اليمن بعد الحرب السادسة (الحلقة الثالثة): «القاعدة» اخترقت قبائل في اليمن.. ولها 3 مصادر تمويل

خبير يمني في شؤون الإرهاب التقى قيادات «التنظيم» وقال إن عناصره تعيش بين الناس وداخل المدن في المناطق الجنوبية

صورة تنشر لأول مرة لعناصر من تنظيم القاعدة الملثمين في اليمن، أرسلها مصدر مقرب من التنظيم لـ«الشرق الأوسط» وقال إن فيها شبانا سعوديين
TT

كشف عبد الإله حيدر الخبير في شؤون الإرهاب باليمن، تفاصيل مثيرة عن زياراته لأماكن وجود المتعاطفين مع تنظيم القاعدة وعناصره، ولقائه بعدد من قياداته، من بينهم أمير تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب أبو بصير، ونائبه الشهري، وقائد الجناح العسكري أبو هريرة، إضافة لمقابلة له مع الرجل الآخر المطلوب للولايات المتحدة الأميركية، أنور العولقي، قائلا إن هناك شخصيات ذات ملامح غير عربية بين قيادات التنظيم وإن آخرين يحملون ألقابا غير معروفة، وإن البعض الآخر من دون أسماء، فيما يوجد بينهم أيضا عدد من السعوديين.

وقال حيدر في مقابلة مع «الشرق الأوسط» إن عناصر «القاعدة» تعيش بين الناس في المناطق الجنوبية، وأنه فهم من قيادات التنظيم التي التقاها، خاصة قائد التنظيم (اليمني) ونائبه (السعودي)، هدفهم إقامة إمارة إسلامية وتكوين جيش من 12 ألف مقاتل، مضيفا أن عدد «القاعدة» في اليمن ربما يدور حول ثلاثة آلاف (يزيد أو يقل) لأنه من الصعب الفصل بين عناصره ومناصريه، لافتا إلى أن مصادر تمويل «القاعدة» في اليمن تسمح بالتحرك لتحقيق أهدافه.

وأوضح حيدر أن تنظيم القاعدة لم يعد ضيفا على القبيلة في جنوب اليمن بل جزء منها بعد تجنيده لأبنائها، وقال إن الأمن اليمني يجد صعوبة في ملاحقة «القاعدة» برا حتى لا يصطدم مع السكان، مشيرا إلى أنه تربطه علاقة صداقة مع أنور العولقي الذي تشتبه الولايات المتحدة الأميركية في صلته بمنفذين لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وبكل من الضابط الأميركي نضال حسن منفذ مذبحة فورت هود في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي التي قتل خلالها 13 عسكريا أميركيا، والنيجيري عمر الفاروق عبد المطلب المتهم بمحاولة تفجير طائرة ديترويت عشية عيد الميلاد الماضي.

وأضاف حيدر، أنه تحدث مع العولقي في منزله، قبل شهرين، قائلا إنه ما زال يضخ الأفكار حول «الجهاد» إلا أنه أصبح أكثر احتياطا بعد الضربات الأخيرة على يد القوات اليمنية، مشيرا أيضا إلى أنه لا توجد تسجيلات تفيد بأن العولقي التقى عبد المطلب النيجيري أو أنه كان أحد طلابه، وأن ما نُشر على لسانه لم يكن صحيحا وجرى تحريفه. وإلى نص المقابلة..

* التقيت متعاطفين مع تنظيم القاعدة. لكن ماذا عن عناصر التنظيم وقياداته؟

- عناصر «القاعدة» يمكن أن تلتقي بهم على مدى شريط المناطق الممتدة من مأرب إلى وسط عدن.. نعم التقيت بعناصر وقيادات. وبعضهم كان شبابا سعوديا. ويمكن إذا نزلت الآن إلى أبين مثلا أن تلتقي بعناصر من «القاعدة»، لأنهم موجدون في تلك المناطق، خصوصا في مأرب، وشبوة، والجوف، وظاهرون على الناس، ويعرف الناس أن هؤلاء عناصر تنظيم القاعدة.

* هل هناك أسماء لقيادات؟

- من القيادات التي التقيت بها، أبو بصير أمير التنظيم، وسعيد الشهري النائب (لأمير التنظيم)، وأيضا المسؤول العسكري أبو هريرة. وهذا الأخير التقيت به مرتين، الأولى كانت في صنعاء، حين كان ينسق للقاء (صحافي)، والمرة الأخرى حين التقيت بـ«الأمير» في حضوره. هناك ألقاب وشخصيات من دون أسماء كان بعضهم شخصيات سعودية وبعضهم شخصيات ربما غير عربية، كما بدا من ملامحها، لكن لم تكن تشاركنا الحديث، وأبو بصير (الأمير) لم يفصح عن أسمائهم أو كناهم وألقابهم.

