المالكي يطلب من الأمم المتحدة رسميا تحقيقا دوليا.. والأسد يرد: العراق كله مدول

مستشار رئيس الوزراء لـ«الشرق الأوسط»: دمشق رفضت الكثير من مطالبنا * مصدر سوري: إجراءاتنا لن تمس اللاجئين

وزير الصحة الكويتي هلال الساير يتحدث، أمس، إلى عراقي أصيب في تفجيرات بغداد الأخيرة، يتلقى العلاج في مستشفى بالكويت (أ.ف.ب)
TT

فيما طلب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رسميا من الأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق دولية في الاعتداء المزدوج الذي استهدف بغداد في 19 أغسطس (آب) وأوقع 95 قتيلا و600 جريح، والذي اتهم بتنفيذه أشخاص مقيمون في سورية، ندد الرئيس السوري بشار الأسد بمطالبة العراق، وقال إن تدويل القضايا لم يجلب «إلا المآسي». ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون برقية إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي، التي تشغلها حاليا الولايات المتحدة، يبلغها فيها بأنه تلقى من المالكي رسالة مؤرخة بتاريخ 30 أغسطس (آب) يطلب فيها منه تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الاعتداء المزدوج الذي استهدف وزارتي الخارجية والمالية في بغداد.

وجاء في رسالة المالكي، التي أرفقها الأمين العام ببرقيته، أن «حجم وطبيعة هذه الجرائم يستدعي تحقيقا يفوق نطاق الصلاحية القضائية العراقية وملاحقة للمرتكبين أمام محكمة جنائية دولية خاصة»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

ومن جهته، أكد ناطق باسم بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أن «الرسالة وزعت على أعضاء مجلس الأمن بناء على طلب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للامين العام الذي بدوره طالب بتوزيعها». وامتنع الناطق باسم بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة عن الخوض في تفاصيل الرسالة، إذ أنها وجهت للامين العام. ولكنه قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نتوقع عملا مباشرا من مجلس الأمن ردا على الرسالة». ولأنها وجهت للامين العام، سيكون على بان اتخاذ الخطوات المقبلة لدراسة الطلب العراقي. ولم يتسن الحصول على رد لأسئلة «الشرق الأوسط» من الناطق باسم الأمين العام. وكان المالكي اتهم «بعض دول الجوار» بارتكاب أعمال «عدوانية» ضد بلاده. وقد استدعت بغداد قبل فترة سفيرها لدى سورية على خلفية اعتداءي بغداد، وطالبت بتسليمها اثنين من كبار قادة حزب البعث المنحل تتهمهما بغداد بالوقوف وراء الاعتداءين. وردت سورية على استدعاء السفير العراقي باستدعاء سفيرها في بغداد، ما استدعى وساطة تركية وإيرانية.

وقال المالكي أول من أمس «قدمنا معلومات ووثائق خلال زيارتنا الأخيرة إلى دمشق ولقائنا المسؤولين السوريين، سمعنا منهم كلاما طيبا حول التعاون لكن نشاط هذه المنظمات لم يتوقف بل تصاعد». وأضاف «قدمنا معلومات حول اجتماع عقد في الزبداني في الثلاثين من يوليو (تموز) الماضي ضم بعثيين وتكفيريين في حضور المخابرات السورية (...) لماذا الإصرار على إيواء المنظمات المسلحة والمطلوبين للقضاء العراقي والإنتربول؟».

 ومن جانبه، أوضح علي الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، أن «العديد من القضايا كانت تطلب مباشرة من الجانب السوري وترفض، ونتيجة لذلك ولمواقف سابقة أصبحنا بحاجة إلى حضور طرف ثالث لعرض ما يمتلكه العراق من أدلة ومعلومات وعرضها على مجلس الأمن حتى يكونوا على اطلاع على ما يمتلكه العراق ونرى ما يمكنهم التوسط من خلاله لحل الموضوع».

