استنفار لبناني لمواجهة موسم الأعياد ومخططات «داعش» و«النصرة»

حديث عن قرب سيطرة التنظيم المتطرف على الجهة السورية من الحدود الشرقية

جانب من مهبط مطار رفيق الحريري الدولي (أ.ف.ب)
TT

رفعت القوى الأمنية اللبنانية من جهوزيتها قبل أيام من الميلاد ورأس السنة مع عودة الحديث عن خروقات أمنية قد تشهدها البلاد بعد تقدم «داعش» في منطقة القلمون الحدودية وسعيه للسيطرة على كامل الشريط الشرقي الذي يفصل بين لبنان وسوريا.

وترأس وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم أمس اجتماعا أمنيا موسعا، للبحث في التدابير والإجراءات الأمنية الواجب اتخاذها خلال فترة الأعياد.

وناقش المجتمعون الخطط الأمنية الكفيلة بحفظ الأمن في لبنان «وسد أية ثغرات لإبقاء الأمن مستتبا ورفع جهوزية القوى الأمنية تحسبا لأي طارئ».

وأعطى المشنوق توجيهاته لضرورة «التشدد في حفظ الأمن والسهر على راحة المواطنين في المناطق كافة، خصوصا في بيروت الكبرى، ومطار رفيق الحريري الدولي، لتأمين راحة السياح والرعايا العرب والأجانب الراغبين في تمضية فترة الأعياد في الربوع اللبنانية». وطمأن المشنوق إلى أنه «من شأن هذه الإجراءات أن تحد من أية مخالفات قد تحصل، بحيث تمر فترة الأعياد بخير وراحة وطمأنينة على اللبنانيين والقاطنين في لبنان». وتعيش مناطق البقاع شرق لبنان حالة من الاستنفار الأمني بعد احتدام الاشتباكات بين مجموعات الجيش الحر و«داعش» في منطقة القلمون السورية الحدودية وسعي التنظيم للسيطرة على كامل الشريط الحدودي هناك، ما يجعله على تماس مباشر مع الساحة اللبنانية الداخلية.

وسرت معلومات في الفترة الماضية عن مخطط مشترك لـ«داعش» و«جبهة النصرة» للسيطرة على مناطق لبنانية حدودية، وبالتحديد بلدات القاع وعرسال ورأس بعلبك، علما بأن التنظيمين كانا قد فشلا في أكثر من محاولة مماثلة في الأشهر الماضية.

واستبعدت مصادر ميدانية في بلدة عرسال الحدودية قرب سيطرة «داعش» على كامل المنطقة الشرقية، «باعتبار أن هناك مجموعات كثيرة للجيش الحر في بلدات القلمون»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لكن من دون شك بات التنظيم موجودا أكثر من أي وقت مضى في المنطقة الحدودية». ويرابض الجيش اللبناني في حواجزه الثابتة عند مداخل البلدة في منطقة الجرود كما على المدخل من جهة اللبوة، ويتفادى تسيير دوريات له داخل عرسال بعدما كانت قد تعرضت أكثر من مرة لتفجيرات بعبوات ناسفة أدت إلى وقوع الكثير من القتلى والجرحى في صفوفه. ويحاول الخبير العسكري المقرب من «حزب الله»، أمين حطيط، التخفيف من وطأة المعلومات الأمنية التي يتم تداولها، واضعا إياها في خانة «الحرب النفسية التي تشنها التنظيمات الإرهابية على لبنان واللبنانيين بمسعى لضرب موسم الأعياد الذي يعود بأرباح كبيرة على الاقتصاد اللبناني».

واعتبر حطيط أن سيطرة «داعش» منفردا على الخط شرق بريتال وصولا إلى شرق عرسال فرأس بعلبك، «يعطيه قدرة أكبر لإحداث خروقات أمنية معينة في الشارع اللبناني، بالاعتماد على ورقة المخطوفين العسكريين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أما إقدام (داعش) على تنفيذ عملية عسكرية للسيطرة على مناطق حدودية شرقية فممكن، لكنه محكوم بالفشل باعتبار أن الجيش مستنفر في المنطقة تماما كالمقاومة (حزب الله) وأهالي البلدات البقاعية الذين ينتظرون على سلاحهم». وأشار حطيط إلى أن المخاوف الوحيدة التي يمكن أن تكون بمكانها إلى حد ما هي تلك المتعلقة بالخلايا الإرهابية النائمة والمنتشرة في المناطق اللبنانية كافة، «إلا أن التدابير المتخذة التي هي في أعلى مستوياتها، وحملات الدهم التي يستكملها الجيش، كلها عوامل قد تؤدي إلى فشل أي تحرك لهذه الخلايا».

وردا على المعلومات التي تم تداولها أخيرا عن إمكانية استهداف مطار رفيق الحريري الدولي والطائرات التي تقل عناصر أو مسؤولين من «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، زار وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعتير المطار، نافيا «الشائعات» التي أطلقت في الأيام الماضية، ومؤكدا «جهوزية جميع العاملين في المطار من إداريين وأمنيين لتوفير السلامة العامة للمطار كمرفق حيوي واقتصادي هام، ولجميع المسافرين سواء كانوا مغادرين أو وافدين إلى لبنان». وقال زعيتر: «سلامة المطار تبقى هدفنا الأساسي، ولن نتساهل مع الإرهابيين ومَن وراءهم في ما يتعلق بما روّج حول الأمن في المطار». وكانت المديرية العامة للأمن العام أكدت في وقت سابق أن المعلومات التي تناقلتها بعض الوسائل الإعلامية، عن احتمال تعرض مطار بيروت الدولي لأعمال إرهابية من خلال استهداف طائرات شحن أو ركاب واختطاف مدنيين مسافرين من وإلى لبنان، «تبقى في إطار التحليلات الصحافية والتكهنات التي من شأنها توتير الأجواء والإضرار بمصالح لبنان الاقتصادية والسياحية، خصوصا في ظل اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة». وشددت المديرية على أن الأجهزة الأمنية «لا تألو جهدا في الحفاظ على أمن المطار، وهي تقوم بواجباتها كاملة حفاظا على الأمن والسلامة العامة داخل المطار ومحيطه». واستكملت القوى الأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني حملات الدهم التي تنفذها في معظم المناطق اللبنانية بحثا عن مطلوبين بقضايا إرهاب، وأعلنت قيادة الجيش يوم أمس أن قوة من الجيش داهمت عددا من الأماكن المشتبه بها في منطقتي السبتية والفنار، الواقعتين في محافظة جبل لبنان، وأوقفت شخصين من التابعية السورية وشخصا من التابعية الفلسطينية و3 لبنانيين، ضبطت بحوزتهم كمية من الأسلحة الحربية الخفيفة والمخدرات، بالإضافة إلى عدد من كاميرات التصوير وأجهزة الاتصال. وأوقفت قوة أخرى من الجيش في منطقة عرسال شرق البلاد مواطنا سوريا يدعى محمد مصطفى مصطفى، أثناء محاولته الانتقال من الجرود باتجاه بلدة عرسال بواسطة دراجة نارية من دون أوراق قانونية، «وذلك للاشتباه بانتمائه إلى أحد التنظيمات الإرهابية وحيازته مستندات مشبوهة».