كأس السوبر الإيطالية في الدوحة.. «عصفوران بحجر واحد»

اليوفي ونابولي يلتقيان غدا.. والمنظمون سيوجهون رسالة للعالم بالقدرة على التنظيم العالمي

جانب من تدريبات نابولي في الدوحة (أ.ف.ب) - بيرلو خلال استعدادات اليوفي لمباراة السوبر الإيطالي غدا (أ.ف.ب)
TT

بينما يتطلع عشاق الساحرة المستديرة في كثير من أنحاء العالم عامة وفي إيطاليا بشكل خاص، إلى المواجهة المرتقبة بين يوفنتوس ونابولي في العاصمة القطرية الدوحة، غدا (الاثنين)، لمعرفة بطل السوبر الإيطالي، ستكون المباراة بمثابة رسالة موجهة من المنظمين في الدوحة إلى مسؤولي وجماهير اللعبة في كل أنحاء العالم، وكذلك إلى وسائل الإعلام العالمية. وتتزامن المباراة مع إعلان اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنها ستحدد توقيتات بطولة كأس العالم 2022 في قطر، وذلك خلال اجتماعاتها المقررة في مدينة زيوريخ السويسرية في 19 و20 مارس (آذار) المقبل. وبينما يترقب كثيرون نتيجة المباراة لمعرفة بطل السوبر الإيطالي في سابع مرة تقام فيها البطولة خارج إيطاليا، حيث أقيمت من قبل في واشنطن، وطرابلس، ونيويورك، وفي بكين 3 مرات، ستكون المباراة بالنسبة للمنظمين في قطر بمثابة فرصة جديدة لتقديم نموذج تنظيمي ناجح، وتأكيد القدرة على استضافة مثل هذه الأحداث الكبيرة، إضافة لمحاولة إقناع أعضاء «الفيفا» وجميع المتابعين بمزايا اللعب في الدوحة خلال فصل الشتاء.

والحقيقة أنها ليست المباراة الكبيرة الأولى التي تستضيفها الدوحة؛ حيث شهدت السنوات الماضية سلسلة من البطولات الضخمة التي أقيمت في العاصمة القطرية، ومنها دورة الألعاب الآسيوية عام 2006، وكأس الخليج العربي، وكذلك دورة الألعاب العربية، وكأس آسيا 2011، ومباريات ودية من العيار الثقيل كالمواجهة بين المنتخبين البرازيلي والأرجنتيني على استاد خليفة الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010.

ولكن مباراة كأس السوبر الإيطالية تحظى بأهمية أكبر من المواجهات والبطولات السابقة لعدة أسباب، في مقدمتها الصبغة الرسمية لهذه المباراة، وكونها تأتي في ختام فعاليات 2014 هذا العام الذي شهد كثيرا من الجدل بشأن استضافة قطر لمونديال 2022، كما تأتي المباراة قبل 3 شهور فقط من حسم الجدل بشأن توقيتات مونديال 2022.

ولهذا، يسعى المنظمون في الدوحة إلى ضرب أكثر من «عصفور بحجر واحد» من خلال التنظيم الناجح لهذه المباراة التي دعي إليها كثير من ممثلي وسائل الإعلام العالمية.

وتمثل المباراة فرصة حقيقية لإقناع مسؤولي اللجنة التنفيذية بـ«الفيفا» لإقامة مونديال 2022 في فصل الشتاء، علما بأن فرص صدور هذا القرار تزايدت بشكل هائل في الشهور الأخيرة مع اقتناع كثيرين بصعوبة إقامة البطولة في درجات الحرارة المرتفعة التي يتسم بها فصل الصيف في منطقة الخليج العربي؛ حيث تصل درجة الحرارة لنحو 50 درجة مئوية؛ مما قد يعني عدم استمتاع اللاعبين والجماهير بالبطولة، رغم التعهدات القطرية باستخدام نظم تبريد وتكييف متطورة في ملاعب البطولة. وأوضح «الفيفا»، في بيان له، الجمعة الماضي، أن اللجنة التنفيذية أكدت أن «توقيتات مونديال 2022 ستحسم في الاجتماع المقبل للجنة بمدينة زيوريخ في 19 و20 مارس 2015».