وحول مصير الوساطتين التركية والإيرانية، قال الموسوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوساطة لم تنته ولكن بالمقابل فإن خطوات العراق بتشكيل المحكمة الدولية مستمرة، وبالرغم من استمرار الوساطة فإن العراق لن يتنازل عما يطالب به» لافتا إلى أن «الحوارات مستمرة من قبل أطراف أخرى وليس من قبل الجانب العراقي، ونحن بانتظار حدوث أشياء ايجابية على الأرض لأن نكران الأدلة لا تنفع في وضع حد للأعمال الإرهابية التي يتعرض لها أبناء شعبنا». ومن جانبه، اعتبر الأسد أن تدويل القضايا العربية «لم يحقق سوى المآسي، وأن من يريد التحدث عن التدويل فعليه أن يكون صريحا ويقول لماذا نقل الموضوع إلى المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة وغيرها». وجاءت تصريحات الأسد ردا على سؤال حول الموقف من فكرة التدويل وخصوصا «بين أبناء الأمة الواحدة وبين الجيران» وخاصة بعد الأزمة في العلاقات العراقية ـ السورية الأخيرة ومساعي العراق إلى تدويلها، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الفنزويلي هوغو تشافيز الذي بدأ بزيارة إلى سورية يوم أول أمس. وأضاف الأسد «لم أفهم ما الذي يمكن أن يدول في العراق.. فالعراق كل وضعه مدول منذ عام 1991.. منذ غزو الكويت.. لكن بغض النظر عن العراق.. وهذا شأن عراقي.. نحن نتحدث عن مبدأ.. والواقع أن القضية الفلسطينية منذ نشأت، نشأت بسبب التدويل»، وتساءل الأسد «ماذا حقق لنا التدويل عبر تاريخنا الحديث؟ أي إنجازات؟ هل كان حياديا؟ أم حقق فقط مآسي».

قبل أن يضيف مجيبا على تلك التساؤلات قائلا إن «التدويل لم يكن حياديا ولم يحقق إنجازات: حقق فقط مآسي لنا». وأضاف «لا أتحدث عن موضوع العراق هذا موضوع لا يعنينا.. أنا أتحدث عن المبدأ بشكل عام، نحن دائما في كل خطابنا السياسي في سورية نقول إن الحلول الصحيحة تأتي من أبناء المنطقة تحديدا، هذا من جانب، ومن جانب آخر كلمة التدويل ماذا تعني؟ (تعني) كل دول العالم، إذا قلنا منظمات دولية، فكلنا يعلم بأن المنظمات الدولية هي عدد من الدول، النظام الدولي والمجتمع الدولي ومجموعة دول».

وأضاف الأسد أن «من يريد التحدث عن التدويل فعليه أن يكون صريحا، يقول نقلنا هذا الموضوع إلى هذه الدول وليس للعالم، (إن) المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة وغيرها وكل ما يتبع لها هي منظمات محكومة بعدد محدود من الدول وستكون قراراتها تابعة ومرتبطة بمصالح هذه الدول، وحتما لن تكون لمصلحتنا أيضا». وعلى صعيد متصل، قال مصدر سوري رسمي لـ«الشرق الأوسط» حول الإجراءات الممكن أن تتخذها سورية للرد على ما قد تعتبره «افتعالا عراقيا للأزمة يثبت وجود قرار سياسي عراقي بتخريب العلاقات مع سورية»، وعما إذا كانت هذه الإجراءات ستمس بأوضاع اللاجئين في ظل توقعات إعلامية بطرد اللاجئين أو إغلاق الحدود، أكد أن «هذا الكلام غير وارد إطلاقا، وأن العراقيين الموجودين في سورية هم ضيوف في بلدهم الثاني وأي خلاف بين البلدين لن ينعكس عليهم، مع أننا نأمل بعودتهم إلى بلادهم عندما تتحسن الأوضاع».