محكمة الحريري (الحلقة 5) : الحريري وحزب الله.. العلاقة المبتورة

نصر الله وعد عائلة الحريري بـ «كشف القاتل» ولم يف بوعده.. والتداعيات في الشارع أدت إلى «قسمة طائفية»

شاب لبناني يرفع شارة النصر امام صورة ضخمة لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري بمناسبة الاحتفال في بيروت ببدء اعمال المحكمة الدولية المتعلقة بالجريمة (أ ف ب)
TT

لم تكن لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005، وحدها التي حددت مسار العلاقات بين حزب الله وتيار «المستقبل»، الذي أنشأه الحريري قبيل اغتياله. فمسار العلاقة بين الطرفين رسم منذ وقت طويل قبل ذلك، وتحديدا منذ وصول الرئيس الحريري إلى السلطة في عام 1992 حاملا مشروعا إعماريا حدت من طموحه الظروف الإقليمية، ومشروع المقاومة الذي كان في أوجه آنذاك.

تقاطع المشروعان أحيانا، لكنهما اختلفا في أحيان كثيرة، وتصادما في حالات عديدة قبل اغتيال الحريري وبعده. ولعل أصدق ما قيل في هذا المجال كان لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، الذي دعا الحريري يوما إلى اختيار أي نموذج للبنان يريد «هونغ كونغ أو هانوي»، أي الأعمال والاقتصاد، أم النموذج الثوري. ولهذه الأسباب أيضا يمكن تفسير العنوان الشهير، الذي طلعت به صحيفة «المستقبل» بعد إحدى العمليات «التذكيرية»، التي كان يقوم بها الحزب، التي وصفتها الصحيفة آنذاك بـ«عملية التوقيت الخاطئ». لقد مرت العلاقة بين الطرفين بالكثير من المطبات، فمنذ لحظة الاغتيال اتجهت الأنظار إلى حزب الله، الحليف القوي لسورية، لم تتهمه العائلة بالاغتيال، وتجنب فريق الأكثرية مهاجمته، بل تمت دعوته من قبل النائب وليد جنبلاط إلى «الالتحاق بركب ثورة الأرز». وبعد تردد دام نحو أسبوعين، ظهرت علامات لم تكن مريحة للعائلة والمعارضة آنذاك انتهت بالتظاهرة الحاشدة، التي نظمها الحزب في 8 مارس (آذار) 2005، تحت عنوان «شكرا سورية» وهو تاريخ أصبح رمزا لكل حلفاء سورية في لبنان، وساهم في إعادة استنهاضهم وتجاوز الصدمة، التي لحقت بهم بعد الضربات التي تلقوها في الشارع الغاضب، واستقالة الحكومة تحت وطأتها. وهو تاريخ استدعى تظاهرة أخرى في 14مارس (آذار) من قبل المعارضة التي أصبحت تحمل منذ ذلك التاريخ هذا التاريخ اسما لها.

شارع واحد يفصل بين شارعي «المستقبل» و«حزب الله»، أي بين الطريق الجديدة في بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت، لكن المسافة بينهما بدأت تتباعد باطراد منذ اغتيال الحريري. الشارع السني «المصاب» باغتيال الرئيس الحريري، أحد الرموز النادرة للسنة في العقدين الماضيين، كان ولا يزال تحت وطأة الصدمة. وعندما برد جرح الاغتيال، بدأ الألم يزداد فيه وتحول الأنين صراخا ضد كل من له علاقة بالنظام السوري، المتهم الرئيسي – الوحيد – في القاموس السني، فيما أن الشارع الشيعي المقابل لديه متهم آخر هو إسرائيل. الأول يحس بالإهانة، والثاني بدأ يشعر بالخوف على مصيره، فكان أن تكتل على نفسه في ظاهرة حيرت علماء الاجتماع المتابعين لأوضاع الطائفة الشيعية «المتنوعة» سابقا و«المتحفظة» حاليا. التوترات في الشارعين السني والشيعي، التي تفاقمت منذ اغتيال الحريري، لم تكن إلا نتيجة لتوتر العلاقات بين القيادتين السياسية لتيار المستقبل وحزب الله. وعلى الرغم من دخول الحزب والتيار في تحالف انتخابي خيضت تحت شعاره انتخابات عام 2005، كما دخل الحزب الحكومة بعدها لأول مرة في تاريخه، وهو دخول حمل بصمات النائب الحريري في الإلحاح عليه، إلا أن الأمور تدهورت لاحقا عند أول امتحان جدي تمثل باعتكاف الوزراء الشيعة ومقاطعتهم جلسات مجلس الوزراء، في أعقاب تمرير مشروع المحكمة الدولية مطلع عام 2006، ثم استقالتهم منها في نهاية هذا العام بعد جلسة، كان على جدول أعمالها الموضوع نفسه. وأتت هذه الاستقالة التي تلت حرب يوليو (تموز) لتقطع كل تواصل، ولتدفع الأمور باتجاه الصدام، مع نزول أنصار المعارضة الجديدة إلى الشارع ومحاولتهم إسقاط الحكومة، والاعتصام في وسط بيروت، وصولا إلى اجتياح كامل بيروت في مايو (أيار) 2008 بعد حادثة القرارين المشهورين لمجلس الوزراء باعتبار شبكة اتصالات حزب الله غير شرعية.

