باكستان تكثف هجومها ضد طالبان بعد مذبحة مدرسة بيشاور

قصف 20 مخبأ.. ومقتل 5 تابعين للحركة المتشددة في مداهمات كراتشي

طلاب باكستانيون يوقدون الشموع من أجل زملائهم ضحايا مذبحة مدرسة بيشاور أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن الجيش الباكستاني أمس أن القوات كثفت من هجومها على المسلحين الإسلاميين، حيث قتلت 57 متمردا في هجمات جوية جديدة، كما أن القوات البرية اقتربت بصورة أكبر من معاقلهم. وجاء في بيان الجيش إن المقاتلات قصفت 20 مخبأ للمسلحين في منطقة خيبر، التي تتاخم مدينة بيشاور، حيث قتل مسلحو طالبان الثلاثاء 148 شخصا بينهم 135 طالبا في مدرسة يديرها الجيش. كما تحركت القوات البرية تجاه وادي تيراه، الممر الجبلي بالقرب من الحدود الأفغانية، حيث أقامت عدة جماعات مسلحة ذات صلة بتنظيم القاعدة ملاجئ لها.

وفي واقعة منفصلة، قتل أفراد من القوات شبه النظامية 5 مسلحين تابعين لطالبان في مداهمة بمدينة كراتشي جنوب باكستان. وبدأت الحياة تعود لطبيعتها ببطء في بيشاور بعدما توقفت الحياة بصورة كبيرة أمس حدادا على أرواح ضحايا الهجوم الأكثر دموية في باكستان منذ أكثر من عقد. كما اجتمع القادة السياسيون والعسكريون في العاصمة إسلام آباد لمناقشة ما أطلق عليه المسؤولون «خطة عمل جديدة لمحاربة المسلحين». وكان رئيس الوزراء نواز شريف قد تعهد أمس بالقضاء على المسلحين بقوة الدولة، كما أنهى فورا قرار تعليق تنفيذ حكم الإعدام بحق المدانين في جرائم إرهابية. وقد احتشد الآلاف من الباكستانيين في الشوارع في جميع المدن لإدانة الهجوم، ومطالبة الحكومة باتخاذ إجراء حاسم لمواجهة المسلحين.

وربما يكون الباكستانيون قد اعتادوا الهجمات شبه اليومية التي يستهدف فيها المتشددون قوات الأمن، لكن شن هجوم مباشر على أطفال أحدث صدمة في البلاد وأطلق نداءات بين المعلقين برد عسكري قوي. وكانت اليوم ساحة مدرسة الجيش العامة التي شهدت المذبحة خالية تماما إلا من بضعة قناصين على أسطح مبانيها.

وبجوار المدخل انتشرت عربات عسكرية وجنود ملثمون مسلحون ببنادق آلية. وبعد يوم على الهجوم خيمت أجواء الحزن على بيشاور، ولا يزال كثيرون في حالة صدمة وهم يستعيدون الأحداث المروعة ويحاول بعضهم تهدئة بعض. وتكشفت تفاصيل أكثر عن الهجوم الذي كان منظما جيدا مع إدلاء شهود عيان برواياتهم.

وقال عصام الدين، وهو سائق لإحدى حافلات المدرسة عمره 25 عاما، جاء المهاجمون نحو الساعة العاشرة والنصف صباحا في شاحنة صغيرة.

وأضاف: «قادوها إلى خلف المدرسة وأشعلوا النار بها لقطع الطريق، ثم ذهبوا إلى البوابة الرئيسة وقتلوا جنديا وحارسا وبستانيا. وبدأ إطلاق النار ووقع الهجوم الانتحاري الأول».

وأعلنت حكومة رئيس الوزراء نواز شريف الحداد لمدة 3 أيام، لكن شغل الناس الشاغل انصب على ما يمكن أن تفعله السلطات لحماية البلاد.

كان شريف قد تولى رئاسة البلاد العام الماضي ووعد بالتفاوض على السلام مع حركة طالبان الباكستانية، لكن تلك الجهود باءت بالفشل هذا العام، مما أضعف موقفه ودفع الجيش لشن حملة جوية وبرية على المتشددين المسلحين على الحدود مع أفغانستان.

وصرح مصدر أمني بأن الجيش وجه مزيدا من الضربات الجوية لمواقع تابعة لطالبان هناك في وقت متأخر الليلة الماضية، لكن لم يتضح ما إذا كان ذلك ردا على الهجوم على المدرسة. لكن رغم الحملة العسكرية التي تسلط وسائل الإعلام الضوء عليها، فإن الجيش يواجه منذ فترة اتهامات بالتساهل أكثر مما ينبغي مع الإسلاميين المتشددين الذين يقول البعض إنهم ينفذون رغبات الجيش في أماكن مثل كشمير وأفغانستان. وينفي الجيش هذا. وقالت شيري رحمن سفيرة باكستان السابقة لدى الولايات المتحدة والسياسية المعارضة «على الناس أن يتوقفوا عن المواربة ويتكاتفوا في وجه مأساة وطنية». وأضافت: «هناك زعماء للأمة يقدمون تبريرات لأفعال طالبان، وهناك من لا يشيرون إلى طالبان في أحاديثهم».

وطالبان الباكستانية متحالفة مع طالبان الأفغانية ومع تنظيم القاعدة ومقاتلين أجانب آخرين. وتتهم باكستان منذ فترة أفغانستان بعدم بذل ما يكفي لقمع المسلحين.

أما أفغانستان فتلقي باللائمة على باكستان لسماحها لجماعات متشددة مثل طالبان الأفغانية وشبكة حقاني بالعمل بحرية على الأراضي الباكستانية وشن هجمات في أفغانستان.

ومن المتوقع أن يزور قائد الجيش الباكستاني أفغانستان اليوم الأربعاء لإجراء محادثات يرجح أن تكون صعبة مع نظرائه الأفغان بشأن كيفية مواجهة المتشددين المسلحين.

من جهة أخرى، لقي 5 إرهابيين حتفهم في تبادل إطلاق النار مع قوات شبه عسكرية (رينجرز) أمس في كراتشي جنوب باكستان. وقال متحدث باسم القوات شبه العسكرية إن القوات قامت بعملية بناء على معلومات سرية في منطقة مانجوبير في كراتشي حيث وقع تبادل لإطلاق النار، بحسب قناة «جيو» الإخبارية الباكستانية. وخلال تبادل إطلاق النار، قتل 5 مسلحين بينما أصيب أحد أفراد القوة شبه العسكرية بإصابات. وأضاف المتحدث أنه جرت استعادة أسلحة ومتفجرات كانت بحوزة المسلحين.

يذكر أن حركة طالبان تشن هجمات ضد القوات والأهداف الحكومية في باكستان وأعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على مدرسة تابعة للجيش الثلاثاء الماضي في مدينة بيشاور شمال غربي البلاد، ما أسفر عن مقتل 148 من الطلبة والمعلمين. وعرضت قناة «إيه آر واي» الباكستانية أمس المزيد من اللقطات من داخل مدرسة في بيشاور شهدت مذبحة قُتل فيها 148 شخصا معظمهم من الطلاب على أيدي متمردي حركة طالبان. وأظهرت اللقطات بقع الدماء على الأرض في المكان الذي وقع فيه الحادث ومتعلقات شخصية مثل حذاء ونظارة. وبدأت باكستان التي عمتها الصدمة الثلاثاء الماضي دفن 132 طالبان قُتلوا على أيدي متشددي طالبان، فيما زاد الضغط على الحكومة لكي تفعل المزيد من أجل التصدي للتمرد.