إسرائيل تطالب عشرات الآلاف من الفلسطينيين بمغادرة بيوتهم

استهدفت منازل قادة في حماس.. و20 ألف فلسطيني غادروا إلى مدارس«الأونروا»

طفل يبكي بعد مقتل أربعة أطفال من عائلته (بكر) جراء سقوط قذيفة أطلقها زورق حربي إسرائيلي استهدفهم على شاطئ غزة أمس (رويترز)
TT

صعدت إسرائيل من غاراتها الجوية على قطاع غزة، أمس، بعد ساعات قليلة من رفض حركة حماس المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، ودخلت في مرحلة استهداف منازل قادة ومسؤولي الحركة السياسيين، فيما طلبت من مائة ألف فلسطيني مغادرة بلدة بيت لاهيا، شمال القطاع، وحي الشجاعية والزيتون في مدينة غزة قرب الحدود، في مؤشر على نيتها استخدام سياسة الأرض المحروقة تمهيدا لاجتياح بري متوقع. وارتفع عدد الضحايا في اليوم التاسع من العدوان الإسرائيلي إلى 213 بعد مقتل أربعة أطفال، أمس، وإصابة قرابة 1500.

وقال مسؤول صحة فلسطيني إن أربعة أطفال فلسطينيين قتلوا وأصيب آخر بجروح خطيرة على شاطئ في غزة جراء قذيفة أطلقها زورق حربي إسرائيلي، وأكد أن الأطفال كانوا يلعبون كرة القدم على الشاطئ وأنهم جميعهم دون الخامسة عشرة. وقال إنهم ركضوا بعيدا حين سقطت القذيفة على الأرض لكن قذيفة أخرى أصابتهم جميعا.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن إسرائيل أطلقت عدة قذائف باتجاه الأطفال في ميناء غزة، على مقربة من فندق يقيم فيه طاقم من صحافيي ومصوري الوكالة وعدد من الصحافيين الأجانب.

وفي تلك الأثناء، ضربت إسرائيل نحو 35 منزلا لقياديين في حماس، بينها منزل القيادي المعروف في الحركة وعضو المكتب السياسي محمود الزهار، إلى جانب منازل عضو المجلس التشريعي إسماعيل الأشقر، وعضو المجلس جميلة الشنطي، ووزير الداخلية في حكومة غزة السابقة فتحي حماد، وبعض منازل قادة الجهاد الإسلامي. واستخدمت إسرائيل طائرات «إف16» لتدمير منازل قادة حماس في إشارة إلى أنهم أصبحوا أهدافا للاغتيالات.

وقال قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي سامي ترجمان إن «سلاح الجو استأنف غاراته على الأهداف الإرهابية بسبب استمرار إطلاق القذائف الصاروخية على إسرائيل». وأضاف: «حماس تواجه ضائقة كبيرة، وقد ارتكبت خطأ بقرارها إطلاق النار على إسرائيل وستدفع ثمن هذا الخطأ».

وأعلن الناطق بلسان الجيش أفيخاي أدرعي أنه منذ بداية عملية «الجرف الصامد» ضرب الجيش «أكثر من 1750 موقعا إرهابيا في قطاع غزة، وأمامنا أهداف عديدة أخرى».

ويعد استهداف منازل قادة سياسيين في حماس، منعطفا مهما في الحرب في يومها التاسع بعدما اتهمت إسرائيل حماس بإفشال المبادرة المصرية. وما يزيد من خطورة الموقف على الأرض طلب الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين في تجمعات واسعة قريبة من الحدود مغادرة المنازل بلا عودة.

ويستهدف الجيش الإسرائيلي بهذا الإجراء أكثر من 200 ألف فلسطيني يسكنون في بلدة بيت لاهيا وحي الزيتون وحي الشجاعية في مدينة غزة، طلب من غالبيتهم المغادرة وتفادي العودة إلى منازلهم حتى إشعار آخر.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أرسل خطابات إنذار للسكان في شمال القطاع عبر إلقاء منشورات وإرسال تسجيلات صوتية إلى هواتفهم، وطلب منهم إخلاء منازلهم بحلول الساعة الثامنة من صباح أمس (05.00 بتوقيت غرينتش) قبل استئناف الهجمات.

وجاء في بيانات الجيش والتسجيل الصوتي أنه «عليكم إخلاء بيوتكم فورا وعدم العودة إليها حتى إشعار آخر لأن الجيش يريد ضرب مناطق إطلاق الصواريخ، وكل من يخالف، فإنه يعرض حياته وحياة أبنائه للخطر».

واستجاب نحو 18 ألفا لتهديدات الجيش بحسب إحصائية لوكالة الـ«أونروا» التي قالت إنهم غادروا منازلهم تجاه مدارس فتحتها الوكالة في غزة لاستيعاب المهجرين.

وشوهدت مئات من العائلات يحملون أغراضهم ويغادرون منازلهم. بينما ذكر مدير «مركز وفاء للتأهيل الصحي» أنه تلقى عدة مكالمات هاتفية دعت إلى إخلاء المركز الذي يضم 15 معاقا تتراوح أعمارهم بين 12 و70 سنة. وأقام متطوعون غربيون من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والسويد مخيما في المركز لمنع الإسرائيليين من قصفه.

وقال عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة الغوث والناطق باسمها في غزة، إن عدد النازحين وصل إلى 20 ألفا يقطنون الآن في 24 مدرسة. وأبلغ أبو حسنة «الشرق الأوسط» أن أكبر عدد يمكن للـ«أونروا» استيعابه هو 35 ألفا. وندد بإجبار المدنيين على النزوح من بيوتهم، قائلا إن ذلك «مخالف للقانون الدولي الإنساني ويجب عدم المس بالمدنين العزل».

وجاء نزوح الآلاف على الرغم من أن وزارة الداخلية في غزة طلبت من السكان التغاضي عن الاستجابة للتهديدات الإسرائيلية ووصفتها بأنها «حرب نفسية».

وعد المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة إياد البزم «الاتصالات العشوائية التي تأتي للمواطنين على الحدود غير مقصود منها شخص بعينه». وأضاف: «لا داعي للقلق منها أو التعاطي معها، ويجب عدم الاستجابة لها بحال من الأحوال، وهي تأتي في إطار الحرب النفسية ولإرباك الجبهة الداخلية».

وتخطط إسرائيل لضرب ما قالت إنها مخازن صواريخ ومنصات لإطلاقها موجودة بين المنازل أو تحتها في أنفاق تستخدم لأغراض عسكرية، كما يعتقد بأنها تمهد لاجتياح بري محدود.

وقال مسؤول إسرائيلي إن الحكومة الإسرائيلية المصغرة (كابنيت) اجتمعت في الساعات الأولى من صباح أمس وبحثت إمكانية القيام بعملية برية محدودة. وأفاد وزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينيتز، إنه «ليس من المستبعد أن يوسع الجيش الإسرائيلي نطاق عملياته وأن ينفذ عملية برية في قطاع غزة إذا لم تتوقف الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية المنطلقة من القطاع». لكن عاموس جلعاد، رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع، قال إن الاجتياح البري مرتبط بقرار من المستوى السياسي وإن هذا القرار لم يصدر بعد.

وفي المقابل، واصلت حماس وفصائل فلسطينية أخرى، أمس، ضرب إسرائيل بالصواريخ. وقال مصدر إسرائيلي إنه منذ ليلة الثلاثاء وحتى ظهر الأربعاء كانت الفصائل أطلقت أكثر من 150 صاروخا.