منظر الجهاديين: أتباع بن لادن الذين كانوا على علم بمخطط أحداث سبتمبر هم خالد شيخ وأبو حفص المصري وشخص ثالث ليس هو الظواهري الحلقة الخامسة

د. فضل يرد في كتاب حصلت «الشرق الأوسط» على حقوق نشره على الظواهري ويؤكد مخالفة منفذي هجمات 11 سبتمبر للشرع بنقضهم التأشيرة كعقد أمان

عراقي من أهالي الفلوجة يجلس على أنقاض منزله الذي أصابته صواريخ القوات الأميركية خلال حربها على الإرهاب في عام 2004 (أ. ب)
TT

في حلقة أمس ناقش السيد إمام عبد العزيز الشريف المعروف بإسم الدكتور فضل الأسس الفكرية لتنظيم القاعدة وفند هذه الفتاوى والأسس. وفي حلقة اليوم من كتابه «مذكرة التعرية لكتاب التبرئة» الذي حصلت «الشرق الأوسط» على حقوق نشره، يتطرق الدكتور فضل لأركان أخرى من فكر القاعدة ويقول إن أزمة أسامة بن لادن قبل أحداث 11 سبتمبر 2001، أنه لم يتمكن من قتل أكبر عدد من الأميركان، وأدرك أن هذا الهدف لن يتحقق إلا بالعمليات القتالية داخل أميركا. ويمضي الدكتور فضل مستكملاً حديثه في نقد فكر تنظيم القاعدة: "الركن العاشر من أركان مذهبهم الفاسد، وهو قولهم (إن تأشيرة دخول المسلم بلاد الكفار ليست عقد أمان). ولم يكن أحد من أتباع ابن لادن في أفغانستان على علم بتفاصيل ما سيقع قبل 11/9 إلا خالد شيخ وأبو حفص المصري وشخص ثالث ـ ليس هو الظواهري ـ تم إخباره قبلها بأربع وعشرين ساعة فقط، إلا أن بقية أتباع ابن لادن كانوا على علمٍ بعملية كبرى ضد أميركا منذ يونيو 2001 بدون معرفة مكانها أو تفاصيلها، واعترضت لجنته الشرعية على بعض المخالفات الفقهية كوجوب استئذان أميرهم الملا محمد عُمر ومسألة التترس، إلا أنهم لم يناقشوا (مسألة الغدر بالعدو ـ أميركا ـ بعد دخول داره بالتأشيرة) لأنهم لم يعلموا أن العملية ستكون كذلك.

بعد وقوع تفجيرات 11/9، وتبيّن أن المنفذين دخلوا أميركا بتأشيرة، نبه البعض على أن التأشيرة عقد أمان وأن هذه العمليات نقض له فهي غدر بالعدو، وقام آخرون في محاولة لنفي تهمة الغدر ونقض العهود عن ابن لادن وأتباعه فقالوا إن التأشيرة ليست عقد أمان، وكان الظواهري ممن تجرأ على هذا القول في صفحة 97 وما بعدها من كتابه (التبرئة)، واعتمد في قوله ذلك على القواميس والقوانين الأجنبية فخالف بذلك فقهاء المسلمين وهذا مثال آخر لفقه التبرير الذي تفاقم شرّه في هذا الزمان، ارتكاب الحماقة بل الكبائر والفسق والنفاق ثم تبريرها والتملص منها.

وعند الحكم على الأمور المستـــحدثة كالتأشــــيرة والديمقراطيــة والاشتراكيـــة وغيرها فإننا لا نبني الحكم على تعريفها في قوانين أهلها الأجانب بل لا بد بعد ذلك من التوصيف الفقهي لهذا التعريف لمعرفة حقيقتها الشرعية، وهو ما يعرف في القياس (بتخريج المناط) أي استخراج الوصف المتعلق به الحكم الشرعي في الشيء المسؤول عنه، ثم نطرح عنه الأوصاف غير المناسبة لتعليل الحكم، وهذا هو (تنقيح المناط)، فإذا وجدنا أن المناط المخرّج المنقّح (وهو علة الحكم) موجود في أمر (أصل) معلوم حكمه لنا، فإن الفرع (المسؤول عنه) يأخذ نفس حكم الأصل وهذه هي المرحلة الثالثة والأخيرة في القياس وهي (تحقيق المناط). وقد حاولت تبسيط الأمر هنا للقارئ غير المتخصص.

