غرونوبل أول مدينة أوروبية دون لوحات إعلانية تجارية

فاتورة وضع الإعلان الواحد لمدة أسبوع 3 آلاف يورو في عاصمة الألب الفرنسي

القانون الجديد يحضُ الشركات على استخدام التكنولوجيا في العمل الإعلاني
TT

أثناء حملته الانتخابية لموقع بلدية غرونول (جنوب شرقي فرنسا)، وعد إيريك بيول الناخبين بإلغاء لوحات الإعلانات التجارية. بعد عدة أشهر، تحول الوعد إلى حقيقة، فُتح نقاش كبير حول الجدوى من وضع هذه اللوحات الإعلانية في الحيز العام الذي يفترض أنه ملك للمواطنين. غير أن النقاش تحول إلى حرب مع أصحاب الشركات الإعلانية الكبرى التي ستخسرُ على أثر هذا القرار دجاجتها التي تبيض ذهباً منذ عام 1960.

والحق أن خلف هذا القرار فكرة تتجاوز مجرد الإعلان. فبحسب رئيس البلدية إيريك بيول: «البلدية تسعى لتحرير المساحة العامة من السياسات الإعلانية التي تسبب ضغوطا نفسية ومادية على المواطنين، وهي محاولة لسلب ما في جيوبهم من خلال وضعهم تحت عامل الدهشة نفسيا». السوق الإعلانية في عاصمة إقليم الألب الفرنسي تبلغ شهرياً أرقاماً كبيرة، تتحكم بها شركة كبيرة واحدة، و10 شركات صغيرة. حيث تبلغ فاتورة وضع الإعلان الواحد لمدة أسبوع 3 آلاف يورو يعرض في عدد محدود من اللوحات الإعلانية، مما يعني أن القيمة تتضاعف إلى أرقام كبيرة كلما كان المعلن يطلب المزيد وهو أمر (يسهم في إزعاج السكان كما أنه بدأ يسيطر على مساحات هامة من الحيز العام). في هذا السياق كشفت الدراسة التي قامت بها مؤسسة الأبحاث والدراسات سوفريس أن 57 في المائة من الفرنسيون يعتبرون أن الإعلانات مبتذلة فيما يعتقد 73 في المائة أنها تحتل الحيز العام احتلالاً، بينما اعتبر 85 في المائة أنها تتدخل في خيارتهم التسويقية وتؤثر على اتجاهاتهم الشرائية.

غير أن بلدية غرونوبل لن تمنع هذه الشركات من العمل، بل إن القانون الجديد الذي تم إقراره يحضُ هذه الشركات على استخدام التكنولوجيا في العمل الإعلاني. ويدعو القانون هذه الشركات إلى استعمال الإنترنت للإعلان (وهذا يتيح للمواطن الدخول بخيار شخصي وليس فرض الإعلان عليه فرضاً، كما كان حاصلاً) كما أنه، يخصص أماكن محددة هامشية لا تدخل في الحيز العام بشكل اقتحامي لوضع لوحات إعلانية Digigre تسهل من جهة التحكم فيها رقمياً عن بعد وكذلك تخفف من استعمال الأوراق نظرا للتهديدات البيئية الخطيرة التي يسببها استهلاك الورق على الكوكب.

الخطة التي عرضتها البلدية بناء على قرارها الجديد ستدخل مسارها التنفيذي منذ بداية العام المقبل وحتى شهر يوليو (تموز) المقبل للتخلص من 326 لوحة إعلانية من الحيز العام، على أن تزرع مكان هذه اللوحات أشجارا تحسن من مظهر الحيز العام وتسهم في إنعاش بيئة المدينة التي تعتبر من أهم المدن الصناعية - العلمية في فرنسا. علماً أن البلدية ستخصص 300 لوحة إعلانية متطورة في المرحلة المقبلة، شرط أن لا يكون لها تأثير مباشر على الحيز العام، وبالتالي قد تكون في أماكن مهمشة، الأمر الذي سبب انتقادات حادة من شركات الإعلان. لكن هذه الانتقادات لن تؤثر على المسار الذي اختارته البلدية لتكون أول مدينة أوروبية وربما عالمية بلا إعلانات.