وقبل هذا الاجتماع، ستجتمع مجموعة المهام الخاصة المكلفة بوضع جدول المباريات الدولية للفترة من 2018 إلى 2024 وكأس العالم 2022 برئاسة البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، رئيس الاتحاد الآسيوي للعبة، في العاصمة القطرية الدوحة في 23 فبراير (شباط) المقبل.

ودعا السويسري جوزيف بلاتر، رئيس «الفيفا»، إلى نقل مونديال 2022 من فصل الصيف إلى الشتاء لتجنب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة بفصل الصيف في منطقة الخليج العربي.

وقال جيروم فالكه، سكرتير عام «الفيفا»، الشهر الماضي، إن «الفيفا» اقترب من «تقليص المواعيد المقترحة إلى موعدين لإقامة البطولة في يناير (كانون الثاني) وفبراير 2022 أو في نوفمبر وديسمبر (كانون الأول) 2022».

كما تلقى «الفيفا» طلبا من اتحاد الأندية الأوروبية بنقل البطولة إلى أواخر أبريل (نيسان)، ومايو (أيار) 2022. وفي الوقت نفسه، طالبت اللجنة الأولمبية الدولية «الفيفا» بعدم إقامة البطولة في نفس موعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقررة في مطلع عام 2022.

وصرح الألماني توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، في وقت سابق من الشهر الحالي بأنه لن يكون هناك أي «فائز» في حالة تزامن إقامة الحدثين. وقال باخ إنه تلقى وعدا من بلاتر بعدم تضارب موعد الحدثين. وأوضح: «ليس لدي ما يدعو لعدم تصديق هذا».

وإزاء هذه التأكيدات من باخ وبلاتر، يبدو التوقيت الأقرب للواقع هو نوفمبر وديسمبر 2022، وهو ما تسعى الدوحة إلى تدعيم جدواه من خلال مباراة السوبر الإيطالي. ولم يكن توقيت البطولة هو الأمر الأكثر إثارة للجدل في 2014 بالنسبة لمونديال 2022، وإنما كانت هناك التقارير الإعلامية التي أثيرت بشأن ظروف العمال في قطر، وخصوصا من العاملين في الإنشاءات بالاستادات المقرر لها أن تستضيف فعاليات المونديال وغيرها من المنشآت الرياضية التي تخدم البطولة.

لكن الأسابيع القليلة الماضية شهدت تراجعا في حدة الانتقادات الموجهة إلى قطر في هذا الشأن. ويبدو أن التعهدات القطرية بتحسين ظروف العمل وأحوال العمال، إضافة إلى الجولات المكوكية لحسن الذوادي، الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث، والمكلفة باستعدادات قطر للمونديال في أوروبا، وزياراته إلى «الفيفا» أثمرت بالفعل من خلال إقناع كثيرين بوجود تغييرات في ظروف العمل والعمال. وأكدت تقارير إخبارية في الآونة الأخيرة أن منطقة الخليج ما زالت هي المقصد الرئيسي للقوى العاملة الهندية في ظل الطفرة التي تشهدها المنطقة في أعمال الإنشاءات، وخصوصا في قطر استعدادا لمونديال 2022.

كما كشف تقرير بثته وكالة الأنباء الآسيوية (إيه إن آي) تصريحات لعدد من المسؤولين يشيدون بأوضاع العاملين في المنشآت، خصوصا المتعلقة بمونديال 2022، وأشار التقرير بعنوان «يبقى الخليج مقصدا رئيسيا للقوى العاملة الهندية» إلى أنه «في السنوات العشر المقبلة يتوقع أن يستفيد كثير من العمال المهرة وغير المهرة بالهند من الازدهار الذي تشهده منطقة الخليج، خصوصا في قطاع البناء والتشييد؛ حيث يتوجهون بشكل مباشر للخليج بحثا عن فرص عمل وأجور أفضل».