وبعيداً عن تعريف التأشيرة في القاموس والقانون فإن حقيقتها الشرعية أنها (إذن دخول للبلد مقرون باحترام الدم والمال) وهذا هو الوصف (المناط) الذي يُبنى عليه حكمها وهو نفس حقيقة عقد الأمان، فهي عقد أمان ولا شك، وإن لم ينصوا على ذلك صراحة في قوانينهم أو في خاتم التأشيرة على جواز السفر، وفي بيان ذلك قال ابن قدامة رحمه الله (مسألة «من دخل إلى أرض العدو بأمان لم يخنهم في مالهم ولم يعاملهم بالربا» ـ وذكر عموم أدلة تحريم الربا ثم قال ـ وأما خيانتهم فمحرمة، لأنهم إنما أعطوه الأمان مشروطاً بتركه خيانتهم وأمنه إياهم من نفسه، وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللفظ فهو معلوم في المعنى) من (المغني مع الشرح الكبير). ومعنى قول ابن قدامة: أن الأمان المتبادل بين المسلم وبين العدو واجب عليه بدخوله أرضهم بإذنهم وإن لم يشترطوا عليه ذلك، وتأمل قول ابن قدامة في ذلك (وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللفظ فهو معلوم في المعنى)، لتعلم أن العبرة في الأحكام الشرعية بالمعاني والحقائق لا بمجرد الألفاظ كما يفعل الظواهري الذي يستقى معلوماته من (الموسوعة البريطانية) و(موسوعة إنكارتا) ثم يقول (وبهذا يتبين من تعريف التأشيرة، ومن معناها أنها لا تتضمن أية إشارة لأمان) صـ98 من كتابه (التبرئة)، مع أن ما نقله فيه أن التأشيرة إذن بدخول البلد. والغريب أن الظواهري أخذ بقول الشيخ ناصر الفهد في (إطلاق المعاملة بالمثل) ولم يأخذ بقوله (إن التأشيرة أمان) فهو يختار من الأقوال ما يحلو له بغير حجة شرعية لتأليف مذهبهم الإجرامي. وسيأتي في المسألة التالية كلام الفهد وما أفسده به.

وبمثل كلام ابن قدامة السابق قال الشافعي رحمه الله أيضاً (فإن أمّنوه أو بعضهم وأدخلوه في بلادهم بمعروف عندهم في أمانهم إياه، وهم قادرون عليه، فإنه يلزمه لهم أن يكونوا منه آمنين وإن لم يُقل ذلك ـ إلى قوله ـ فأمانهم إياه أمان لهم منه، فليس له أن يغتالهم ولا يخونهم) (الأم)، فتأمل قول ابن قدامة (وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللفظ) وقول الشافعي (وإن لم يُقل ذلك)، وقارن ذلك بقول الظواهري إن اللفظ المذكور في الموسوعة لا ينص على أن التأشيرة أمان، لتعرف مبلغ الرجل من العلم وكيف حَمَله جهله بالشريعة على معارضة أحكامها المستقرة لتبرير غدر شيخه ابن لادن رغم عدم ثقته به حتى أنه لم يخبره بعمليات الغدر (11/9) قبل وقوعها. بقى أن تعلم أن الشافعي كرر كلامه السابق ثم أعقبه بقوله. (ولا نعرف شيئًا يُروى خلاف هذا) (الأم).

