فرنسا «المتعثرة» تحصل على دعم من الاتحاد الأوروبي بما يقارب 16 مليار يورو

يخصص لمواجهة البطالة ويستهدف مشروعات التنمية الريفية والصيد

منح الاتحاد الأوروبي فرنسا العام الماضي عامين إضافيين لجعل عجزها أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي
TT

أعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل عن تبني اتفاق شراكة مع فرنسا لاستخدام أموال الصناديق الهيكلية الأوروبية للاستثمار والنمو والتوظيف للفترة من 2014 إلى 2020. وقالت المفوضية، إن الاتفاق بين المفوضية والحكومة الفرنسية للشراكة وضع استراتيجيات من أجل الاستخدام الأمثل للصناديق الأوروبي التي تساهم في توفير فرص الاستثمار وتحقيق النمو وخلق الوظائف في جميع أنحاء البلاد. ويمهد الاتفاق الطريق للاستثمار بقيمة ما يقرب من 15.9 مليار يورو، سواء في إطار سياسة التماسك للفترة بين 2014 و2020 أو في إطار التعاون الإقليمي الأوروبي وسوف تخصص الاستثمارات إلى قطاع التنمية الريفية بقيمة 11مليارا و400 مليون وأيضا 588 مليون يورو لمصايد الأسماك والقطاع البحري وسوف تساعد الاستثمارات الجديدة في معالجة البطالة وتعزيز القدرة التنافسية والنمو الاقتصادي من خلال دعم الابتكار والتعليم والتدريب في المدن والمناطق الريفية وأيضا لتعزيز روح المبادرة ومواجهة الإقصاء الاجتماعي والحفاظ على البيئة والاقتصاد في استهلاك الموارد وأعلنت المفوضية في الأيام الماضية عن تبني اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي وفي نفس الإطار، وكان آخرها بلغاريا من خلال برنامج اتفاق بقيمة 7.6 مليار يورو وسبقتها رومانيا باتفاقية قيمتها 23 مليارا، وقبلها اتفاق مع الدنمارك في إطار برنامج النمو والتوظيف بقيمة 400 مليون يورو. وفي يونيو (حزيران) الماضي اعتمدت المفوضية الأوروبية ببروكسل، مجموعة من التوصيات تتعلق بالسياسات الاقتصادية للدول الأعضاء بشكل منفرد، وذلك لتعزيز الانتعاش الذي بدأ قبل عام، حسب ما جاء في بيان المفوضية ببروكسل، وأشارت فيه إلى أن التوصيات تستند على تحليلات مفصلة لحالة كل بلد وتقدم توجيهات بشأن كيفية تعزيز النمو وزيادة القدرة التنافسية وخلق فرص العمل في 2014 - 2015، وعرضت تلك التوصيات على مجلس قادة أوروبا ومجلس وزراء المال والاقتصاد خلال نفس الشهر لمناقشتها وإقرارها. وتقول المفوضية، إن العام الحالي جرى التركيز من معالجة المشكلات الملحة الناجمة عن الأزمة إلى تعزيز الظروف اللازمة للنمو المستدام والعمالة في اقتصاد ما بعد الأزمة. وقد اعتمدت المفوضية عدة قرارات بشأن المالية العامة في الدول الأعضاء بموجب ميثاق النمو والاستقرار. وبشكل عام، فإن المحصلة هي مجموعة طموحة من الإصلاحات للاقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وقال مانويل باروسو، رئيس المفوضية، إن التوصيات تأتي بغرض مساعدة الدول الأعضاء للخروج من الأزمة والعودة بقوة إلى النمو وهي توصيات خاصة بكل بلد بوصفها بوصلة تحدد الاتجاه وقد بدأت الجهود والتضحيات التي بذلت تؤتي الثمار، في حين لا يزال الأمر ضعيفا في بعض الأمور. وشملت التوصيات 26 دولة باستثناء اليونان وقبرص إلى أن يجري تنفيذ برنامج التكيف الاقتصادي. وأوضح تقرير المفوضية أن معظم دول الاتحاد المتضررة من الأزمة باستثناء كرواتيا وقبرص سوف تشهد نموا اقتصاديا خلال العام الحالي، كما أنه من المتوقع أن تنمو جميع اقتصادات الاتحاد الأوروبي في 2015. وتوقع التقرير استمرار تحسن الماليات العامة في 2014 وانخفاض العجز إلى أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة. ووجه التقرير توصية بخروج ست دول هي بلجيكا والنمسا التشيك والدنمارك وسلوفاكيا وهولندا من قائمة العجز المفرط في الموازنة بفضل إجراءات اتخذتها في هذا الصدد ليصل عدد الدول التي تواجه هذا الأمر إلى 11 دولة بعد أن وصل الرقم إلى 24 دولة في عام 2011، كما جرت الإشادة بالخطوات التي اتخذتها آيرلندا وإسبانيا والبرتغال. وقال التقرير، إن اليونان أيضا على الطريق، كما أن قبرص تسعى بشكل دؤوب لتحقيق إصلاحات اقتصادية. ونوه التقرير بتحسن الحساب الحالي في الكثير من