ورصد التقرير تصريحات لمسؤولين بالسفارة الهندية في قطر، شددوا خلالها أن التفاهم بات كاملا بين المسؤولين وحكومة قطر، وأن وفاة أحد العمال الهنود كان «عاديا» نظرا لحجم الجالية الهندية في قطر التي تبلغ نحو نصف مليون شخص يمثلون 22 في المائة من حجم القوى العاملة في قطر. وتضمن التقرير بيانا للسفارة الهندية في قطر جاء فيه: «الهند لديها تاريخ طويل من العلاقات الودية مع قطر تتسم بالعلاقات التجارية والاتصالات بين الشعوب.. والعلاقة اليوم قوية ووطيدة ومتعددة الأبعاد، والجالية الهندية الكبيرة تبدو عاملا محفزا لتدعيم العلاقات والروابط الثنائية بين البلدين». وأضاف: «لا تزال غالبية العمالة الهندية تشارك في أعمال متواضعة وتنتمي إلى مجموعات منخفضة أو متوسط الدخل، ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية تزايد عدد الهنود في الوظائف المهنية كأطباء ومهندسين ومحاسبين قانونيين ومصرفيين، إضافة إلى أن عددا منهم أسس لنفسه بعض المشروعات الصغيرة».

وأشار البيان إلى أن السفير الهندي في قطر، سانجيف أرورا، ترأس في 28 نوفمبر الماضي، يوما مفتوحا لمعالجة القضايا القنصلية والعمالية الطارئة وحالات الرعايا الهنود في البلاد.. والتقى جميع أصحاب الشكاوى وناقش مشكلاتهم، وأكد لهم أن السفارة سوف تتابع باهتمام قضاياهم مع السلطات الحكومية القطرية.

وأوضح التقرير تعهد وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والداخلية في قطر بإلغاء البنود المثيرة للجدل في اللوائح الحالية في البلاد، ومنها «نظام الكفالة»، إضافة لتغييرات أخرى ممكنة كعقود إلزامية لرفاهية الموظف وفرض عقوبات على أرباب العمل الذين لا يوفون التزاماتهم.

وتأتي مباراة السوبر الإيطالي في الدوحة وسط تأكيدات من «الفيفا» بغلق ملف الجدل بشأن منح حق استضافة بطولتي كأس العالم 2018 و2022 إلى روسيا وقطر؛ حيث أكد السويسري جوزيف بلاتر، رئيس «الفيفا»، عدم إعادة عملية التصويت على حق استضافة بطولتي كأس العالم 2018 و2022. ولكنه أشار، الجمعة الماضي، إلى موافقة «الفيفا» على نشر تقرير مايكل جارسيا، كبير المحققين المستقيل من لجنة القيم بـ«الفيفا»، عن التحقيقات بشأن ادعاءات الفساد في عملية منح حق استضافة البطولتين إلى روسيا وقطر على الترتيب. وأوضح بلاتر، في بيان لـ«الفيفا»، أمس، أن تقرير جارسيا سينشر «بنسخة منقحة» بعد التحقيقات مع عدد من المسؤولين البارزين بـ«الفيفا» بشأن عملية منح حق استضافة مونديال 2018 و2022. ورغم هذا، قال بلاتر إن «التقرير (للتاريخ) فقط»، وأنه يرغب في التركيز على المستقبل، ولهذا فـ«إن (الفيفا) لن يعيد التصويت على حق استضافة أي من بطولتي كأس العالم 2018 و2022». ويأتي بيان «الفيفا» ردا على المطالبات بنشر التقرير الكامل للتحقيقات التي أجراها مايكل جارسيا كبير المحققين في لجنة القيم بـ«الفيفا» بشأن ادعاءات بوجود فساد في عملية التصويت لمنح حق استضافة بطولتي 2018 و2022. وذكر بلاتر، في بيان «الفيفا»، أمس، أن اللجنة التنفيذية بـ«الفيفا» وافقت بالإجماع على مطالبة الغرفة القضائية بلجنة القيم بـ«نشر تقرير جارسيا في نسخة منقحة بمجرد انتهاء الإجراءات اتجاه الأشخاص الذين ورد ذكر أسمائهم في التقرير». وأضاف: «أشعر بالسعادة لموافقة اللجنة التنفيذية على هذا. كانت عملية طويلة للوصول إلى هذه النقطة، وأتفهم وجهة نظر هؤلاء المنتقدين».