لقد بلغ الاحتراز من الغدر بالعدو بفقهاء المسلمين مبلغاً حتى قالوا إن من دخل بلادهم بخديعة انطلت عليهم وصدقوه يجب عليه ألا يخونهم، فقال الإمام السرخسي (لأنه لا طريق لهم ـ أي العدو ـ إلى الوقوف على ما في باطن الداخلين ـ المسلمين ـ حقيقة، وإنما يُبنى الحكم على ما يُظهرون لوجوب التحرز عن الغدر، وهذا لما بيّنا أن أمر الأمان شديد والقليل منه يكفي) (السير الكبير وشرحه). فالسرخسي رحمه الله يقول (الأمان شديد والقليل منه يكفي) والظواهري يقول إنهم لم يكتبوا ذلك في الموسوعة الأجنبية، مع العلم بأن الموسوعة التي نقل عنها تنص على أن (التأشيرة تأذن للمسافر أن يبقى في بلدٍ مدة معينة) هذا ترجمة النص الإنجليزي الذي ذكره برقم 136 في هامش صفحة 98 من كتابه (التبرئة) أي أن التأشيرة إذن بدخول البلد وهذا أمان عند الفقهاء كما قال الشيباني (ولو أن رهطاً من المسلمين أتوا أول مسالح أهل الحرب فقالوا: نحن رسل الخليفة، وأخرجوا كتاباً يشبه كتاب الخليفة أو لم يخرجوا، وكان ذلك خديعة منهم للمشركين، فقالوا لهم ادخلوا، فدخلوا دار الحرب، فليس يحل لهم قتل أحد من أهل الحرب ولا أخذ شيء من أموالهم ماداموا في دارهم) (السير الكبير)، فجعل الشيباني مجرد قول أهل الحرب للمسلمين (ادخلوا) ـ أي إذن بالدخول ـ جعل هذا عقد أمان، وكذلك جعل ابن عبد البر مجرد الإذن أمانًا فقال (كل ما اعتبره الحربي أماناً من كلام أو إشارة أو إذن فهو أمان يجب على جميع المسلمين الوفاء به) (الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار). وقد سبق قول ابن قدامة والشافعي أن أهل الحرب إذا أدخلوا المسلم بلدهم وهو في أمن منهم فيجب أن يؤمنهم ولا يخونهم وإن لم يشترطوا ذلك عليه قولاً أو كتابة. فتأمل قول علماء المسلمين رغم اختلاف بلدانهم وأزمانهم، وتأمل تفلت الظواهري من أحكام الشريعة وهو يزعم أنه يدعو إلى تطبيق أحكام الشريعة، وتأمل كيف ألجأه فقه تبرير عمليات الخيانة والغدر في 11/9 وأخواتها إلى أن يضرب عرض الحائط بأقوال فقهاء المسلمين ويلوذ بقوانين الكفار وقواميسهم. والشيباني من أهل العراق وهو تلميذ أبي حنيفة وأبي يوسف ومالك وهو مدوِّن مذهب الأحناف وتوفي 189هـ، والشافعي إمام المذهب توفي بمصر في 204هـ، وأبو عُمر بن عبد البر من أئمة المذهب المالكي فقيه أندلسي توفي 478هـ، وموفق الدين بن قدامة من كبار أئمة الحنابلة ومن أهل الشام وهو مؤلف الموسوعة الفقهية (المغني) توفي 620هـ رحمة الله عليهم أجمعين، اختلفت مذاهبهم وبلدانهم وأزمانهم وقولهم واحد . يترك الظواهري فقهاء المسلمين ويفتى بالموسوعة البريطانية، وهذا مثال لمن ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (اتخذ الناس رؤوساً جُهالاً فسُئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) الحديث متفق عليه.

وقد سبق هذا كله مع الرد على بقية شبهاتهم في البند الثامن (بالوثيقة)، وهناك ذكرت الأدلة على أن الغدر ـ ولو مع الكفار ـ كبيرة وفسق ونفاق، وانظروا كيف ألجأ فقه التبرير الظواهري إلى أن أكلمهم عن الشافعي والسرخسي وابن قدامة فيكلمني عن الموسوعة البريطانية. ولما أعيته الحيلة قال إنها مسألة اجتهادية (كتابة التبرئة صـ97) أي أنه يجوز لهم الأخذ بأي قول فيها، وقد كذب فهي ليست اجتهادية فقد قال الشافعي منذ أكثر من ألف ومائتي سنة (ولا نعرف شيئًا يُروى خلاف هذا) (الأم) 4/88، هذا فضلاً عن أنهم ليسوا من أهل الاجتهاد في الدين، بل أهل كذب وغدر.

أما فيما يتعلق بالركن الحادي عشر من أركان مذهب ( القتل بالجملة) الذي أسسه تنظيم القاعدة فهو بدعة (حتى ولو كانت التأشيرة أماناً فيجوز نقضه).

يا معشر المسلمين جرائم أميركا في حق المسلمين وغيرهم لا يختلف عليها اثنان من العقلاء، ولكن لا ينبغي أن تتخذ هذه الجرائم مظلة لتمرير تحريف الدين تحتها. حتى إذا جاء من ينكر تحريف الدين قالوا إنه يخدم المصالح الأمريكية واليهودية، وسوف أذكر فيما بعد إن شاء الله أمثلة من التاريخ لذلك. والجهاد حق ولكنه إذا تفلت من الضوابط الشرعية يصير حرباً لا أخلاقية.

