السودان: إفطار رمضاني بجرعة ثقافة وقطعة تمر و«ملعقة» سياسة

حفل إفطار السفارة السعودية السنوي يهدف لدعم أواصر المحبة والصداقة بين البلدين

تنظم الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والسفارات وغيرها إفطارها وتختار يومه وتوجه الدعوات لمن تراه يسهم في مهمتها الاجتماعية والسياسية («الشرق الأوسط»)
TT

لا يقتصر الاحتفاء بـ«إفطار صائم» في السودان على تقديم جرعة ماء ولقمة خبز وقطعة تمر، بل يتضمن تقديم جرعة من كل شيء «سياسة، ثقافة، فن، مديح»، فيما يعرف بـ«إفطارات المؤسسات» التي توجه الدعوة فيها لنخبة المجتمع.

وتنظم الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والسفارات، ومؤسسات التعليم، وغيرها، كل على حدة إفطارها وتختار يومه، وتوجه الدعوات لمن تراه يسهم في مهمتها الاجتماعية والسياسية، بل وقد يلعب دوراً في دبلوماسيتها الشعبية.

يستفيد أصحاب الدعوة من زمن ما بعد الإفطار، في توصيل رسالة ما، قد تكون ثقافية، وهو الشيء الذي تحرص عليه الأندية ومنظمات المجتمع المدني، وقد تكون تحريضية وهذا ما تفعله أحزاب المعارضة، وتأييدية وتعبوية وهذا ما يفعله الحزب الحاكم عادة في إفطاره. أما السفارات فقد تكتفي بمجرد تمتين علاقتها ببعض من صناع الحياة في البلاد، وهو ما يعرف بـ«الدبلوماسية الشعبية»، أو قد تحاول نقل بعض ثقافة وتراث بلادها للحاضرين.

الثلاثاء الماضي، وجه مدير معهد دراسات السلام بجامعة الخرطوم د. محمد محجوب هارون الدعوة لأكاديميين وإعلاميين لتناول وجبة الإفطار في «بيت الضيوف» بالجامعة، والاحتفال بإنجازين سودانيين، حققهما كل من الأكاديمي حسن الحاج علي، والصحافي فيصل محمد صالح.

فقد نال الدكتور حسن الحاج علي الجائزة الأولى لموضوع «أطوار التاريخ الانتقالية» الذي يمثل الفئة الرئيسة الأولى لموضوعات الدورة الثالثة للجائزة المقدمة من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في دورتها الثالثة 2013 - 2014.

فيما نال الصحافي فيصل محمد صالح «جائزة بيتر ماكلر» التي تكافئ الشجاعة والنزاهة، واختارته لجنة الجائزة الممنوحة من «غلوبال ميديا فورام» والفرع الأميركي لمنظمة مراسلون بلا حدود لعام 2013.

وتقوم فكرة حفل الإفطار التكريمي، كما وصفها أستاذ الدراسات السياسية بجامعة الخرطوم بروفسور عوض السيد الكرسني على أن عند السودانيين ما يحتفون به عدا الحرب والقتل والسيول والخراب، هناك نماذج سودانية مشرقة تحقق إنجازاً باسم السودان يستحق الاحتفاء ويستحق التكريم.

وهو ما أكده صاحب دعوة الإفطار مدير مركز أبحاث السلام بجامعة الخرطوم د. محمد محجوب هارون، حيث قال إن الاحتفاء بمثل تلك الإنجازات يكون ترياقاً مكافئاً للإحباط الناجم عن الأزمات التي تحيط بالوطن من كل مكان، مثلما هو مهماز يحث المبدعين على بذل الجهد لتقديم ما عندهم من أجل السودان.

شارك في «حفل الإفطار» عدد من الرموز الأكاديمية والإعلام السودانيين، أداروا حواراً حول شموع يوقدها من يتفوقون باسم السودان في ظلام واقعه الدامس.

السفارات هي الأخرى، تحرص على إقامة إفطاراتها الرمضانية، فالسفارة السعودية في الخرطوم أقامت أول من أمس مأدبة إفطار دعت لها المسؤولين، وقال السفير فيصل بن حامد معلا في تصريحات أعقبت الإفطار، إن سفارته درجت على تنظيم إفطار سنوي لتقوية أواصر المحبة والصداقة بين البلدين.

ووصف العلاقات بين المملكة والسودان بأنها قوية وراسخة، مما انعكس تعاوناً بين سفارته والسلطات السودانية، ونقلت «واع» عن وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان قوله عقب تناوله الإفطار: «إن حفل الإفطار الذي درجت السفارة على تنظيمه سنويا يجسد عمق العلاقات، ومائدة تجمع أطياف المجتمع السوداني، وللمملكة مواقف مشرفة في تقديم العون للمحتاجين ومناصرة المظلومين».

أما السفارة الأميركية في الخرطوم، فتقدم دعوات لأصدقائها لتناول الإفطار، وتحرص على إعداد وجبة إفطار تلائم الذوق السوداني، وتقدم خلالها المأكولات السودانية الرمضانية، ولا تنس أن تستضيف «مادحاً» يشنف آذان الضيوف ببعض مديح النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا ما فعلته في آخر حفل إفطار شارك فيه مراسل الصحيفة.

لكن الأميركان يحرصون أثناء الإفطار على تقديم بعض ما عندهم من ثقافة «طعام»، بأن يدعو السفير أو من ينوب عنه الضيوف لتذوق طبق، أو حلوى، أو مشروب أميركي، بعد أن يقدم لهم إفطاراً سودانياً «كامل الدسم».