أرامكو السعودية.. سجل طويل في التنمية الاجتماعية

تسهم في رعاية البيئة والخدمات الطبية والتعليمية والاجتماعية

TT

يستوعب الكثير من الناس الدور الأساسي الذي تقوم به شركة ارامكو في التنقيب عن النفط. ولكن غالب الناس لا يستوعبون الدور الاجتماعي المتعدد الذي تقدمه الشركة، فهي من الشركات الرائدة على مستوى السعودية التي أدارت وشاركت في المشاريع الاجتماعية العامة، فقد قدمت خدمات تعليمية وطبية وبيئية حتى وصل بها الأمر إلى تنمية وتطوير البنية التحتية القريبة من مواقع عمل شركة ارامكو، وتوفير مياه الشرب العذبة ورعاية الأيتام، فهي تعتبر نفسها جزءا من المجتمع تتفاعل وتتواصل معه، فنموها نمو للمجتمع السعودي وتطوره تطور لها.

ففي مطلع الثلاثينات من القرن الماضي كانت بداية الخدمات الطبية التي قدمتها ارامكو في الظهران من خلال عيادة الموظفين وأسرهم، ومع مرور الوقت تحولت العيادة المتنقلة المجهزة بالمعدات الأساسية في ذلك الوقت إلى أكبر المستشفيات الرائدة في المنطقة الشرقية مقر وجود الشركة، لتتواكب مع نمو الشركة وزيادة عدد موظفيها.

استطاعت ارامكو بعيد الحرب العالمية الثانية وحتى أوائل الخمسينات من القرن الماضي، القضاء على مرض الملاريا الذي كان يقضي على حياة ثلث المواليد في عامهم الأول، كما عملت ارامكو على استئصال مرض الملاريا من واحة يبرين لتصبح صالحة للعيش بعد 500 سنة، وبذلك انحسر معدل وفيات المواليد إلى أقل من 2 بالمائة.

وفي الخمسينات من القرن الماضي انشئ أول مركز صحي في الظهران، الذي عمل على تقديم خدمات طبية لمنع انتشار الأمراض المعدية واستطاعت بالتعاون مع جامعة هارفارد والحكومة السعودية استئصال وبائي التراخوما والبلهارسيا عبر قيامها بحملات صحية وطبية.

وبعد أن كان مركز الظهران الوحيد من نوعه تحول إلى مستشفى متميز في المنطقة، بالإضافة إلى إنشاء مرافق صحية في رأس تنورة وبقيق والاحساء والعضيلية، وشبكة من العيادات الصغيرة الموزعة على المناطق النائية والتي توجد أعمال الشركة فيها لتوفير الخدمات الصحية لموظفيها والى المقاولين العاملين معها هناك.

لم تقتصر الرعاية الطبية التي تقدمها ارامكو على المستشفى ومراكزها الصحية، بل شملت بعض المستشفيات الكبيرة في كامل السعودية، عبر نظام التأمين الصحي الذي اعتمدته ارامكو منذ عام 1933 لتقدمه إلى موظفيها وأسرهم.

وحققت ارامكو انجازات طبية عالمية، كما أنها ترتبط ببعض المراكز الطبية العالمية، وقد حصل مستشفى ارامكو على اعتماد الهيئة الدولية المشتركة لاعتماد مؤسسات الرعاية الصحية في عام 2005، وقد سبق أن منح مركز الظهران الاعتماد نفسه، منذ عام 1956. كما تم اعتماد بنك الدم التابع للخدمات الطبية في ارامكو من قبل الجمعية الأميركية لبنوك الدم في واشنطن، كذلك خدمات المختبر الإكلينيكية من كلية الباثولوجيين الأميركية في إيلينوي، بالإضافة إلى التعاون الذي تقوم به ارامكو مع منظمة الصحة العالمية ومراكز مراقبة ومنع الأمراض والأوبئة في الولايات المتحدة الأميركية لمكافحة الأوبئة العالمية.

وعملت ارامكو منذ البدايات على صناعة طاقم طبي سعودي من الجنسين وفرت لهم فرص التأهيل والترقي عبر برنامج تأهيل الملتحقين بالفريق الطبي ببرنامج التدريب التخصصي الذي أطلقته ارامكو في عام 1982، ليتمكنوا من إتمام تدريب طبي تخصصي يحصلون بموجبه على شهادة البورد الأميركي أو الكندي ويوجد في الوقت الحالي قرابة 60 طبيبا سعوديا ممن أتموا هذا البرنامج، ومن المتوقع أن يصل عدد الأطباء السعوديين المنهين برنامج التدريب في التخصصات الطبية الرئيسية والفرعية في ارامكو عند حلول عام 2015 إلى 190 طبيبا. كما أن ارامكو تسعى إلى تكامل فريق عملها الطبي بتأهيل المنتمين إليه ممن يعملون في التخصصات الطبية والصحية المساندة، من أجل تحقيق رعاية طبية متكاملة لموظفيها وأسرهم.