البلدان، كما توقع أن تنخفض البطالة إلى 10.4 في المائة في عام 2015 وبلغت العام الماضي 10.8 في المائة في الاتحاد الأوروبي وتتفاوت من دولة إلى أخرى، ومنها على سبيل المثال أن النسبة تصل إلى 4.9 في المائة في النمسا وأكثر من 27 في المائة في اليونان. وأشار إلى أن إصلاحات رئيسة جرت في عدة دول أدت إلى مرونة في سوق العمل، وخصوصا في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا. وقال المفوض الأوروبي المكلف شؤون الضرائب سيميتا الغيرداس: «لقد دعونا الدول الأعضاء إلى تحسين الإدارة الضريبية لجعل مسألة مكافحة التهرب الضريبي أكثر صدقا». وأشار إلى أن نظام الضرائب التنافسية يجمع بين الكفاءة والبساطة مع تقاسم الأعباء العادلة، منوها بأن مسألة المالية العامة المستدامة لا يمكن أن تعتمد على مخططات ضريبية قصيرة النظر لجذب الشركات متعددة الجنسيات. واختتم بالقول: «عندما يتعلق الأمر بالتهرب الضريبي فيجب ألا يقتصر الأمر على مجرد اهتمام سياسي فحسب، بل يجب أن يترجم الأمر إلى عمل سريع وحاسم على المستوى الوطني والأوروبي والدولي». من جانبه، قال المفوض الأوروبي المكلف شؤون التوظيف لازلو أندرو، إنه على الرغم من وجود بعض بوادر الانتعاش الاقتصادي فإن الأمر لا يزال بطيئا، بل لا يزال هشا للغاية وغير متساو في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. وقال المسؤول الأوروبي، إن ربع السكان يواجهون خطر الفقر والتهميش الاجتماعي، ومن أكبر التحديات التي يواجهها التكتل الأوروبي الموحد حاليا الاختلافات المتنامية في العمل والحالات الاجتماعية، سواء في منطقة اليورو أو في الاتحاد الأوروبي ككل. وأشار إلى أن التوصيات الخاصة بكل دولة لا تقتصر فقط على مراقبة السياسات المالية والتنافسية وغيرها، وإنما تتضمن العام الحالي للمرة الأولى البيئة الاجتماعية وفرص العمل بحيث تستند التوصيات على تحليل سليم للتوظيف والشواغل الاجتماعية وبشكل أكثر دقة. ويذكر أن توصيات المفوضية بشأن الميزانية والتوظيف وغيرها من الإصلاحات الهيكلية التي يجب أن تنفذها كل الدول الأعضاء على مدار الـ12 - 18 شهرا المقبلة لمساعدتهم على تعزيز النمو. وتصدر المفوضية الأوروبية - الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي - توصيات سنويا بشأن الكيفية التي يجب على الدول الأعضاء اتباعها لمعالجة مالياتها وإصلاح اقتصادها. ويواجه من يخفقون في جعل العجز في الميزانية أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي خطر توقيع عقوبات عليها. ومن الممكن أن يمنح الاتحاد الأوروبي مهلة في حال بذلت الدول جهودا تتعلق بالميزانية جديرة بالثقة، ولكنها تعاني انتكاسات نمو غير متوقعة. وبرزت فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد بالاتحاد الأوروبي، كمصدر قلق رئيس. وتكافح للتسريع من درجة تنافسيتها التي تتسم بالبطء، مما يثير المخاوف بأنها قد تعقد عملية الانتعاش الحالية في منطقة اليورو التي تعصف بها الأزمات. ومنح الاتحاد الأوروبي فرنسا العام الماضي عامين إضافيين - حتى 2015 - لجعل عجزها أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي. غير أن المفوضية الأوروبية توقعت في مايو (أيار) الماضي، أن باريس سوف تتمكن فقط من خفض العجز في ميزانيتها إلى 3.4 في المائة في عام 2015 في حال طبقت المزيد من الإجراءات. جدير بالذكر، أن فرنسا ليست الدولة الوحيدة التي لم تحقق أهداف العجز الخاصة بالاتحاد الأوروبي. وبحسب نفس توقعات المفوضية، فإن إسبانيا - رابع أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو - وسلوفينيا التي تعمل على درء التكهنات بأنها سوف تحتاج إلى حزمة إنقاذ، في سبيلهما أيضا لعدم تلبية أهداف الميزانية في عام 2015. وجرى منح الدولتين وقتا إضافيا للعمل بشأن العجز في ميزانيتهما العام الماضي أيضا. وسوف توجه المفوضية الأوروبية نصيحة اقتصادية لكل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي باستثناء اليونان وقبرص اللتين منحتا بالفعل خطوطا إرشادية صارمة خاصة بالإصلاح في ظل حزم الإنقاذ الخاصة بهما. كما ستنشر توصيات لمنطقة اليورو ككل.