ولما كان القول بأن التأشيرة ليست أماناً لم يقل به أحد إلا الظواهري وهو ليس من أهل العلم بل خالف في ذلك قول جماهير علماء السلف، أراد الظواهري أن يتدارك أمره، فقال: حتى ولو كانت التأشيرة أماناً يجوز نقضه، واستقوى بشيخهم ناصر الفهد الذي ذكرت له من قبل قبيحة (إطلاق المعاملة بالمثل المؤدية لقتل عشرة ملايين أمريكي في ضربة واحدة بمن فيهم من المسلمين والنساء والأطفال والشيوخ والعمال...)، فأتى ناصر الفهد هنا بقبائح أخرى خالف فيها الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، فبعد إقراره بأن التأشيرة أمان قال إنه يجوز نقضها لسببين: الأول من باب الحيلة، والثاني لأن أميركا هي التي نقضت عهودها مع المسلمين. وهذا الكلام باطل من ثلاثة وجوه، الوجه الأول: أنه بنى حكمه على خطأ حتى وإن نسبه لابن تيمية فهو خطأ، وقد ردّ الصحابة أقوال عُمر بن الخطاب وعثمان بن عفان المخالفة للسنة كما ذكره ابن عبد البر في (جامع بيان العلم). أما الخطأ هنا فهو قوله إن الصحابة أمّنوا كعباً ثم قتلوه وكان أمانهم له حيلة لقتله ومنه أجاز ما فعله منفذو 11/9. وهذا فاسد مبني على فاسد. والقصة هي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة عقد معاهدة مع يهود المدينة ـ ومنهم كعب بن الأشرف ـ على المسالمة، ثم بعد غزوة بدر أخذ كعب يحرض على المسلمين ويتغزل في نسائهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله) فقال محمد بن مسلمة (يا رسول الله أتحب أن أقتله؟) قال (نعم) قال ابن مسلمة (فأذن لي أن أقول شيئاً) قال (قل)، فأتاه ابن مسلمة فقال (إن هذا الرجل قد سألنا صَدَقة، وإنه قد عنّانا، وإني قد أتيتك استسلفك) قال كعب (وأيضاً والله لتملنّه) الحديث رواه البخاري، ومعنى (عنّانا) أي (أرهقنا بما يطلبه من الصدقة) وهذا هو الكلام الذي استأذن ابن مسلمة فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في حقه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتله لأنه نقض عهده معه بما فعله، وليس في كلام ابن مسلمة ولا فعله مع كعب لا أمان ولا شبهة تأمين له، بل إن كلام ابن مسلمة نفسه صريح في ذلك، وهو الكلام الذي لم يورده لا الفهد ولا الظواهري مع أنه موجود في نفس الكتاب الذي نقلا منه القصة وهو (الصارم المسلول) لابن تيمية، ولا يحضرني هذا الكتاب الآن ولكني أتذكر ما فيه، (وهو أنه في خلافة معاوية ابن أبي سفيان كان عنده محمد بن مسلمة ورجل آخر، فقال الرجل «ما قُتل كعب بن الأشرف إلا غدراً»، فقال ابن مسلمة لمعاوية: «يُقال هذا أمامك وتسكت، والله لا يجمعني معك سقف بيت إلا سقف المسجد، ولئِن خَلَوْت بهذا لأقتلنّه». لأن هذا الرجل نسب إجازة الغدر للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تنقص وسبّ له، وكون ابن مسلمة وهو صاحب القصة قد غضب لهذا فيُعلم من هذا أن القصة كلها لم يكن فيها غدر: لا في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ولا في كلام ابن مسلمة أو فعله مع كعب. ورضى الله عن الصحابة أجمعين، وبهذا تعلم أن كلام الفهد (إن الصحابة أمّنوا كعباً ثم قتلوه) هو كلام باطل، و(المبني على الفاسد فاسد). وتأمل كيف ألجأهم فقه التبرير إلى أن نسبوا الغدر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

أما الوجه الثاني: أنه لا يجوز أن يتخذ نقض الأمان حيلة أو خدعة لقتل الكافر كما أراد أن يؤسس لهذا الظواهري مستقوياً بالفهد بخلاف ما قرره علماء المسلمين، ففي شرح حديث (الحرب خدعة) متفق عليه، قال ابن حجر (قال النووي: اتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيفما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز) من (فتح الباري)، وهذا كلام واضح صريح مفصّل لا يحتاج إلى شرح.