بعد اغتيال الحريري تردد أن حزب الله قدم دعما «تقنيا» لعملية التحقيق، لكن مسؤولا لبنانيا قريبا من العائلة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المعلومات «غير دقيقة»، كاشفا أن الأمين العام للحزب «تعهد أمام العائلة بأنه سيقوم بتحقيق وسيقول لهم من هو القاتل، لكنه لم يعد إليهم». ويقول المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إن «العلاقة بين تيار «المستقبل» والحزب كانت أساسا هي العلاقة بين الرئيس الحريري ونصر الله». الحوار بين الحريري ونصر الله كان قد بدأ بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في عام 2000. ويقول المصدر إن «الحريري كان يسعى إلى إقامة حوار حول ماهية المقاومة بعد الانسحاب، وأنه كان يحاور على كيفية استيعاب المقاومة في الدولة، مشيرا إلى أنه كان من المفترض أن يكمل نجله النائب سعد الحريري المسيرة، وأنه التقى لهذه الغاية بنصر الله عدة مرات من أجل هذه الغاية». وأوضح أن من الخطوات المهمة التي قام بها الحريري حينها قوله من أمام البيت الأبيض في أول زيارة له للرئيس الأميركي جورج بوش بعد اغتيال والده إن سلاح حزب الله قضية داخلية وأنه ليس مطروحا على أي جدول أعمال خارجي.

وفي ذكرى الحريري الثانية، كتب نصر الله رسالة نشرت في بعض الصحف اللبنانية تحدث فيها عن العلاقة التي جمعتهما. وقال نصر الله: «في السنة الأخيرة من حياته أتيحت لي فرصة التواصل الدائم معه. وعلى مدى أشهر كانت لقاءاتنا الأسبوعية تعقد بعيدا عن العيون والآذان، وكانت الساعات من كل لقاء تحول المتحاورين سياسيا إلى أصدقاء وأحباء. نعم، كنا على خلاف عميق وطويل، لكن الإرادة الصادقة أعانتنا على أن نتصارح ونقيم بصدق كل المرحلة السابقة، لنقول ما لنا وما علينا، وليقول الرئيس الشهيد ما له وما عليه. والصراحة الصادقة هنا كانت السبيل الصحيح لتأسيس قاعدة متينة وصلبة لعلاقة وطنية واضحة، كان يقدر لها ـ لو استمرت ـ أن تحدث تحولا كبيرا على كل الصعد الوطنية في لبنان. بل كان يمكن أن ترقى إلى مستوى التأثير الإقليمي من موقع الصداقات والعلاقات التي يقيمها كل منا». ويضيف: «نعم، لقد خسرناه جميعا: من حالفه، لأنه فقد برحيله الحليف القوي، ومن خالفه، لأنه فقد برحيله المحاور العاقل والصبور، الذي كان يتسع صدره وقلبه حتى لمن يعارضه بقوة ويعانده بشدة»، معتبرا أنه «في مرحلة الانقسام السياسي، الذي بدأ يشهده لبنان آنذاك، كان وحده القادر على أن يكون الجسر بين طرفي الصراع محليا، والجسر بين لبنان وسورية، ومركز التواصل الذي يملك قدرة فائقة على جمع المشتركات، والتأسيس عليها لأي تفاهم يحفظ لبنان ومصالحه الوطنية». واعتذر نصر الله في رسالته من الشهيد «لأننا غبنا عن إحياء ذكراك مع المحتشدين في ساحة الشهداء في العام الماضي، وفي هذا العام، لأن ذنبنا الوحيد أننا رفضنا أن نتهم بلا دليل، وأبينا أن ندين بلا حجة، أو أن نحول دمك الزاكي إلى سلاح للثأر بلا بينة. ولأنك كنت نموذجا للإنسان الذي يحركه عقله ـ لا حقده ـ أصررنا على أن نحكم العقل، في محنة تتحكم فيها أحقاد وأغراض وثارات واتهامات مسبقة وأحكام مبرمة، وينصب فيها بعض الناس نفسه مدعيا ومتهما ومناديا بالويل والثبور».

