تكرار المأساة

TT

* عطفا على مقال علي سالم «أيام لا طعم لها»، المنشور بتاريخ 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، من وجهة نظري أقول إن الاكتئاب لا ينبع من النفس البشرية ذاتها، وإنما تخلقه وتوجده الظروف والأجواء التي يعيش فيها الإنسان، فهي التي قد تصيب الإنسان باليأس والإحباط والتشاؤم فيتولد لديه الاكتئاب، وقضية كالقضية الفلسطينية هي في رأيي من الأمور التي تصيب الإنسان للأسف بالاكتئاب فعلا، لأنه كلما أتيحت الفرصة لحل القضية أغلق أهلها الباب واستمروا على خلافهم وعنادهم بعضهم لبعض، وقد سبق أن ضاعت الفرصة من أيديهم بسبب رفضهم الاشتراك في معاهدة كامب ديفيد، وظلموا الرئيس المصري الراحل أنور السادات وظنوا به السوء، رغم أنه كان رجلا لديه بعد نظر، ولديه نظرة موضوعية للأمور، واستعادت مصر أرض سيناء المحتلة، ووقى السادات شعب مصر ويلات الحروب التي لم تحقق إلا الدمار، وها هي الفرصة تعود من جديد للفلسطينيين، التي تتمثل في وعد العالم لهم بأنهم لو أقاموا دولتهم دولة فلسطين فإن العالم كله سوف يؤيد إقامة فلسطين كدولة مستقلة، فماذا كان رد الفلسطينيين؟ ما زالوا منقسمين على أنفسهم، الأمر الذي يحول دون إنشاء دولة في ظل حالة الانقسام هذه، لأنه لا يصلح التفاوض مع شريكين فلسطينيين مختلفين، هما المنظمة وحماس، خاصة أن حماس قد سبق أن أعلنت أنها تريد إبادة إسرائيل، وهذا وهم مسيطر على حماس لا يمكن أن يتحقق، إذن لا بد أن ترضخ حماس للأمر الواقع وتذوب في المنظمة بحيث يصبح الفلسطينيون كيانا واحدا وشعبا واحدا يقف وقفة رجل واحد في التفاوض مع إسرائيل على حل القضية بالطرق السلمية، حتى نضع بذلك حدا للحروب المستمرة بينهم، اللهم إلا إذا كانت حماس مصرَّة على موقفها على اعتبار أنها تستفيد من تعليق القضية من دون حل، لأنها لو حلت لزالت في رأيي مصالح حماس الشخصية ولما وجدت ما تعيش عليه.

فؤاد نصر - فرنسا [email protected]