013 وقدر العجز خلال كامل السنة المنقضية بنحو 1 فاصل 93 مليون طن مكافئ نفط. وتشير أحدث الإحصائيات إلى تقلص إنتاج تونس من النفط من 115 ألف برميل يوميا إلى ما يناهز 59 ألف برميل في اليوم. وأبدى كمال بن ناصر وزير الصناعة والطاقة والمناجم خلال مؤتمر صحافي عقده نهاية شهر مايو (أيار) الماضي تفاؤلا بشأن مستقبل المحروقات في تونس وقال إنه لا يقل عن إنتاج الجزائر وليبيا وذلك تماشيا مع مساحة كل بلد من هذه البلدان.