بروكسل: الاستثمارات الأوروبية تراجعت منذ 2007 بقيمة 430 مليار يورو

أكدت تفوق واشنطن وبكين عليها بما لذلك من تبعات على تنافسيتها الاقتصادية العالمية

TT

قال البرلمان الأوروبي إن الاستثمارات في أوروبا تراجعت منذ ذروتها في 2007 بمقدار 430 مليار يورو، وإن هناك تفوقا من جانب الولايات المتحدة والصين على أوروبا في الإنفاق، ومن ثم سيكون التفوق غدا في المنافسة. وجاء ذلك بالتزامن مع إقرار القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل خطة استثمارية استراتيجية بقيمة 315 مليار يورو بعد أن تقدمت الدول الأعضاء بمقترحاتها وطلباتها حول المشروعات التي يمكن تنفيذها في إطار هذه الخطة، وعلى سبيل المثال قدمت بلجيكا إلى المفوضية الأوروبية ملفا من 100 صفحة يتضمن لائحة بمشاريع قابلة للتمويل بواسطة خطة الاستثمار الأوروبية، وغالبية المشاريع المقدمة تدخل في مجال إنتاج الطاقة، وخصوصا الهوائية منها، بالإضافة إلى مشاريع المواصلات الكهربائية مع ألمانيا وفرنسا وهولندا ولوكسمبورغ وحتى مع بريطانيا بواسطة كابل بحري بطول 135 كيلومترا. وتقول إكسلا بوليت، ناطقة باسم شركة إيليا لتوليد الطاقة الهوائية في بلجيكا: «مملكتنا تقع في قلب أوروبا ولأجل تواصل أفضل، علينا أن نسهم في بناء الشبكة الكهربائية الأوروبية، وهكذا نكون قد أسهمنا في هذه السوق الموحدة باندماجنا في هذه الشبكة الكبرى».

بلجيكا تقدمت أيضا بمشاريع تخص المواصلات والبنى التحتية المتعلقة بالبيئة والإنتاج الرقمي، وخاصة الاتصالات التي تؤدي الخدمات الخاصة بالمجال الصحي، بحيث يتمكن الجهاز الصحي العام والخاص من متابعة شؤون المرضى والمسنين عبر الإنترنت. وبحسب محطة الأخبار الأوروبية التلفزية، في هذا المجال يبدي بعض التحفظ الخبير الاقتصادي غريغوري كلايز من معهد بروغل: «هنالك مشاريع لا يهتم لها المستثمرون الذين يسعون للاستفادة من استثماراتهم، وهؤلاء سيختارون بين المشاريع التي تعطيهم ربحا أكيدا مهما والمشاريع التي لن تتحقق على المدى القريب». المشاريع الاستثمارية المقدمة إلى المفوضية الأوروبية ستدرسها لجنة من الخبراء معينة من قبل المفوضية والمصرف الأوروبي للاستثمار.

يأتي ذلك فيما كشف رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، عن أن الاستثمارات في أوروبا انخفضت بشكل كبير نتيجة الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة والصين متقدمتان بشكل كبير على أوروبا في مجال الاستثمارات. وقال شولتز أمام قمة زعماء دول الاتحاد الأوروبي الجمعة: «جئنا إلى بروكسل لمناقشة الخطة الاستثمارية لأوروبا التي جرى إطلاقها في البرلمان الأوروبي يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني)»، موضحا أنه «نظرا إلى الأزمة انخفض الاستثمار بنحو 430 مليار يورو منذ ذروته في عام 2007». وأضاف أن المستويات الحالية للاستثمار لا تزال متدنية بشكل مثير للقلق، لافتا إلى أن «أوروبا تتخلف بالفعل عن الولايات المتحدة والصين اللتين تتفوقان اليوم بالإنفاق بما يسمح لهما بالتفوق غدا في المنافسة». ورأى شولتز أن «خطة الاستثمار هي في نهاية المطاف معنية بالناس، فهي تتعلق بضمان أن الـ25 مليون أوروبي الذين لا يزالون عاطلين عن العمل سيجدون وظيفة مجددا وهي تتعلق أيضا بانتشال الملايين من الأوروبيين من الفقر وضمان أن أطفالنا سيكون لهم مستقبل جيد».

وفي البيان الختامي لاجتماعات قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، التي استغرقت يوما واحدا، وعقب مناقشة ملف الخطة الاستثمارية التي تقدمت بها المفوضية الأوروبية والتي تبلغ قيمتها 315 مليار يورو - جرى إقرار إنشاء صندوق أوروبي للاستثمارات الاستراتيجية في بنك الاستثمار الأوروبي، بهدف جمع المبلغ المطلوب (315) مليار لتنفيذ استثمارات جديدة بين عامي 2015 و2017، وستقدم المفوضية بصفتها الجهاز التنفيذي، اقتراحاتها حول هذا الصدد في يناير (كانون الثاني) المقبل، على أن يجري التوصل إلى اتفاق بشأنه من الجهات التشريعية بحلول يونيو (حزيران)، بحيث يمكن تنشيط الاستثمارات الجديدة في منتصف العام. كما دعا البيان، البنك الأوروبي للاستثمار، إلى بدء الأنشطة باستخدام أمواله الخاصة اعتبارا من مطلع العام المقبل، وسيكون صندوق الاستثمار الأوروبي مفتوحا لمساهمات الدول الأعضاء بشكل مباشر أو من خلال البنوك الوطنية، وقال البيان، إن المفوضية، والبنك الأوروبي للاستثمار، سيعملان على تعزيز المساعدة التقنية للمشروعات الجديدة، وتهيئة مركز للاستشارات الاستثمارية، ليكون العمل جاهزا منتصف العام المقبل.