ويشير مصدر قريب من عائلة الحريري إلى أن العلاقة بين الطرفين تأثرت بحدثين كبيرين، أولهما مظاهرة «شكرا سورية»، التي نظمها حزب الله بعد أقل من 3 أسابيع على الاغتيال، وتقديمه بندقية المقاومة لرئيس جهاز الاستخبارات السورية في لبنان رستم غزالي. وثانيهما انسحاب وزراء الحزب – مع وزراء «أمل» – من الحكومة عند محاولة إقرار المحكمة الدولية في مجلس الوزراء ما دفع إلى إقرارها في مجلس الأمن الدولي. ويشير إلى أن التطورات السياسية التي تلت الانسحاب من الحكومة كانت – من وجهة نظر المستقبل – كلها مرتبطة بالمحكمة سواء الاعتصام الذي نفذته قوى «8 آذار» أو تعطيل البرلمان أو محاولة إسقاط الحكومة». في حديثه الأخير لـ«الشرق الأوسط»، قال النائب سعد الحريري، إن العلاقات مع حزب الله مستمرة، وأشار ضاحكا إلى وجود «عتب» يبلغهم إياه من حين إلى آخر. الحريري كان يتحدث من زاوية استئناف العلاقة بين الطرفين بعدما «خرجت المحكمة من العوامل المؤثرة فيها، ولم تعد موضع تجاذب مشترك»، غير أن هذه العلاقة لا تزال دونها الكثير من العراقيل لتصبح علاقة سوية وإيجابية، وهو ما يبدو أنه لا يزال مستبعدا في ضوء المواقف الراهنة والتطورات المرتقبة. ويــشــيــر الكاتب إبراهيم بيرم إلى جـــدل قــائــم على مستوى الرؤية المستقبلية للعلاقة بين حزب الله و«المستقبل»، مشيرا إلى أن السؤال عند كل منهما يكون «مــا هو الثمن المستقبلي لتلك العلاقة»؟ ويقول: «إذا كانت العلاقة في الماضي أثمرت عن التحالف الرباعي، فاليوم نصر الله يطرح صيغة العودة إلى المعادلة التي كانت قائمة بشكل غير معلن بين الرئيس رفيق الحريري، وحزب الله (الموا?مة بين المقاومة والدولة)». ويرى بيرم أن كلا الطرفين يخوضان اليوم نقاشا داخليا، فلا يمكن لهما أن يبقيا على القطيعة لأنهما يمثلان غالبية السنة والشيعة وهما مكونان أساسيان في لبنان والصدام بينهما مدمر. لكن هناك وقتا تحتاجه المرحلة لإعادة المياه إلى مجاريها.

ويرى الإعلامي راشد فايد أن لا علاقة وجدت بين تيار «المستقبل» والحزب قبل اغتيال الرئيس الحريري، «لأن التيار لم يكن متبلورا بعد، وبالتالي لم تكن هناك أي علاقة تنظيمية بين الطرفين»، مشيرا إلى أن العلاقة اقتصرت على علاقة مباشرة بين الرئيس الحريري والسيد حسن نصر الله.

