بعد مراجعات الجماعات الإسلامية .. مراجعات أخرى للإخوان المسلمين في مصر

TT

تعيش جماعة الاخوان المسلمين حاليا حالة من ردود الفعل الواسعة اثارتها مراجعات فكرية قام بها أحد اقطاب الجماعة المحامي مختار نوح وعدد من زملائه المسجونين خاصة أن هذه المراجعات تتسم بالجرأة وبأفكار جديدة تنتقد منهج جماعة الاخوان في الحياة السياسية المصرية على مدى ما يقرب من 75 عاما. واللافت ان هذه المراجعات تتزامن مع مراجعات اخرى كشف عنها هذه الايام للقادة التاريخيين للجماعات الاسلامية في مصر والموجودين بالسجون. وتقوم الافكار الجديدة لقطب جماعة الاخوان على اساس عدم الصدام مع الدولة بتغيير سياسات الجماعة وتتضمن انتقادا شديدا للتصرفات التنظيمية للاخوان وعملهم في الفترة السابقة. وحددت المراجعات الفكرية لمختار نوح وزملائه شكل ودور الجماعة مطالبين بتحولها الى خدمة القضايا الاسلامية الكبرى وتنسيق العمل مع المنظمات الاسلامية العالمية والقطرية التزاما بالعمل الدعوي والابتعاد عن العمل السياسي المباشر الذي خلق صداما حادا مع الدولة ومع القوى السياسية الاخرى. وقد اعتبرت قيادات الاخوان المسلمين ومكتب الارشاد بالجماعة ان مراجعات مختار نوح وزملاءه تلغي الجماعة، ووجهوا لوما شديدا لهم وطالبوهم بالعدول عنها بل وصلت الجماعة في رد فعلها الى قطع الراتب الشهري المخصص لاسرة مختار نوح منذ دخوله السجن. وانتهى اقطاب الاخوان داخل السجن في مراجعاتهم الفكرية الى ان الواقع العالمي والمحلي الحالي لا يسمح بشكل التنظيم الحالي في مقدمتها ان ظهور التنظيم أو الجماعة بصورة البديل عن الدولة ويهدف الى اقامة قومية اسلامية ودولة خلافة اسلامية واحدة معتبرين ذلك محاولة للقضاء على الشكل الحديث فهو يهدف بذلك للدولة سواء كانت جمهورية أو ملكية وأحلال دولة واحدة تضم عرقيات مختلفة وجغرافيات متناثرة محل هذه الدولة، ويقول اقطاب الاخوان في مراجعتهم ان هذا التصور للتغيير لا يسمح به واقع الدولة الحالي وكذلك الواقع الدولي والعالمي الامر الذي ينبغي من اجلة ايجاد شكل «بديل للجماعة» أو «اشكال متنوعة» سواء كانت حزب أو جمعية أو منتدى تقدم نفسها للمجتمع باعتبارها رافدا من روافد الحركة الوطنية وليست انشقاقا عليها كما انها ليست بديلا عن شكل الدولة الحديث ولا تصطدم معه، لان الاسلام جاء ليصلح الواقع ولا يصطدم معه. واعتبر قياديو الاخوان المسلمين بالسجن ان تنظيم الاخوان بشكله الحالي يعد منافسا وبديلا عن الحكومة حيث يستند الى مرجعية اسلامية ويطالب بالحكم على اساس ويقدم نفسه على اساس انه «البديل الطاهر» ليحكم بدلا من «الحاكم الفاسد» ووفقا لهذا تخرج الجماعة من إطار الحركة الاصلاحية الى الحركة البديلة التي جاءت لتحكم وهو ما يضعها في مواجهة الحكومة ويعوق ممارسة دورها الاصلاحي. ووصل مختار نوح في مراجعته الفكرية الى ان ظهور الجماعة في شكل البديل المنافس للحكومة يتأكد من خلال المزاحمة الانتخابية في النقابات والبرلمان وبدلا من التمثيل المحدود عمد الاخوان الى خوض الانتخابات بطريقة «القائمة الكاملة» وشجعهم على ذلك نتائج الانتخابات النقابية والبرلمانية الماضية وكان من الواجب على الجماعة ان تسعى الى التمثيل المحدود حتى لا تستنفر الحكومة ضدها خاصة ان التمثيل المحدود يمكن ان يكون اكثر فاعلية عن التمثيل الغالب المسيطر وتتسبب الاضواء المسلطة عليه في هشاشته كما في نقابة المحامين حاليا. ويعترف اقطاب الاخوان بالسجن ان هناك خطأ في الخطاب الاخواني الجماهيري والذي يؤكد المواجهة مع الحكومات لانه يذكر دائما ان الاخوان هم الحركة الظاهرة صاحبة الشعار الاسلامي المقبول وصاحبة التاريخ والشعبية الجارفة ويقدم الجماعة على انها البديل الامثل للحكومة ويعطي الحق لها في ان تعتبر الجماعة هي الخطر القادم وترسخ فكرة المواجهة. وقد وصف نوح هذا النوع من الخطاب الجماهيري بأنه يفتقد الى الحس السياسي ويصلح للحزب السياسي وليس لجماعة الاخوان كحركة اصلاحية «دعوية». ونقل عن اقطاب الاخوان في السجن وعلى رأسهم مختار نوح وخالد بدوي ومحمد علي بشر قولهم «اننا باعتبارنا دعوه وحركة اصلاحية» نسعى دائما الى دعوة الناس للمنهج الوسطي الاسلامي الذي نعتنقه وان السعي الى «المنافسة الانتخابية» يخلق عداوات مع من ندعوهم لمنهجنا الامر الذي يترتب عليه استنفار هذه القوى ضد الدعوة وضد الحركة الاصلاحية وبالتالي يكون الحل الامثل لمواجهة هذا التناقش اما انشاء حزب أو احزاب متعددة تقبل ممارسة العمل المدني والانخراط فيه بشكل حقيقي أو التمثيل المحدود جدا في الانتخابات وبذلك تبتعد الجماعة بشكلها الحالي عن اية انتخابات نقابية أو برلمانية ويقتصر دورها على النشاط الدعوي دون ممارسة اي عمل سياسي تنافسي.