وأكد البيان أن صندوقا أوروبيا للاستثمارات الاستراتيجية سيكون مكملا وإضافة للبرامج الأوروبية الأخرى في الاتحاد الأوروبي، وأيضا أنشطة بنك الاستثمار الأوروبي التقليدية. ودعا البيان كلا من المفوضية، والمؤسسة التشريعية الأوروبية، لتكثيف العمل بشأن التدابير الرئيسية لزيادة جاذبية الاتحاد الأوروبي للاستثمار، والإنتاج، والابتكار، وتحسين البيئة التنظيمية للاستثمارات، بما في ذلك التحرك نحو أسواق رأسمال متكاملة. وجاء في البيان: «تشجيع الاستثمار، ومعالجة فشل السوق في أوروبا يشكلان تحديا رئيسيا، ولذا فإن التركيز على الاستثمارات الجديدة إلى جانب الالتزام من جانب الدول الأعضاء بتكثيف الإصلاحات الهيكلية، ومتابعة ضبط أوضاع المالية العامة، سيوفر الأساس للنمو وفرص العمل في أوروبا».

ونشرت المفوضية الأوروبية ببروكسل قبل أيام قليلة، تقرير مجموعة العمل المعنية بفرص الاستثمار في أوروبا، وجاء في التقرير أن هناك 2000 من المشروعات تبلغ قيمتها تريليونا و300 مليار يورو، ومن بين تلك المشروعات المحتملة التي تبلغ قيمتها 500 مليار يورو يمكن تنفيذها خلال السنوات الثلاث المقبلة، وجرت مناقشة التقرير الثلاثاء من جانب وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد خلال اجتماعاتهم ببروكسل الأسبوع الماضي، وقال التقرير، إن الكثير من المشروعات لا تتحقق بسبب الحواجز المالية والتنظيمية وغيرها، وقال نائب رئيس المفوضية جيركي كتاينن المكلف شؤون التوظيف والنمو والاستثمار، إن تقرير اليوم يظهر أن هناك احتياجات استثمارية ضخمة ومشاريع قابلة للتنفيذ يمكن أن تسهم في رفع النمو الاقتصادي وفتح المزيد من الفرص للتشغيل، وأضاف المسؤول الأوروبي أن المفوضية بدأت اتخاذ خطوة كبيرة لاستعادة ثقة المستثمرين، مشددا على أن المشروعات التي حددتها مجموعة العمل في التقرير تخضع لتقييم دقيق قبل النظر في التمويل، وذلك بغرض توفير مجموعة من المشروعات الجديرة بالثقة التي تسهم في استعادة ثقة المستثمرين وفتح استثمارات القطاع الخاص وتكملة التمويل من الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي..

وركز التقرير على مشروعات في مجالات رئيسية لتعزيز النمو والمعرفة والابتكار والاقتصاد الرقمي واتحاد الطاقة والبنية التحتية والبيئة والموارد الطبيعية، وقد أوصى التقرير بعدة إجراءات لا بد من القيام بها؛ وهي تحسين بيئة الأعمال، ووضع خطط الاستثمار الوطنية طويلة الأجل، وثالثا توفير المساعدة التقنية اللازمة لتطوير مشاريع استثمارية سليمة، ورابعا إجراء تقييم للتمويل، وخامسا تعزيز الأدوات المالية المبتكرة، وتوصي بالاهتمام بدور القطاع الخاص وتطوير البنية التحتية للسوق الأوروبية. وفي نهاية الشهر الماضي، أعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، خطة استثمارية بقيمة 315 مليار يورو، تهدف إلى عودة أوروبا إلى النمو مرة أخرى، وتحقيق فرص للعمل، بحسب ما أعلن رئيس المفوضية جان كلود يونكر أمام البرلمان الأوروبي، ونقل بيان عن المفوضية ببروكسل، ما جاء في كلمة يونكر، من تأكيد أن الخطة الاستثمارية تهدف إلى تحسين السياسة الاقتصادية، من خلال التركيز على المدى البعيد على الاستثمار الأوروبي على نطاق واسع، لخلق فرص عمل، واستهداف الشركات الصغرى والمتوسطة لإعطاء دفعة للاقتصاد، ولمح إلى ضرورة تحقيق ذلك بالتزامن مع استمرار إصلاحات هيكلية والمسؤولية المالية، مع خطط مبتكرة للاستثمار لفتح آفاق جديدة، منوها إلى أن الخطة الاستثمارية تعتمد على 3 ركائز، هي: المال، والمشروعات، والقواعد اللازمة لخلق بيئة مناسبة للأعمال، مما يعطي الأمل للملايين من الأوروبيين بعد خيبة أمل سادت بسبب الركود خلال السنوات الماضية.