* متى كان آخر لقاء لك بهذه القيادات؟

- هو لقاء وحيد كان في يناير (كانون الثاني) عام 2009.

* وأين كان هذا اللقاء تحديدا؟

- لا أعلم أين.. لأنهم هم الذين رتبوا هذا اللقاء.

* هل في جنوب اليمن بشكل عام؟

- (لا إجابة)

* ماذا يريد الوحيشي، أمير التنظيم، كما فهمت منه حين التقيت به؟

- تتماشى لديهم (لدى «القاعدة» في جزيرة العرب) 3 أهداف متوازية: هدف محلي وهدف إقليمي وهدف عالمي. الهدف المحلي هو إقامة إمارة إسلامية في أي منطقة يستطيعون السيطرة عليها والتمكن من الناس، ويحكمونهم بالشريعة الإسلامية بحسب ما ذكر أبو بصير. الهدف الثاني - بعد أن يقيم الإمارة الإسلامية - يجهز جيشا قوامه 12 ألف مقاتل لينصروا بهم المستضعفين في الأرض كما يقولون، بما في ذلك تحرير فلسطين. ولكي يمروا عبر هذه المناطق، سيدمرون أو يفككون الأنظمة الموجودة في المنطقة. يعتمدون على كثير من الاختلالات الموجودة في المنطقة. أما الهدف الإقليمي (كما يقولون) فهو إخراج المشركين من جزيرة العرب، حيث يرفعون شعار (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب)، بمعنى أن هذا الأمر هدف استراتيجي إقليمي لإخراج القوات الغربية بالدرجة الأولى، والوجود الاستخباراتي والعسكري الأميركي والغربي. أما الهدف العالمي، بعد تشكيل إمارة في اليمن، وإمارة في العراق وإمارة في الصومال، وإمارة في أفغانستان وإمارة في باكستان، وفي مناطق متعددة أخرى، يتشكل ما يسمونه أو يعتبرونه النظام الإسلامي الكامل أو الشامل؛ نظام الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة. هذه الأهداف الثلاثة يعملون عليها، ولهذا تجدها تتكرر باستمرار في خطابهم الذي يكتبونه في مجلة «صدى الملاحم» التي تصدر دوريا، وفي خطاب أميرهم.. حتى آخر كلمة للرجل الثاني سعيد الشهري، كان يتكلم بحرص شديد على التركيز على هذه الخطوط الثلاثة، ولذلك تحدث عن حركة الشباب المجاهدين في الصومال، وأنهم سيكونون يدا واحدة لإنجاز هذا المشروع.

* هؤلاء القياديون الثلاثة في تنظيم القاعدة (الوحيشي والشهري وأبو هريرة)، مؤكد أن لهم وسائل للتحرك، فهل لاحظت نوعا من القدرة على هذا التحرك، مثلا منازل وسيارات.. أم هي مجرد كهوف يقيمون فيها كما قد يتخيل البعض؟

- لا.. كان منزلا عاديا.. طبيعيا، وكأنك في المدينة، والتنقل كان بعدد من السيارات.

* وبالنسبة للأنصار.. هل كانوا هناك؟

- كان عددا من الشباب والرجال الملثمين.. ولم أنتقل لمقابلة «الأمير» مرة واحدة؛ بل انتقلت من مجموعة إلى مجموعة إلى مجموعة حتى وصلت إلى أبو بصير.

* وهل كانت المجموعات مسلحة؟

- كلها مسلحة وملثمة.

* وما أنواع السلاح؟

- لم ألحظ نوع السلاح لأنني كنت في كل المراحل مغطى «الوجه»، ولكن حين توقفنا فقط في الطريق، وجدت أن هناك شبابا وهناك مجموعة سيارات أظنها كانت 4 أو 5 سيارات، وهناك مجموعة شباب ملثمين يحملون السلاح. ثم حملوني إلى مكان آخر وانتقلنا وهكذا..

* قلت إن عدد عناصر القاعدة بالآلاف.. لكن، في اعتقادك، ومن خلال تعاملك مع هذا الموضوع، هل يكون العدد في الوقت الحالي قد وصل مثلا لـ3 آلاف أو 4 آلاف؟

- ربما.. قد يقل وقد يكثر. لا نستطيع تحديد العدد على وجه الدقة، لأن المبايعين للتنظيم حاليا لا نستطيع أن نفصلهم تماما عن الأرضية المناصرة لهم. والشركاء لهم الآن في نفس الهدف الذي هو مقاتلة الدولة إما بغرض الانفصال وإما بغرض الانتقام من الدولة وإما بغرض الانتقام من أميركا لأنهم يشعرون أنها قتلت أبناءهم في يومي 17 و24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في القصف الذي حصل في تلك المناطق.