ولعبت ارامكو دورا بارزا في التعليم، فقد عمدت إلى توفير فرصة اكمال التعليم لموظفيها، الذين لم يكملوا دراستهم، في داخل الشركة، وتوفير فرص الابتعاث الخارجي للمتفوقين منهم لمواصلة التعليم في التخصصات الهندسية والإدارية التي تحتاجها الشركة.

وعملت منذ تأسيسها على بناء المدارس النموذجية لجميع المراحل التعليمية وتسليمها إلى وزارة التربية والتعليم لادارتها وتشغيلها، بموجب اتفاق مع الحكومة السعودية قررت ان تخصص مبالغ تخدم من خلالها المجتمع السعودي في مدن المنطقة الشرقية الرئيسية.

وقد استطاعت هذه الشركة العملاقة ان تضع بصماتها في هذا المجتمع في العديد من الأشياء، وكانت المدارس التي بدأت أرامكو ببنائها في المنطقة الشرقية منذ أكثر من خمسين عاماً أكثر تلك البصمات وضوحاً في مجتمع هذه المنطقة حتى وصل عدد المدارس التي بنتها الشركة في الدمام، الخبر، الظهران أكثر من 130 مدرسة للبنين والبنات. وقد يبدو هذا العدد قليلاً خلال هذه الفترة إلاّ ان الكيف في بناء المدارس يغلب الكم، فالكل يعرف المواصفات التي يتم بموجبها بناء مدرسة أرامكو الأمر الذي جعل هذه المدارس تتميز عن مثيلاتها بالشكل والبناء والمواصفات والخدمة وكذلك الصيانة.

وقامت أرامكو السعودية منذ عام 1953 ببناء وصيانة 139مدرسة للبنين والبنات، ثم تُوِجت نشاطاتها العام المنصرم، عندما عهد إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بإنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية كمركز أكاديمي رائد ليتجاوز حدود المكان والزمان وليشكل بنياناً أساسياً في إرساء اقتصاد معرفي في السعودية والعالم أجمع. وما زالت الشركة مستمرة بالمشاركة بدور فعال في العديد من الكليات والجامعات من خلال برامج تدريبية وأخرى للابتعاث والتمويل، بالإضافة لبرامج صيفية متنوعة للطلاب والطالبات. فمنذ بداية برنامج التدريب والتطوير المهني الذي يشمل الموظفين وغير الموظفين والذي يشكل واحدا من أكبر برامج التدريب في العالم، إن لم يكن أكبرها على الإطلاق، قامت الشركة بدعم أكثر من 11 ألف موظف وطالب منتسبين لبرامج التدريب والتطوير في نهاية عام 2007 وحده، ليتجهوا للدراسة في وجهات متعددة في شمال أميركا وأوروبا وآسيا. كما قامت الشركة اخيراً بتمويل كرسي أكاديمي في جامعة الملك فهد لأبحاث مالية الشركات، تستقطب الجامعة من خلاله شخصيات علمية عالمية خبيرة ومتميزة في المجال لإجراء الأبحاث، بالإضافة لتمويلها لعدد من الكراسي الأكاديمية في جامعات أخرى. ومنذ عام 1998 قامت الشركة بدعم طلبة التمريض في جامعة الملك فيصل، عن طريق برنامج تحضيري يقدم الدعم المادي والخبرة العملية التي يكتسبها الطلاب من التدريب في مرافق دائرة الخدمات الطبية التابعة لأرامكو. وتغتنم الشركة بشكل منتظم فرصة المشاركة في العديد من المعارض الوظيفية والتطويرية، التي تستقطب طلاب الجامعة المتوقع تخرجهم سنوياً للتواصل معهم وعرض فرص العمل المتوفرة في الشركة عليهم. وفي الواقع، تمثل أرامكو السعودية احدى أكبر جهات التوظيف في المملكة بعد الجهات الرسمية في الدولة، حيث بلغ عدد موظفيها السعوديين 44.7 ألف موظف، ما يشكل 87 بالمائة من مجموع القوى العاملة لعام 2006.

