زلات لسان محمد عبده لا تنتهي.. وآخرها المتنبي من عنيزة

لم يوفر فنانا.. ولم يخل لقاء له من تعليق شهير

TT

أمران تضج بهما الصحافة الفنية السعودية والعربية، عندما يقدم محمد عبده شريطا جديدا في الاسواق، وعندما يقوم باجراء حوارات صحافية، أو اعطاء تصريحات. الاثارة لعبة فنان العرب، عن قصد، أو غير قصد. يتحدث محمد عبده.. تحدث الضجة. وهذا امر ليس بجديد على ابو عبد الرحمن، أو ابو نورة، حيث قال ذات مرة لمذيعة تلفزيونية، «في الصباح قولي لي ابو عبد الرحمن، وفي المساء قولي لي ابو نورة»، بل ان اثارته بعمر مشواره الفني الذي فاق الخمسين عاما من كل انواع الابداع الغنائي.

التصريح الاكثر شهرة، والذي لن ينسى للفنان محمد عبده كان في بداية حياته الفنية، حيث سئل يومها عن رأيه في قيثارة الشرق ام كلثوم فقال ان «لها مستقبلا».

والطريف انه في معظم حوارات فنان العرب، المرئية أو المقروءة، يتحدث عن عشق الصحافة للاثارة، وان الصحافة تبيع وفق مفهوم ان الخبر هو ان رجلا عض كلبا، وليس كلب عض رجلا. الا ان فنان العرب دائما ما يستمر في اعطاء التصريحات النارية، وهي بين البينين فمن الممكن قراءتها على انها زلة لسان، أو انها فرقعة اعلامية، المهم هو ان الاعلام قد وجد ضالته.

اخر صيحات فنان العرب كانت ان الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ابا الطيب المتنبي هو من مدينة عنيزة السعودية، مما اثار ردود فعل واسعة سواء في الصحافة، أو بين جماهير محمد عبده. وبالطبع فان المتنبي من ابناء الكوفة، وقضى عمره متنقلا بين الشام ومصر وشمال الجزيرة العربية، وقضى نحبه في العراق بعد عودته من بلاد خراسان.

ففي حوار على اثير (ام. بي. سي اف. ام) مع الاعلامي المعروف احمد الحامد في برنامج «ليلة خميس» تجلى فنان العرب في ردوده على الاسئلة، حتى تلقى اتصالا من محافظ عنيزة يشكره فيه على اغنيته الخاصة التي قدمها لتلك المدينة المعروفة بانواع فن السامري السعودي.

عندها بدا محمد عبده شاكرا وممتدحا لمدينة عنيزة، واهلها، واختتم تعليقه بالقول «يكفي ان المتنبي من عنيزة». وهنا وجدت الصحافة ضالتها، من الاثارة، والضيف الشهير دائما هو محمد عبده.

يذكر ان اشهر شعراء عنيزة، بل والجزيرة العربية، محمد العبد الله القاضي، صاحب القصيدة الشهيرة في وصف اعداد القهوة، والتي منها ذاك البيت الشهير:

(اللي حصل ساعة وانت مشتاق.. اقطف زهر مالاق والعمر ملحوق).

الاعلامي احمد الحامد، الذي استضاف محمد عبده عدة مرات في برنامج «ليلة خميس»، واخرها الحلقة التي كانت مثار جدل واسع يقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين قال محمد عبده ان المتنبي من عنيزة لم تكن للاثارة الصحافية، لكنه كان خطأ غير مقصود».

مضيفا ان «محمد عبده بارع في صناعة الاثارة، وحين استضيفه في برنامجي اتوقع منه تصريحات نارية ستكون محل اهتمام النقاد والصحافة الخليجية والعربية، وهذا ما يحصل دوما حين يكون ضيفا على الهواء مباشرة».

لكن تصريحات فنان العرب، أو قل «زلاته» لا تنتهي، حيث له تاريخ مع زملائه الفنانين، ولم يسلم منه حتى الراحل طلال مداح، الذي كان يبادله فن الاثارة ايضا، فبعد عودة محمد عبده من الاعتزال، ضجت الصحافة، والقنوات المرئية، بتغطية عودته، وكانت اغاني فنان العرب في كل وقت ومكان، حينها قال المرحوم طلال مداح مداعبا «عندما يدق جرس منزلي اخشى ان يكون الطارق ايضا محمد عبده».

اما عبد المجيد عبد الله فله نصيب ايضا من فنان العرب، فلن ينسى جمهوره ان عبده هو من اطلق عليه لقب «عصفور الفن» حيث ارتبط بعبد المجيد ذلك اللقب مطولا، رغم انه حاول التهرب منه دون جدوى.

وسبق لفنان العرب ان قال ذات يوم عند نزول شريط جديد لعبد المجيد عبد الله اشتمل على عدد كبير من الاغاني ان كل اغنية في شريط عبد المجيد هي بريال سعودي، وذات يوم قال عبده ان المشروبات الغازية مضرة بالصحة، والسبب ان عبد المجيد عبد الله قام باجراء اعلان لمشروب غازي.

ولم يسلم من محمد عبده الفنانون الاخرون مثل راشد الماجد، وغيره، حيث قال انه هو من يقدم الفن السعودي، اما هم فانهم يقدمون الفن الخليجي بحكم انهم سكنوا في الخليج، وتطبعوا بطباعه. وبالطبع فهناك الفنان السعودي عباس ابراهيم الذي نصحه محمد عبده بالتوجه إلى الامارات لانه لن يستطيع النجاح في السعودية كونه يمنيا.

يقول الكاتب السعودي محمد صادق دياب، وهو من اصدقاء محمد عبده، ومن الضالعين في توثيق الفن السعودي لـ«الشرق الأوسط» ان «محمد عبده خير من يجيد التصريحات، وقد لا تكون عفوية، فلو تأملت مثلا محمد عبده في لقاءاته التلفزيونية تجده يحرص ويبطىء في الاجابة وهو يوظف تصريحاته لمصلحته الفنية وتخدم غاياته في اكثر الاحيان»، مضيفا «ان كانت هناك زلات لسان فهي قليلة جدا، فمحمد عبده فنان ذكي جدا جدا، ويجيد لعبة الكلمات».

وتأكيدا لحديث محمد صادق دياب فان هناك من يرى ان تصريح محمد عبده عن ان المتنبي من عنيزة لم يكن زلة لسان، بل حيلة اعلامية من فنان العرب من اجل اطفاء جدل اخر يدور في السعودية وحول محمد عبده ايضا.

حيث دار مؤخرا جدل بعد الاعلان عن ان محمد عبده سيقدم نشيدا غنائيا، ابتهاليا، في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، من كلمات الداعية الاسلامي الدكتور عايض القرني، وضجت الساحة بين مؤيد ومعارض، من وجهة نظر دينية حول تحريم الغناء، وهو ما دافع عنه الشيخ القرني، وبين اراء اخرى تنوعت في اسبابها.

ومن هنا فان البعض يعتقد بأن تصريح فنان العرب عن المتنبي جاء ليشغل الإعلام، ويأخذه بعيدا عن النقاش حول النشيد الديني الذي قد يقدمه محمد عبده.

وبالطبع فان سيرة محمد عبده تحفل بتصريحات، وعبارات اكبر مما ذكر، لكن جماهيره لن تنسى له تصريحا جميلا قال فيه قبل سنوات ان مدينة جدة «محلاة بمليون قطعة سكر»، وكذلك صوت ابو نورة، أو ابو عبد الرحمن فنان العرب.