بوغدانوف في بيروت بجولة «استطلاع رئاسية» تواكب مبادرة فرنسية لانتخاب مرشح توافقي

باريس طرحت مواصفات تنطبق على غانم وعبيد وقوبلت برفض من «حزب الله»

TT

في زيارة ثانية له خلال أسبوعين، عاد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إلى لبنان لاستكمال جولة حملت «العنوان الرئاسي» وبحثت «الملف السوري». والتقى المبعوث الروسي، يوم أمس، عددا من الشخصيات السياسية، أبرزهم رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، ورئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجية، إضافة إلى البطريرك الماروني، بشارة الراعي.

وفي حين يعوّل البعض على الحراك الروسي في لبنان الذي سبقه حراك فرنسي في جولة لمدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية، جان فرنسوا جيرو، أكد جعجع، أمس، بعد لقائه بوغدانوف، أن «الروس والفرنسيين لم يطرحوا أيا من الأسماء المرشحة والمطروحة لرئاسة الجمهورية، بل جلّ ما يقومون به هو السعي لإتمام هذا الاستحقاق في أسرع وقت ممكن».

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر في قوى 14 آذار، أن «الطرح الروسي يختلف عن الطرح الفرنسي فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية ولا يبدو أن هناك تنسيقا بين الاثنين في الملف الرئاسي، لكن ما يجمع بينهما هو الاهتمام بلبنان وبضرورة إجراء الانتخابات»، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «فرنسا تشدد على ضرورة انتخاب رئاسي توافقي، بينما ما تؤكد عليه روسيا هو ضرورة إنهاء الفراغ في هذا الموقع، عارضة إمكانية المساعدة في هذا المجال، من دون أن تطرح أسماء معينة».

وهو الأمر الذي أكدته كذلك، مصادر في قوى 8 آذار، مشيرة إلى أن «الحراك الروسي في لبنان لم يكن لهدف رئاسي بقدر ما هو متعلق بالملف السوري والمبادرة الروسية حول الأزمة السورية»، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «لقاءات بوغدانوف في لبنان، ولا سيما لقائه الأسبوع الماضي بأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، لم تكن حول الملف الرئاسي، بل بحث حول الأزمة السورية، والمبادرة الروسية الأخيرة»، وأوضحت المصادر أن فرنسا، وعبر جيرو، «لم تحث فقط على إنهاء الفراغ وانتخاب رئيس توافقي، بل إنها حاولت (رسم صورة) رئيس توافقي، انطبقت مواصفاته على النائب في قوى 14 آذار، روبير غانم، لكن (حزب الله) رفض الطرح، والأمر نفسه، فيما يتعلق بالوزير السابق جان عبيد، الذي يعتبره السوريون مرشحا طرفا، وذلك بعد الوصول إلى قناعة بعدم إمكانية وصول قائد الجيش، جان قهوجي، وحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة».

وفيما أشارت مصادر 8 آذار أنه لا تغيير لغاية الآن في المواقف في ملف رئاسة الجمهورية، ولا يبدو أن هناك أي تغييرات ستطرأ على هذا الملف قريبا، لفتت إلى أن «حزب الله» جدد تأكيده للفرنسيين على دعمه للنائب ميشال عون مرشحا للرئاسة. ومن جهتها، استبعدت مصادر 14 آذار أن تكون روسيا تدفع باتجاه انتخاب عون، معتبرة أن اللقاء الذي حصل في زيارة بوغدانوف السابقة مع نصر الله، يؤكد بما لا يقبل الشك أن القرار الرئاسي في فريق 8 آذار، في يد الحزب، وليس كما يقول الأخير إن الكلمة النهائية في هذا الأمر هي لعون.

في المقابل، أشارت أوساط دبلوماسية فرنسية لـ«وكالة الأنباء المركزية»، أن «فرنسوا جيرو سيزور العاصمة الإيرانية، الاثنين المقبل»، متوقعة أن يتوجه أيضا إلى المملكة العربية السعودية قبل نهاية العام بهدف تتويج مهمته بانتخاب رئيس توافقي للبنان في أقرب وقت، والأرجح مع مطلع العام الجديد. وترى الأوساط أن هناك إيجابيات كبيرة وفرصة دولية توجب على اللبنانيين الإفادة منها لوضع حد للشغور الرئاسي، خصوصا أن فرنسا تعرب عن قلقها إزاء الشغور المستمر في رأس الدولة، وتنبه اللبنانيين إلى المخاطر التي تحيط بلبنان وتوجب عليهم الإسراع في التوافق على رئيس يدير الأوضاع من دون أن يعني ذلك التدخل في شؤون اللبنانيين، وهو ما أوضحه جيرو خلال لقاءاته في بيروت مكررا أن «لا مرشح لفرنسا، ولا فيتو على أحد، وأن المساعي المبذولة تساعد على اتفاق اللبنانيين مع احترام السيادة».

وبعد لقائه جعجع، أعرب بوغدانوف عن قلق موسكو من الوضع الخطير في المنطقة ككل، مشيرا إلى أن «البحث تطرق إلى موضوع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان والتطورات في المنطقة، وخصوصا في سوريا»، وحض الأفرقاء اللبنانيين على «أهمية إجراء حوار شامل يضمن مصلحة لبنان الكبرى».

كذلك، قال المبعوث الروسي، بعد لقائه فرنجية، إنّه «تم خلال اللقاء مناقشة كل القضايا المطروحة، ومسألة انتخاب الرئيس في لبنان، والتطورات في المنطقة ككل، والأزمة السورية»، مشيرا إلى أن «هناك تجاوبا إلى حد معين» من قبل الأطراف اللبنانيين.

وأضاف: «نعتمد على تقييم فرنجية ونصائحه التي نعكس بها انطباعاتنا أثناء اتصالاتنا مع الجهات المعنية اللبنانية والعربية، بشكل عام»، مؤكدا أننا «نسعى لإيجاد الحلول المناسبة مع الأفرقاء المعنيين ومع أصدقائنا في سوريا ولبنان على أساس التوافق، وفي إطار الحوار الوطني الشامل، الذي يحترم المصالح والحقوق في لبنان وسوريا».