فيلم «ريو.. أنا أحبك» ينقل المخرجة اللبنانية نادين لبكي إلى العالمية

«الملاك» عنوان الجزء الذي شاركت فيه وحمل أحلام الطفولة إلى الواقع

هارفي كايتل مع الطفل البرازيلي
TT

«ريو أنا أحبك» أو (Rio I love you) هو عنوان الفيلم السينمائي الذي أطلق أخيرا في صالات السينما اللبنانية وشاركت فيه المخرجة نادين لبكي من العالم العربي، يتألّف الفيلم من 13 جزءا، مدة كلّ منها 8 دقائق، وشارك فيه مخرجون عالميون، أمثال: جون توتورو، وفرناندو ميريليس، وغيليرمو آريغا، وغيرهم.

تختلف قصة كل جزء من الفيلم، الموقع باسم واحد من هؤلاء المخرجين، عن الآخر، إلا أنها تدور في إطار واحد، وهو بلاد البرازيل (ريو دي جانيرو)، كما يتحدث غالبية ممثليه البرتغالية لغّة البلد.

جرى ربط هذه الأجزاء الـ13 بأسلوب بسيط؛ بحيث اتبع في طريقة تقطيعها تمرير مشاهد أخذت من أجواء الفيلم، ولكن يبرز اختلافها وخروجها عن نص كل جزء منها مباشرة للمشاهد؛ بحيث يكتشف بسرعة أنها تنقله إلى جزء جديد. «الملاك» هو عنوان الجزء الذي أخرجته نادين لبكي ومثّلت فيه إلى جانب الممثل العالمي هارفي كايتل، وطفل برازيلي لم يسبق أن وقف أمام الكاميرا من قبل، وتدور القصة حول طفل مشرّد وقف في محطة قطار أمام جهاز تليفون للاستعمال العام، مانعا أي شخص، ومن بينهم نادين لبكي وهارفي كايتل (من رواد هذه المحطة)، من إجراء مكالمة هاتفية منه، هذا الأمر استدعى نادين لبكي للاستفسار منه عن السبب الذي يقف وراء تصرّفه هذا، فطلبت من صديقها الذي يرافقها كونه يجيد البرتغالية أن يسأله عن السبب، وكانت المفاجأة أن الطفل ابن الـ5 سنوات ينتظر مكالمة من السماء كونه سبق واتصل برقم أخذه من ورقة كان يحملها شقيقه، دوّن عليها اسم ورقم تليفون، ويعرف الصديقان على التو أن حلم الطفل دفعه للاعتقاد بأنه بالفعل اتصّل بالسماء ليحصل على كرة قدم موقّعة من البطل العالمي السابق بيليه.

استخدمت نادين لبكي في مجريات التصوير، لقطات مليئة بالعفوية وخفّة الظلّ المعروفة بهما ضمن أفلام سبق وقدّمتها كـ«سكر بنات» و«هلاّ لوين»، وأوصلت إلى المشاهد رسالتها مباشرة التي تدور حول أحلام الطفولة التي لا تغيب أيضا عن المشردين منهم، وترجمت في كاميرتها أحاسيس وانفعالات الطفل، وحتى تلك الصادرة عن الشخصين الراشدين (هي وهارفي كايتل)؛ بحيث يشعر المشاهد بأنه يعيش القصة في الواقع على طريقة الـ«ثري دي». وكذلك تميزت مشاهد هذا الجزء بموسيقى ألّفها زوجها خالد مزنّر، فأضفت عليها الحيوية، خصوصا أنه استوحاها من لحن «شورينيو» البرازيلي المشهور، وهو كناية عن خليط ما بين «السامبا» و«البوسانوفا».

ووصفت نادين لبكي الفيلم في لقاء مع الصحافيين، بأنه كان بمثابة تحدّ جديد بالنسبة لها لا سيما أنه كان تجربة نقلتها إلى العالمية، فكانت خائفة من ردّة فعل المشاهدين في الغرب عليها، وأكدت أن الفيلم عرض في البرازيل لمدة شهر كامل وحصد الجزء الذي صّورته صدى رائعا.

وأشارت نادين إلى أنها رغم اعتزازها بهذه التجربة، فإنها لم تحمل لها لذّة العمل نفسها التي تجدها عادة في أفلامها اللبنانية، وقالت: «كان هذا الفيلم بمثابة التجربة الأولى لي باللهجة غير اللبنانية، وطبعا مع مخرجين عالميين إلا أنني أجد لذة أكبر في أفلام تتحدث لغة بلادي لبنان».

وعن كيفية وصولها إلى الممثل العالمي هارفي كايتل، فترى أنه من الصعب جدا الوصول إلى ممثلين عالميين؛ إذ يحيطون أنفسهم بقلاع متينة لا يمكن لأي كان أن يخترقها، وأنها استطاعت تحقيق هدفها هذا بواسطة أحد الأصدقاء المشتركين بينهما، وأشارت إلى أن هارفي كايتل لم يتردد في تصوير هذا الجزء معها رغم أنه لا يتعدّى وقته الدقائق الـ8. وذكر زوجها خالد مزنّر معلقا على ذلك، بأن «الممثل العالمي سبق وزار لبنان في الخمسينات، وأنه أبدى حماسه لإعادة الكرّة فيما لو حضّرت له نادين فكرة فيلم سينمائي تدور حول عودته هذه، وأنه مستعد لتنفيذها تحت إدارتها.

وعن طريقة وصولها إلى هذا الفيلم العالمي ردّت موضحة: «لقد تلقيت اتصالا من الجهة المنتجة للعمل، التي تعرّفت إلى من خلال فيلمي (سكر بنات) و(هلاّ لوين)، فلم أتردد في الموافقة عليها كونها تجربة غنيّة لي، أما فكرة المقطع الذي أخرجته فتعود لزوجي خالد، ومن ثم طوّرتها مع صديقي الممثل رودني حداد».

غالبية أجزاء الفيلم تحمل رسائل إنسانية مباشرة وتنقل المشاهد إلى عالم جديد في الإخراج وتسلسل الوقائع، إلا أن الجزء الذي نفّذته نادين لبكي حمل، إلى جانب عنصر حلم الطفولة، البسمة التي يرسمها دون استئذان على ثغرك طيلة مجرياته، مما ولّد تواصلا مباشرا ما بين الطفولة والابتسامة والمشاهد معا؛ بحيث نجحت نادين لبكي في تمرير رسالتها الإنسانية بامتياز.

«ريو أحبك» قد يكون فيلما غريبا في مجرياته وقصصه وأداء ممثليه، التي يشعر المشاهد طيلة الوقت بضرورة تتبعها بدقة وإلا ضاع وتشتت أفكاره، إلا أنه في الوقت نفسه محاولة جدّية لنقل المشاهد إلى عالم سينما جديد من نوعه عليه أن يفكّ رموزه ليستمتع به.