يهود فرنسا «خائفون» ويطالبون بمنع المظاهرات الداعمة للفلسطينيين

المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية: لماذا يتظاهرون لغزة ويصمتون عما يجري في سوريا والعراق؟

TT

لم تهدأ الضجة التي أثارتها المنظمات اليهودية في فرنسا عقب مظاهرات الدعم لغزة التي شهدتها باريس والعديد من المدن الفرنسية، خصوصا بعد «المناوشات» التي حدثت الأحد الماضي في محيط كنيسين يهوديين قريبا من ساحة الباستيل الشهيرة في قلب العاصمة الفرنسية.

واستقبل أمس الرئيس فرنسوا هولاند، رئيس المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا روجيه كيكرمان الذي نقل إليه «مخاوف» الطائفة اليهودية مما جرى ويمكن أن يجري. وجاء اجتماع الإليزيه عقب اجتماع طارئ آخر دعا إليه وزير الداخلية برنار كازنوف بحضور رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو وكبار مسؤولي الطائفة اليهودية.

أهم ما خرج به الاجتماع الأخير هو إعلان وزير الداخلية أنه طلب من المحافظين في المناطق «منع المظاهرات في حال حملت تهديدا للنظام العام». وجاء التطبيق العملي لتوجيهات وزارة الداخلية سريعا جدا؛ إذ أعلن محافظ منطقة الشمال منع مظاهرة دعم للفلسطينيين في مدينة ليل، كبرى مدن المنطقة. كذلك، طلب رئيس بلدية مدينة نيس المتوسطية كريستيان أستروزي المقرب من رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي من محافظ المنطقة منع مظاهرة مماثلة بحجة مصادفتها العيد الوطني الفرنسي والمخاوف من إشكالات أمنية. وذهب أستروزي إلى اعتبار المظاهرة يوم العيد الوطني بمثابة «استفزاز لا يمكن التساهل معه».

وفي السياق عينه، يريد المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية من السلطات الحكومية أن تمنع مظاهرة كبرى دعت إليها المنظمات والشخصيات الداعمة لفلسطينيي غزة يوم السبت المقبل. بيد أن وزارة الداخلية لم تعط تعليمات بهذا المعنى حتى الآن.

ولا تخفي السلطات الحكومية مخاوفها من نقل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى الساحة الفرنسية بسبب وجود الجاليتين العربية - المسلمة واليهودية اللتين هما الأكبر في كل أوروبا. واغتنم الرئيس هولاند مناسبة 14 يوليو (تموز) ليحذر من «استجلاب» نزاع الشرق الأوسط إلى فرنسا، وهو ما شدد عليه أيضا رئيس الحكومة مانويل فالس الذي يسكن في حي الباستيل حيث حدثت المناوشات.

وبعكس المعلومات الصادرة عن المنظمات اليهودية التي تؤكد أن عشرات من المتظاهرين حاولوا «اقتحام» الكنيسين اليهوديين، فإن معلومات أخرى تفيد أن المتظاهرين تعرضوا للمضايقات من أفراد ميليشيا يهودية في محيط الكنيسين مما أدى إلى مناوشات محدودة، وأن الحديث عن محاولة اقتحام، غير صحيح. وذهبت الهيئة الممثلة للطائفة اليهودية في فرنسا إلى اعتبار ما حدث «أمرا لا يمكن قبوله إطلاقا، حيث إن عائلات تعرضت لتهديدات بدينة ولفظية لكونها فقط يهودية». وندد البيان بالتسخير «المنهجي» للنزاع في الشرق الأوسط من قبل «مجموعات منظمة تدعم حركات إرهابية وجهادية».

أما روجيه كيكرمان فتساءل في حديث متلفز عن «الأسباب» التي تجعل «هؤلاء الناس ينزلون إلى الشوارع للتنديد بالصهيونية وبإسرائيل بينما يسكتون عن آلاف القتلى في سوريا والعراق». وعدّ كيكرمان أن «معاداة الصهيونية تحولت إلى معاداة للسامية»، أي لليهود، ثم إلى أعمال عنف «لم يسبق أن حدث مثلها في فرنسا» حيث «يستهدف الناس لأنهم فقط يهود». غير أن رئيس المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا لم يتردد أبدا في إعلان دعمه للجيش الإسرائيلي وللهجمات التي يقوم بها في غزة التي أدت إلى سقوط مئات الضحايا من القتلى والجرحى وغالبيتهم الساحقة من المدنيين. وفي محاولة للضغط على السلطات، رأى كيكرمان أن «تساهل السلطات العامة سيزيد من اتساع الحركة» المناهضة لليهود الذين قال عنهم إنهم «يشعرون بخوف بالغ» مما يحدث.

وتجيء هذه التطورات لتزيد المخاوف الداخلية من تبعات أزمات الشرق الأوسط على الداخل الفرنسي؛ فبعد الجهاديين العائدين من سوريا الذين تتخوف الحكومة مما قد يقومون به على الأراضي الفرنسية أو ضد المصالح الفرنسية على غرار ما ارتكبه المواطن الفرنسي من أصول جزائرية مهدي نموش، وضعت الحكومة خطة لملاحقتهم وردعهم عن ارتكاب أي أعمال مخلة بالأمن.

أما دبلوماسيّا، فقد قالت وزارة الخارجية إن الوزير لوران فابيوس مستمر في العمل من أجل وقف القتال والعودة إلى هدنة عام 2012، وإنه «مستعد» للتوجه إلى المنطقة إذا كان ذهابه إليها «مفيدا» في تحقيق هذا الهدف.