* من أين يأتي تنظيم القاعدة في اليمن بالمال والسلاح والطعام والسيارات والمأوى، في اعتقادك؟

- هناك 3 مصادر للتمويل: المصدر الأول: الأشخاص الذين ينضمون لـ«القاعدة».. فالشخص الذي يلتحق بالتنظيم، في آيديولوجيا «القاعدة،» هو الشخص الذي ينفر في سبيل الله، وينفر بماله وبنفسه. والمصدر الثاني: القبائل التي يعيش التنظيم في أوساطها.. فهي قبائل كرم، وتأوي الغريب، وتعطي من يأتي إليها لاجئا أو طالبا النصرة. والمصدر الثالث: رجال أعمال وتجار وأناس محبين «للجهاد» في العالم، بطرق مختلفة سواء من داخل اليمن أو من خارجه، هذا التمويل يصل إلى «القاعدة» في اليمن كما كان يصل إلى الزرقاوي في العراق. وأعتقد أن هذا التمويل يمر عبر البنوك، لأن تنظيم القاعدة في اليمن ليس بعيدا عن الحياة المدنية، معروف أنه ليس تنظيما قبليا وليس تنظيما بدويا بحتا، بل يجمع ما بين البداوة والحضارة.

* هل ترى أن ما يحصل عليه تنظيم القاعدة في اليمن من تمويل مالي يجعله قادرا على الحركة بشكل كبير؟

- الذي أستطيع أن أؤكده هو أنه تمويل يسمح له بالاستمرار والتحرك بشكل يجعله يحقق أهدافه..

* هل لمست قلقا ما من جانب قيادات التنظيم بشأن المستقبل، من حيث التمويل، أو ما يمكن أن يتعرضوا له من ضربات أمنية من القوات اليمنية أو يتخوفون من غزو أميركي لهم مثلا؟

- أنا لم ألمس من قيادات «القاعدة» ذلك. لكن من خلال ما يدور من كلام محسوبين ومنظرين لتنظيم القاعدة في المنتديات، ومن خلال مقالات سابقة رسمية، فإنهم (مثلا) كانوا يقولون في البيان الذي تبنى تفجيرات مدريد في مارس (آذار) 2004: لقد فتحنا مستنقعا لأميركا والغرب في أفغانستان والمستنقع الثاني في العراق وسيكون المستنقع الثالث في اليمن. فهم كانوا يعدون ويرتبون أن يكون اليمن جبهتهم الثالثة.

* هل عناصر وقيادات «القاعدة» يعيشون في الجبال كما يتردد أم أنهم يعيشون مع أسرهم في بعض المدن؟

- على سبيل المثال سعيد الشهري لحقت به أسرته من السعودية.. وشعرت، ربما، بأن زوجها يستطيع هنا (في اليمن) أن يوفر لها حياة جيدة. كذلك هناك قيادات أخرى في تنظيم القاعدة يعيشون مع أهلهم.. مع زوجاتهم وأطفالهم.

* تعني أنهم لا يعيشون في الجبال أو المناطق النائية؟

- أنا من خلال لقائي بعدد منهم لم أجدهم في كهوف أو جبال. وجدتهم في بيوت وحولهم سكان كثيرون.

* أتعتقد أن هذا الأمر ما زال مستمرا حتى الآن؟

- أنا أتوقع ذلك.. نعم.. إنهم يعيشون في أوساط السكان.

* هل هذا يؤشر هذا على ضعف وجود الدولة اليمنية في محافظات بالجنوب ويؤشر على ضعف أجهزة مكافحة الإرهاب التي تريد أن تستأصل تنظيم القاعدة من البلاد؟

- لا نستطيع أن نقول إنه ضعف أو قوة.. إنما نمط العلاقة التي تشكلت بين القبيلة والدولة منذ زمن، هو الذي سمح لتنظيم القاعدة ومجوعات جهادية أخرى كانت تأتي لليمن وتؤويها القبائل.. سواء مجموعات جهاد مصرية أو تلك التي كانت تأتي من المغرب العربي أو سورية. ونتيجة أن القبيلة والدولة لديها علاقة ندية وليست علاقة هيمنة وسيطرة من الدولة بالتنمية أو بالقانون أو بالدستور، فإنه لا توجد سيطرة للدولة هناك منذ زمن، وليس بسبب تنظيم القاعدة الآن.