ويشير فايد إلى أن «جمهور تيار المستقبل تأثر بالمواقف التي اتخذها حزب الله، بعد الاغتيال سواء في تظاهرة الشكر لسورية، أو في الموقف العام من النظام السوري، على رغم الأجواء التي تحمل سورية مسؤولية الاغتيال بإدانة واقعية سببها أن الوصاية السورية الموجودة في لبنان منذ عام 1976، التي تبلورت بشكل شبه كامل بعد اتفاق الطائف، تجعل كل ما يحصل هو من مسؤولية «الوصي» لكونها وصاية مقرة عربيا ودوليا. واعتبر أن ما حصل أبعد حزب الله عن جمهور التيار دون أن يعني ذلك تنكره لدور المقاومة، مشيرا إلى وجود «انفصام» بين دور الحزب كمقاومة، وبين ما يقوم به على الأرض، كما حصل في مايو (أيار) 2008، معتبرا أن هذا الانفصام لا يواجهه «المستقبل» وحده، بل كامل الطبقة السياسية اللبنانية. ورأى أن للحزب «وجهين وليس وجها آخر، وبالتالي تصبح العلاقة غير سوية لا سيما حينما تحصل اعتداءات على غرار الاعتداءات، التي حصلت في 14 فبراير (شباط) على المشاركين في ذكرى الاغتيال الرابعة.

وعن طبيعة العلاقة الحالية يقول فايد: «هناك سعي للمصارحة، دون المصالحة لأن الانقسام السياسي بين الطرفين هو انقسام عامودي، بين فريق يصر على تطبيق الدستور وبناء المؤسسات، وأن تكون الدولة هي الضامنة وصاحبة القرار، بينما هناك فريق يريد أن يملي على الدولة رؤيته وارتباطاته الإقليمية دون أن يكون لها أي رأي فيما يقوم به وما يتخذه من قرارات يدفع ثمنها الجميع». ويشير فايد إلى «مفارقة حصلت خلال الحرب الأخيرة، هي أن الجميع في إسرائيل ولبنان توحدوا خلال الحرب كل في دولته، غير أن الإسرائيليين شكلوا بعدها لجنة تحديد مسؤوليات، فيما شن حزب الله حملة تخوين، حتى لا يسمح لأحد بأن يسأله عن جدوى الحرب التي افتعلها وكيف حصلت؟» أما الكاتب السياسي بلال خبيز، فيعتبر أن العلاقة بين الطرفين «مبتورة منذ، البد?، إذ أن حزب الله، ومن ورائه الطائفة الشيعية، يريد من «تيار المستقبل» والسنة استطرادا والطوائف الأخرى، الــتــي تشكل نسيج البلد إعالة الطائفة ومساعدتها اقتصاديا، من دون أن يسمح لهذه الطوائف بفرض الشروط السياسية والأمنية الملائمة لصناعة اقتصاد مزدهر قد يستفيد من ازدهاره الجميع».

أما في الشارع، وبعد أربع سنوات على الاغتيال، بدأت علامات الفرز المذهبي أكثر وضوحا بين المنطقتين. من استطاع المغادرة، فعل، ومن لم يستطع إلى ذلك سبيلا تحول إلى «أهل ذمة». في منطقة الطريق الجديدة ثمة من يأخذنا إلى أحد المحال الصغيرة المنتشرة في تلك المنطقة الشعبية، ليدلنا إلى «شيعي» لا يزال في المنطقة «ويعامل كأنه واحد منا». يتمتم الأخير بمجموعة عبارات تؤكد أن «المشكلة ليست مذهبية، وأن ما يحصل هو مؤامرة خارجية، وأن الجميع يتلاعب بنا»، رافضا الإجابة عن الأسئلة أو يتفاداها ما استطاع. آخر يقودنا إلى «شيعي عراقي» لا يزال يقيم في المنطقة. فقد أصبح «المختلفون» مذهبيا حالات تستقطب الإعلام العربي والغربي والمحلي، وهي حالة تزعج أصحاب «الحالات الخاصة»، الذين يفضلون البقاء بعيدا عن هذا الاهتمام. في الشياح – من الجهة المقابلة – ثمة من يقوم بالدور نفسه ليرشدنا إلى «سني» هنا وآخر هناك. الصورة تتكرر، والكلام يتكرر وكأنما هناك اتفاق على التفاصيل واللهجة والموقف.