والوجه الثالث: أنهم لجأوا إلى التلبيس فأرادوا أن يستدلوا بمسألة على أخرى، فمسألة كعب بن الأشرف هي (حكم الكافر المستأمن في دار الإسلام) أما مسألتنا مثل منفذي 11/9 فهي (حكم المسلم المستأمن في دار الكفر)، وبينهما فروق مذكورة في كتب الفقه، فتأمل تلبيسهم وتخليطهم، بل تأمل جهلهم.

أما السبب الثاني الذي أجاز به ناصر الفهد نقض أمان التأشيرة. فملخصه أنه حتى لو كان الأميركان معاهدين لنا فقد نقضوا هم العهد بعدوانهم على المسلمين وبذلك يحل لمن كان معاهداً لهم (ومنه أمان التأشيرة) أن يقتلهم وخلص من ذلك إلى أن ما فعله منفذو 11/9 صحيح. وهذا كلامه مختصراً:

في صفحة 150 من كتاب (التبرئة) قال الفهد (إن مدار شبهة من حّرم قتالهم وقتلهم في غير البلاد التي يقاتلون فيها على أمرين: الأمر الأول: شبهة العهد فيقول إنهم معاهدون ومن قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة كما ثبت في الحديث. والأمر الثاني: شبهة المصالح والمفاسد فيقول إن قتالهم يجر على الأمة من البلاء مالا تطيقه. فيقال في الجواب: أما العهد، فلا والله، ليس بيننا وبينهم عهد، بل هم حربيون أينما حلوا وأقاموا، ولو تعلقوا بأستار الكعبة، فليس العهد الذي قامت به الحكومات مع هؤلاء الصليبيين شرعياً بل هو بناء على مواثيق الأمم المتحدة الطاغوتية... وحتى لو كان العهد شرعياً فإن نواقض هذا العهد لا تعد بالعشرات بل بالمئات فمن قتالهم لنا في الدين وإعلانهم الحملة الصليبية إلى إخراجهم المسلمين من ديارهم... وإذا كان العهد الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم وقريش نقضه لما أعانت قريش بكراً على خزاعة سِراً ولمرة واحدة، فكيف بأفاعيل أميركا التي لا تعد ولا تحصى في هذا الزمن).

وفي صفحة 110 من كتاب (التبرئة) قال ناصر الفهد رداً على سؤال (هل تعتبر تأشيرة «الفيزا» عقد أمان؟ وإذا كانت كذلك فهل يُعتبر المجاهدون الذين فجروا برجي مركز التجارة الأمريكي ناقضين لذلك العقد؟) فأجاب الفهد (الصحيح أن التأشيرة تعتبر كعقد الأمان عرفاً ولا بد من الوفاء بهذا العقد، فمن دخل بلاد الكفار ولو كانوا حربيين عن طريق التأشيرة فقد أمنهم، فلا يجوز له بعد ذلك الغدر، سواء في أنفسهم أو أموالهم، ومن فعل ذلك فإنه يدخل تحت الوعيد الشديد. وأما عمليات 11 سبتمبر فهي صحيحة بناء على أن الأميركان رؤوس الكفر في هذا الزمان وممن آذى الله ورسوله أعظم الأذى، فهم شعب كامل يكمل بعضه بعضاً، لأنه لا وزن للرئيس ولا للبنتاجون ولا للجيش بدون الشعب... فإذا علمت هذا تبين لك أنهم كشخصية اعتبارية أشبهت من هذا الوجه كعب بن الأشرف الذي حث الرسول صلى الله عليه وسلم على قتله، واحتال عليه محمد ابن مسلمة وأظهر له الأمان ثم قتله لأنه آذى الله ورسوله... وهذا هو حال الأميركان في هذا الزمن). هذا كلامه الذي احتج به الظواهري.

إلا أن كلام الفهد هذا فيه تخليط وجهل شديد ومعارضة للنصوص الصريحة.

* الحلقة السادسة: الرد على حجج القاعدة في مسألة «عقد الأمان»