السويد وبريطانيا والدنمارك لم تركب قطار اليورو

TT

هل يتقاسم الاوروبيون نفس الحماس اتجاه «اليورو»؟ الحقيقة أن العملة الجديدة لم تنجح باغراء السكان الاغنياء في شمال اوروبا الذين ظلوا متشائمين. فالدنماركيون رفضوها مرة اخرى في استفتاء جرى في الخريف الماضي، رغم ما تمتلكه بلجيكا من خبرة عظيمة في تسيير امور المجموعة الاوروبية، وكون عاصمتها، بروكسل، تستضيف كبرى مؤسسات الاتحاد مثل مجلس الوزراء والمفوضية الاوروبية والبرلمان بصورة جزئية.

وقد اختارت السويد على غرار بريطانيا والدنمارك عدم تبني اليورو والاحتفاظ بعملتها الوطنية «الكورون» المرتبط بالنظام الاوروبي النقدي، في حين اختارت الدول الاعضاء الاخرى في الاتحاد الاوروبي اليورو عملة جديدة لها. وأظهر استطلاع للرأي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ان نسبة المؤيدين للانضمام الى الاتحاد الاقتصادي والنقدي لم تتجاوز 28 في المائة من السويديين.

ورغم هذا الموقف ادرجت السويد العملة الموحدة في برنامج الاولويات الذي حددته خلال فترة رئاستها. وجاء في النص ان الاتحاد الاقتصادي والنقدي والعملة الموحدة هي عوامل مفيدة بالنسبة للاستقرار والتكامل الاقتصادي. ان نجاح اليورو يعتبر من المصالح الحيوية بالنسبة للاتحاد. وبالتالي، تؤكد استوكهولم انها ستساعد في سير الامور بشكل جيد، لدى بدء التعامل بالاوراق النقدية لليورو في يناير (كانون الثاني) 2002.

وعبر بيتر هين الوزير البريطاني للشؤون الاوروبية ان لندن يجب ان تتوخى الحذر في ما يتعلق بالانضمام للعملة الاوروبية الموحدة. وقال هين الذي تولى منصبه بعد فوز رئيس الوزراء توني بلير في الانتخابات العامة (2001)على هامش قمة الاتحاد الاوروبي المنعقدة في السويد ان المناقشات الدائرة في بريطانيا بشأن الانضمام لليورو يجب ان تهدأ. وأكد جاك سترو وزير الخارجية الجديد وجهة النظر هذه. وقال سترو ان بريطانيا تحتاج لفترة هدوء وتأمل; بشأن ما اذا كانت ستنضم للعملة الموحدة.

وتعهد توني بلير الذي حقق فوزا ساحقا على المعارضين المحافظين في الانتخابات العامة التي جرت يونيو (حزيران) الماضي بالا تنضم بريطانيا لليورو الا اذا كانت الظروف الاقتصادية مؤاتية واذا وافق الشعب البريطاني على هذه الخطوة في استفتاء. وكان كل ما وعد به بلير هو ان يجري تقييما خلال عامين عن مدى استعداد بلاده للانضمام لليورو.

واظهرت استطلاعات الرأي ان اكثر من 70 في المائة من البريطانيين لا يريدون الانضمام الى «نادي اليورو». وتعهد زعيم المحافظين هيغ بالحفاظ على الجنيه الاسترليني لمدة خمس سنوات اخرى على الاقل. لكن مزاعم المحافظين باعتبارهم هذه الانتخابات فرصتهم الاخيرة لانقاذ الجنيه استفزت رئيس الوزراء بلير فانطلق معلنا ثقته بكسب الاستفتاء المزمع اجراؤه حول انضمام بريطانيا الى العملة الموحدة وهاجم سياسة المحافظين بشأن الاتحاد الاوروبي، معتبرا اياها «قريبة من الدعوة للانسحاب. لكن صحيفة «صنداي تايمز» اعتبرت تدخل بلير «المفاجئ» اشارة منه على البدء في تهيئة الرأي العام نحو الانضمام الى اليورو.

ويشير جلين ديفيز استاذ الاقتصاد بجامعة ويلز في كتابه «تاريخ النقود» الى شيء من حقيقة الموقف البريطاني اذ يقول «انه على النقيض من العملات الاوروبية الاخرى لم يحدث قط ان ابدل الجنيه الاسترليني بجنيه جديد أو بأي تصميم آخر على مدى 1300 عام. ويضيف ديفيز «سبقت انجلترا فرنسا بأكثر من 600 عام في تحقيق عملة وطنية موحدة وسبقت المانيا وايطاليا بما يقرب من 900 عام وربما يكون هذا عاملا في الرفض الغريزي في بريطانيا لقبول عملة اوروبية موحدة اليوم. وقد كان للتقارب مع أوروبا اثره على العملة البريطانية.