يتحرر أبناء «المذهب الأصيل» في المنطقة من حاجز الخوف والتردد. ويقول يوسف، أحد المقيمين في الطريق الجديدة، إن ما يحصل «ليس خلافا مذهبيا بالأصل، لكنه كذلك بسبب الأمر الواقع»، مشيرا إلى أن الرئيس الحريري «كان يعمل للجميع، وعلم الجميع دون تفرقة بين مسلم سني أو شيعي أو مسيحي من أي مذهب» معتبرا أن الحريري «كان يريد بناء الإنسان اللبناني من أجل لبنان موحد ومزدهر». ولا يتردد يوسف في اتهام سورية بالجريمة.، معتبرا أن «خطيئة» حزب الله هي وقوفه إلى جانب القاتل ومحاربته الضحية» معتبرا أن «الناس لن تنسى بسهولة ما حصل في السابع من مايو (أيار) 2008، عندما احتلت بيروت من قبل ميليشيات الحزب واعتدت على كرامات الناس وممتلكاتهم». يتدخل قاسم – جاره في المحل المجاور – ليضيف: «لو كنا ميليشاويين كما اتهمونا، لكنا حملنا السلاح دفاعا عن أنفسنا، لكن يبدو أنهم يدفعوننا باتجاه التسلح تحسبا للجولات المقبلة». نسأله: «أتعتقد أن هناك جولة جديدة»؟ يجيب: «نعم، فلا تزال المحكمة في بداياتها وفعلوا ما فعلوه لعرقلتها، فكيف إذا ما وصلت المحكمة إلى حدود إدانة القاتل!».

في المنطقة المقابلة تجد من يدافع عن مبادئ وشعارات مختلفة، النظرية هناك تقول إن «المستهدف هو المقاومة». يقول سامر، صاحب أحد محال بيع الأفلام والألعاب الإلكترونية في الضاحية، إن إسرائيل هي من اغتال الرئيس الحريري لإيصال البلاد إلى ما وصلت إليه في الوقت الراهن معتبرا أن «إقحام المقاومة في الوحل اللبناني يهدف إلى تلويثها ونزع الإجماع عنها وصولا إلى تدميرها». ويقول إن فريق الأكثرية (14 آذار) تآمر على المقاومة خلال حرب يوليو (تموز) وبعدها، وأن ما حصل في مايو 2008 كان عملية «جراحية موضعية». ويضيف سامر – وهو خريج جامعي يعمل في غير مجاله لقلة فرص العمل – أن ما حصل كان أمرا لا بد منه بعدما تمادى الآخرون في استهداف المقاومة. ولا يعترف سامر بوجود «انقسام مذهبي»، قائلا: «نحن لسنا طائفيين، لكن الآخرين يستهدفوننا ولن نعد نملك إلا الدفاع عن وجودنا». وتصف ديالا، وهي شابة جامعية من سكان حارة حريك في الضاحية، النائب سعد الحريري بأنه «طيب»، لكنها ترى المشكلة في «تحالفه مع مجرمين»، معددة بعض أسماء فريق «14 آذار»، متسائلة عن السبب الذي سيدفعها إلى الثقة بنوايا من يطلب نزع سلاح المقاومة وعلاقته باغتيال الرئيس الحريري.

ويرفض فايد الكلام عن انقسام طائفي في الشارع، معتبرا أنه حين يلجأ طرف ما إلى التمسك بهويته الطائفية أو المذهبية أو المنطقية، فإنه يدفع الفريق الآخر إلى الارتداد إلى المستوى ذاته. ويقول: «هناك طرف في الحياة اللبنانية بنى لحمة لجمهوره قاعدتها المذهب وعامودها ولاية الفقيه، ثم يناقش الآخرين كيف أنهم مذهبيون». وأشار إلى جود «دراسات دينية لا تقبل في أي منهج ومد للعائلات بالمساعدات وإنشاء مجتمع قائم بذاته من طريقة العيش اليومي إلى الموت». ويخلص إلى أن «هناك قسمة طائفية فرضها حزب الله بإرادته».