* أيعني هذا أنه يصعب على أجهزة مكافحة الإرهاب استهداف «القاعدة» هناك؟

- بالنسبة للعمليات التي نفذتها الدولة ضد «القاعدة» مؤخرا في أبين وشبوة ومأرب والأجاشر وأرحب وغيرها، لماذا لم تكن الدولة تعرف من قُتل ومَن جُرح من «القاعدة»؟. تحدثت بيانات الدولة بعد ذلك أن «القاعدة» في أبين ذهبت إلى المستشفيات وأخرجت جرحاها، وأنها (القاعدة) تمكنت من دفن قتلاها، فأين كانت الدولة؟ الدولة لم تكن موجودة على الأرض.. لا تستطيع أن تنزل إلى الأرض للتأكد. لماذا؟ لأن السكان سيواجهونها.. السكان في تلك المناطق يرفضون أي وجود عسكري للدولة. وهم أصلا لم يعرفوها من قبل.. لم يعرفوا الدولة من خلال التنمية. المناطق التي قصفت لا يوجد فيها أي نوع من الخدمات.. لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا طرق ولا مدارس ولا مستشفيات.. الدولة لا تستطيع أن تدخل إلى تلك المناطق برا.. كان بإمكانها أن ترسل قوات خاصة من مكافحة الإرهاب كي تعتقل عناصر «القاعدة».. كي تقتلهم، لكنها لا تستطيع، لأن السكان المحليين سيتواجهون معها. حين جاء الطيران العمودي ليقصف (عناصر من «القاعدة»)، في مأرب واجهه الناس بمضادات للطائرات. هم يعتبرون هذا عدوانا على القبيلة. كذلك ما حدث بين الجوف وصعدة، في منطقة الأجاشر، لماذا لم تستطع الدولة أن تحصل على جثث من قالت إنها قتلتهم من تنظيم القاعدة هناك أو جرحتهم. لأن السكان المحليين سيواجهونها. الدولة تقصف من الجو ولا تعرف ما هي النتيجة. هذا يعكس لك مدى عدم قدرة الدولة على مواجهة تنظيم القاعدة ميدانيا وعلى البر.

* رغم وجود مجالس محلية ومحافظين موالين للدولة في تلك المناطق.

- هذه المؤسسات المدنية تختلف عن الوجود العسكري.. حتى هذا الوجود المدني غالبا ما يتعرض للإيذاء والاستهداف من القبائل. لكن تختلف الحالة هنا في المجالس المحلية لأن بعضهم من أبناء القبائل نفسها لكنهم لا يقتنعون بمثل هذه المجالس لأنها لم تقدم لهم الخدمات.

* يعني هل نستطيع أن نقول إنه حتى المجالس المحلية تتستر بطريقة أو بأخرى على المطلوبين للدولة؟

- حتى لو عرفت من هم المطلوبون لا تستطيع مطاردتهم أو متابعتهم لأن تنظيم القاعدة في خلال السنوات الماضية تمكن من اختراق القبيلة. تنظيم القاعدة لم يعد ضيفا على القبيلة بل أصبح جزءا منها.. بسبب تجنيده لأبناء من القبائل ومن المشايخ، فماذا يفعل مشايخ القبائل وماذا تفعل القبيلة نفسها. هل تتبرأ من أبنائها، وهل تبلغ عن مطلوبين من أبنائها.. هل تدعو الدولة لكي تقتل أبناءها. هذا مستحيل في عرف القبيلة.

* متى التقيت بـ«اليمني الأميركي» أنور العولقي؟

- في أواخر العام الماضي.. ولم ألتق به بصفته من «القاعدة». إنما بصفته صديق قديم، بعد عودته من أميركا عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001. والتقيت به في بيته في شبوة..

* من هو أنور العولقي؟

- هو ابن أسرة ثرية من العوالق من شبوة وهي قبيلة شديدة البأس كان لها دور كبير في طرد الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن. العولقي وُلد ودرس في أميركا لأن والده كان يدرس الدكتوراه هناك. ووالد العولقي هو أحد الوزراء السابقين في الحكومة اليمنية (كان وزيرا للزراعة) وأحد القيادات الكبيرة في الحزب الحاكم، وكان رئيسا سابقا لجامعة صنعاء.. أما أنور العولقي نفسه فكان أيضا شخصا مهما في أوساط المسلمين في أميركا وبريطانيا ويحظى باحترامهم، ويقيم لهم المحاضرات والدروس. ثم حين عاد إلى اليمن استمر في مزاولة نشاطه وارتباطه بأصدقائه في الغرب الذين كان من بينهم نضال حسن الذي نفذ عملية فورت هود.