المجال الثقافي

وفي المجال الثقافي ساهمت ارامكو كثيرا في التثقيف في المنطقة، بل كانت رقما في صناعة ارامكو منذ بدايات تأسيسها، فالموظفون الأجانب الذين كانوا يعملون في الشركة كانوا جسور تواصل وتفاعل ثقافي، تطلب وجودهم توفير معلومات عن السعودية وتاريخها وصناعة النفط فيها، مما دعا إلى تأليف مجموعة من الكتب والمراجع باللغة الانجليزية، بالإضافة إلى الكتب اللغة العربية. ومع الوقت أوجدت ارامكو مكتبة خاصة بها مفتوحة للمطالعين والباحثين، كما تسير الشركة مكتبات متنقلة في المنطقة الشرقية وفي باقي مناطق السعودية تحفز على القراءة والاطلاع، تقصد الطلاب وتشجعهم على التعاطي مع الثقافة، وكانت توزع كتبا لا يكاد يخلو بيت من كتبها الآن.

ويتضمن أحد أهم إنجازات ارامكو الثقافية، معرض «المكتبة المتنقلة» التي طافت مختلف مناطق المملكة منذ عام 1982 ٬ وأعارت قرابة1.5 مليون كتاب لأكثر من 450 ألف طالب في أرجاء البلاد، كما تستمر الشركة في تنظيم مسابقة الرسم السنوية للأطفال للعام الثامن والعشرين، التي شارك فيها أكثر من 81 ألف طفل وطفلة منذ بدايتها، وما زالت لوحاتهم الفنية تعرض في مباني الشركة وسفارات المملكة حول العالم.

القافلة

من جهة أخرى أسهمت ارامكو في الإثراء الثقافي عبر مجلة (القافلة) المجلة الشهرية الغنية بالمواضيع الثقافية والعلمية والتي أطلقت أول عدد تجريبي منها في عام 1951.

العمل التطوعي

وتعتبر ارأمكو من المؤسسين للعمل التطوعي في المنطقة برعايتها لمشاريع الاعمال التطوعية في المنطقة وحثها لموظفيها على المشاركة في تلك الأعمال التي تتبناها أو ترعاها، وتقوم ارامكو بمجموعة من الأعمال التطوعية، فقد شهدت احتفالات عيد الأضحى لذوي الاحتياجات الخاصة تفاعل أكثر من 6000 مشارك ومشاركة على مرّ ست سنوات متتالية. كما يستمر برنامج معايدة دور كبار السنّ في تقديم بهجة كبيرة للحضور بفعالياته التي تحمل كل سنة طابعاً شعبياً ترفيهياً يتطوع فيه العديد من منسوبي الشركة. وفي مناسبة أخرى، تم جمع أكثر من مليون ريال عبر حملة «هدية اليتيم» التي أطلقتها الشركة لموظفيها وأفراد عائلاتهم العام الماضي. كما تعمل سنويا حملات للاهتمام بالبيئة وتنظيف الشواطئ البحرية ويشكل الاهتمام بالبيئة إحدى مسؤوليات أرامكو السعودية الأساسية والتزامها الدائم، وتسهم ارامكو في تنفيذ الخطط الخاصة بزرع الأشجار الاستوائية (المنغروف) على شواطئ الخليج العربي والتي أسفرت عن زراعة حوالي 60 ألف شتلة خلال ست سنوات.

وتزود إدارة حماية البيئة التابعة للشركة، القيادة بالقضايا البيئية، وأعدت الشركة مجموعة من متطلبات التشغيل والمقاييس الهندسية وإرشادات الأداء اللازمة لتنفيذ التزاماتها،وتشتمل هذه الإجراءات على تقويم الآثار البيئية للمشاريع، ومقاييس جودة الهواء والماء وأنظمة الصحة المهنية، وإرشادات نقل المواد الخطرة، من خلال إدارة النفايات في الشركة، والخطط التي تتعامل بها لمنع إنسكابات الزيت في الحالات الطارئة. كما تقوم أرامكو بتنفيذ حمالات الأمن والسلامة، حيث تتمثل رسالة إدارة منع الخسائر في ضمان منع الخسائر، سلامة موظفي أرامكو السعودية والجمهور، بالإضافة إلى سلامة أصول الشركة، وذلك بتحديد الأخطار ومراقبة المخاطر وتعليم وتحفيز موظفي الشركة وعائلاتهم على العمل والحياة بطريقة مأمونة. وتصدر ارامكو مجلة (البيئة) السنوية المتخصصة لتركيز ثقافة الحفاظ على البيئة عند موظفيها والجمهور.