شاشات: من تذكرة داود إلى تفاحة آدم

مشهد من مسلسل «تذكرة داود» الذي يعرض على «أبوظبي الأولى» من بطولة داود حسين وعلي جمعة ومنى شدّاد ومن إخراج سلطان خسرو
TT

«تذكرة داود» (أبوظبي الأولى) مسلسل كوميدي من بطولة داود حسين وعلي جمعة ومنى شدّاد ومن إخراج سلطان خسرو عن كتابة لجمال سالم، من أفضل الكوميديات المتوفّرة هذه السنة. يتخذ شكل الـ«سيتكوم» (كوميديات استوديو من نصف ساعة مع ضحكات مسجلة لجمهور غير موجود) ويدور حول ذلك الرجل الذي تجاوز منتصف العمر وما زال بلا زواج. عندما تجد له شقيقته زوجة ويقتنع بها، يتزوّج بها من دون معرفة والديها اللذين يرفعان عليه أربع دعاوى قانونية ويلوّحون بالخامسة. في حلقة لاحقة يجبرونه على الطلاق منها فيكتشف أنه وقع في فخ مجموعة من النصابين.

داود حسين أكثر كوميدي خفيف الدم على الشاشة الرمضانية. جيّد فيما يقوم به ومدهم بحيث تريد له أن يظهر في كل لقطة على الرغم من أن الممثلين الآخرين لا يقلون عنه جودة. الحلقات معالجة بخفة ومكتوبة بنفح خال من الادعاء. تسمع نفسك تضحك فعلا وهذا قليل التكرار في مسلسلات أخرى تسمّي نفسها كوميدية.

لكن إذا ما كان هذا المسلسل الكويتي هو ذروة نجاح بين أترابه الكوميدية، فإن «تفاحة آدم» هو النقيض الكامل ويقف على ذروة نوع آخر تماما. سمّه دراما تشويقية - سياسية حول وضع كان راهنا حتى الأمس القريب.

إنه مسلسل مصري (يبث على نيل دراما وسواها) تقع أحداثه في مصر 2012 أيام حكم الإخوان. في مطلعه يذكّر مشاهديه أن كل ما يشاهدونه هو خيالي بأحداثه وشخصياته. لكن ما إن ينطلق حتى يجد نفسه أمام حالات واقعية ربما حدثت ولم تنقلها وكالات الأخبار أو هكذا تبدو. بالتأكيد هي أحداث مستوحاة من ظروف مواتية وأوضاع أمنية مرّت بها مصر خلال تلك الحقبة العصيبة.

ما هو مهم أن ما هو معروض يحمل نفسا سياسيا واعيا ويتحدّث عن اختراق الإخوان والجماعات المتشددة وزارة الداخلية وقيام شخص مجهول بالمساعدة على الكشف عن عميل مزروع في الوزارة لصالح الإخوان كان يوالي نقل الأخبار ويشرف على المزيد من التعيينات المريبة لقاء مبالغ كبيرة من المال.

أداء جيّد من خالد الصاوي وزكي فطين عبد الوهاب وسامي العدل وعثمان شكري سليم ومن غالبية المشتركين الآخرين في المنهج ذاته الذي بتنا نراه في عدد كبير من المسلسلات المصرية حيث لا مكان للهث وراء «القفشة» العابرة والحوار المدلوق أو لمجاراة مشاهد لا معنى لها إلا لمجرد أن الجمهور يتوقّع تنميطا من ممثل بنى شهرته على النمطي من الأداءات.

الإخراج لعلي إدريس وهو كان خبر العمل السينمائي من قبل، وينقل بعض خبرته إلى هنا معززة بالتغلب، حتى الآن على الأقل، بتحديات توسيع رقعة الحدث لتغطي ثلاثين حلقة من دون ثقوب تذكر.

بطبيعة الحال، ومع وجود هذا الكم الكبير من المسلسلات الرمضانية، لا يستطيع أحد متابعتها على النحو الشامل والكامل. تصوّر أنك رب بيت لا عمل له هذه الأيام بعدما أخذ إجازة رمضانية أو يتمتع بإحالته على المعاش ويريد مشاهدة كل مسلسل، وبل كل حلقة من كل مسلسل يعجبه.. الناتج لن يكون أكثر من هذه الرغبة بكثير، لأنه لن يستطع متابعتها جميعا وعلى نحو متكامل حتى ولو صرف اليوم بأسره أمام الشاشة.

لكن إذا ما ذكرت ذلك لمسؤولين تراهم سعداء لأن الفكرة هي تحديدا أن تتنافس المسلسلات مع بعضها البعض لأن «هذا ما يمنح المسلسلات الرمضانية والجو بأسره تلك النكهة الخاصة»، كما قال لي أحد المسؤولين.

لكن تبعا لذلك، لا تستطيع أن تلم بما حدث في «باب الحارة»، مثلا، في الليلة السادسة عشرة منه إلا إذا قررت أن تضحي بـ«ابن حلال» أو «السيدة الأولى» أو «سرايا عابدين»، ولا تملك إلا أن تخسر بضع حلقات من «الحب سلطان» و«الزفة» و«ضبو الشناتي» إذا ما رغبت في متابعة «إمبراطورية مين» مثلا أو «تذكرة داود».

لكن، يؤكدون لك، هذه هي اللعبة والجميع سعيد بها.