* ولماذا اختار شبوة للإقامة فيها بعد عودته لليمن؟

- العولقي أقام في صنعاء أولا عقب عودته من الخارج. وكان أيضا يتردد على شبوة. لكنه اختار أن يقيم في شبوة بشكل دائم بعد أن اعتقلته السلطات اليمنية لسنة ونصف السنة دون أن توجه له تهمة أو تقدمه إلى محاكمة. وكان الأميركيون يشتبهون في علاقته بأحداث 11 سبتمبر بسبب أن اثنين من منفذي عمليات الحادي عشر من سبتمبر كانا يصليان في مسجده (بأميركا)، لم يستطع المحققون الأميركيون فترة وجود العولقي في أميركا إثبات أي دليل عليه، لكن الأميركيين كانوا يريدونه أن يبقى في بلادهم كي يتمكنوا من اعتقاله بصورة أو بأخرى. وشعر العولقي بأن السلطات الأميركية بعد 11 سبتمبر خلقت أجواء متأزمة للمسلمين هناك فحمل حقائبه واستقر في بريطانيا لسنوات، ثم عاد إلى اليمن. وبعد أن أفرجت عنه السلطات اليمنية، ترك صنعاء وانتقل إلى قبيلته (في شبوة) التي تحميه ويعيش في أوساطها.

* هناك اعتقاد بأن العولقي انضم لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعد الضربات التي استهدفت التنظيم في جنوب اليمن شهر ديسمبر الماضي.. هل هذا صحيح؟

- غير معروف من هو أنور العولقي في تنظيم القاعدة، بما يعني أن الحال كما هو عليه.. أي لا يزال ذلك الشيخ المتدين الذي يضخ الأفكار الإسلامية حول العزة والكرامة والجهاد وقضايا كثيرة يتكلم عنها في خطبه ومحاضراته. لا يوجد تغير كبير في خطابه حين تقارنه قبل 5 سنوات والآن. هو كتب رسالة (44 طريقة لخدمة الجهاد قبل عام ونصف)، ولم يكن في تنظيم القاعدة. وأعتقد أن الحال ما زال كما هو فيما عدا أنه بعد الضربات الأخيرة أصبح أكثر احتياطا.

* تناقلت بعض الصحف مقابلة معك أجرتها صحيفة أميركية منذ نحو شهر عن علاقة العولقي بالنيجيري عبد المطلب. هل مثل هذه العلاقة المباشرة بينهما كانت موجودة؟

- المقابلة أجرتها معي صحيفة «ذا نيويورك تايمز»، ونقلتها عنها بعض الصحف، وجاء في المقابلة كلام منسوب إلي لم أقله نقلا عن أنور العولقي. قالت إنني قلت إنه التقى بعمر الفاروق عبد المطلب. لم أقل إنه التقى. ولم يقل لي الشيخ (العولقي) إنه التقى بعبد المطلب. الصحيفة قالت عني إنه التقى، وهذه معلومة خاطئة وغير صحيحة. لم أقلها ولم أنقلها عن الشيخ. كما لم تكن هناك أي تسجيلات جديدة لأنور العولقي يقول فيها إنه التقى بعمر الفاروق أو إنه كان أحد طلابه، كما زعمت. للأسف تم نشر هذا الكلام على نطاق واسع، بما فيه من أخطاء وكلام غير صحيح.. طلبت من الصحيفة التصحيح للرأي العام، وقلت لمراسلها الذي أجرى معي المقابلة إنك قلت إن العولقي التقى بعبد المطلب، على غير الحقيقة، فاعتذر المراسل وقال لي إنه فهم خطأ من المترجم. قلت له إنك (ذكرت أنك) استمعت إلى تسجيلات، وأنت لم تستمع إلى تسجيلات. قال صحيح لم أستمع إلى تسجيلات ولم أستمع إلى أنور العولقي وهو يقول هذا الكلام. قلت له يجب تصحيح ذلك. وبعد أكثر من أسبوع، قامت الصحيفة بتصحيح بسيط غير عادل، لأن الأخطاء التي ذكرتها كانت في العناوين الرئيسية للموضوع وفي الصفحة الأولى. وبالتالي لم أقتنع بما قامت به من تصويب، فأصدرت بيانا صحافيا أكذب فيه ما نشر فيما يتعلق بتلك الأخطاء عن علاقة العولقي بعبد المطلب.

* غدا صعدة: خيارات الحرب والسلام