اختراع يوفر 70% من الطاقة الكهربائية في مساجد السعودية

يهدف إلى الحد من الهدر المتواصل للكهرباء فيها

رسم بياني للاختراع ويظهر التيار مربوطا بالكمبيوتر («الشرق الأوسط»)
TT

توصل طالب سعودي في كلية الحاسبات وتقنية المعلومات إلى اختراع يلعب دورا مهما في توفير 70 في المائة من الطاقة الكهربائية المستخدمة في المساجد، والحد من الهدر، الذي ينتج عن اللا مبالاة، وطبقت تجربة من هذا المشروع في أحد المساجد الكبرى في مدينة جدة، غرب السعودية، وثبت نجاحها بشكل كامل.

المشروع الذي نفذه هاني سندي، طالب كلية الحاسبات وتقنية المعلومات في جامعة الملك عبد العزيز، يتوقع أن يعمم على المساجد السعودية، حيث أكد الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، نائب أمير منطقة القصيم، أن منطقته تفكر جديا في تطبيق هذا المشروع.

وفي تفاصيل المشروع، يقول هاني لـ«الشرق الأوسط»: «اقترح الدكتور إبراهيم البديوي، وهو المشرف على مشروع تخرجي من الجامعة، فكرة ابتكار «المسجد الذكي»، وشرعت في التنفيذ عقب أسبوع كامل من التفكير والاقتناع بالفكرة، تواصلت بعدها مع جهات عدة في أميركا وأوروبا، وتواصلت أيضا مع بعض المصانع لمعرفة بعض برمجة الأجهزة، التي تستخدم في المشروع، سواء في التحكم، أو إعادة البرمجة وغيرها».

وأوضح هاني أنه الطالب الوحيد في مرحلة البكالوريوس الذي قبل ابتكاره من جامعة الملك عبد العزيز، وذلك في المؤتمر العلمي الأول لطلاب وطالبات التعليم العالي في السعودية، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.

وأضاف أن «الابتكار يهدف إلى الحد من الهدر المتواصل للكهرباء في المساجد، الذي ينتج عن اللا مبالاة بالطاقة الكهربائية، إذ لا تُستنفد طاقته الاستيعابية الكاملة إلا خلال صلاة الجمعة، والاستهلاك اليومي للكهرباء يشمل الإمكانات المتاحة جميعها في المسجد، من استخدام الأجهزة الكهربائية كلها، وبقائها تعمل لساعات متواصلة من دون الاكتراث لحجم الخسائر الناجمة جراء الإهمال».

إلى ذلك، تبنى الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، نائب أمير منطقة القصيم، عقب لقاء صاحب الابتكار المشروع، واصفا إياه بـ«الفريد في نوعه» في البيئة المحلية.

وطالب الأمير فيصل بن مشعل بمخاطبة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لتسجيل براءة الاختراع باسم هاني سندي، «إذ ستتم بعد ذلك مخاطبة وزارة الشؤون الإسلامية رسميا، لتبني المشروع في مساجد المملكة، ويُدرج تحت اشتراطات بناء المساجد، فضلا عن شركة الكهرباء، إذ سنقترح تضمينه في خططها الترشيدية».

وأكد نائب أمير منطقة القصيم خلال استقباله للمخترع مؤخرا أن «المنطقة ستكون أول من يعمل بهذا المشروع الرائد، حيث سنناقش مع المسؤولين في المنطقة آليات تفعيل المشروع في مساجد القصيم»، وقال: «يجب أن يعمم على المساجد جميعها، لما له من اثر كبير في تقليل حجم الاستهلاك الكهربائي فيها، وتقليصه».

ويعود المبتكر سندي بالقول: «إن الابتكار هو في الأساس قديم، ومأخوذ من تقنية البيوت الذكية، ويعمل على خفض حجم الاستهلاك الكهربائي إلى أكثر من 70 في المائة، كما يتمتع بمزايا وخدمات إضافية، تتيح التحكم في الطاقة الكهربائية وإدارتها، بحسب أعداد المصلين، إذ يتحكم في درجة الحرارة والأضواء، ويستخدم أجهزة التكيف وأجهزة الإضاءة والمراوح بحسب الحاجة».

وبين سندي أن «الابتكار استغرق أربعة أشهر لإنجازه، ويتميز بقدرته على التحكم في حجم صوت الأذان، وتحديد موعد لإقامة الصلاة، حيث يعرف المصلون في المسجد وقت الإقامة عندما يضيء نور في محراب المسجد».

واستطرد سندي قائلا: «إن الجهاز مبرمج على مواعيد إقامة الصلوات الخمس على مدار العام، حيث استعنا بقسم العلوم الفلكية في كلية العلوم، جامعة الملك عبد العزيز، لوضع معادلات حساب مواعيد الصلاة لمعرفة الوقت اللازم وحجم الاستخدام، وعلى سبيل المثال كصلاة الظهر يلزم درجة حرارة تصل إلى 19 درجة مئوية، فتستخدم الأجهزة المطلوبة للوصول لتلك الدرجة الحرارية قبل الصلاة، أي تقريبا 25 دقيقة، ويغلق الجهاز جميع الأجهزة بعد الأذان بـ50 دقيقة».

وأوضح أن ابتكاره طُبّق في مسجد الجزيرة، الواقع في درة العروس شمالي محافظة جدة، بدعم من كلية الحاسبات وتقنية المعلومات بجامعة الملك عبد العزيز، ونجح، بالإضافة إلى قدرته على تخفيض معدل الاستهلاك الكهربائي، وقد يسهم في تقليل عدد العمالة في المساجد، مما يترك لهم مهنة التنظيف، وترتيب المساجد وصيانتها فقط.

وأشار سندي إلى إمكان استخدام الاختراع في الأسواق و«المولات» الكبيرة والشركات التجارية والمصانع وكذالك البيوت، فيمكن للنظام أن يبرمج بحسب آليات واحتياجات الجهات المختلفة، بما يحقق لهم التوفير في حجم استهلاكهم لطاقة الكهربائية.

وبالعودة إلى الأمير فيصل بن مشعل، فقد أبدى فخره بوجود شباب مجتهد ومثابر، وقال: «لا بد من الأخذ بيده، ونحن حريصون تمام الحرص على دعم الأفكار والاختراعات كلها التي تخدم الوطن والمواطنين، ونشجع الآخرين من المختصين والباحثين في مجلات علمية عدة على بذل الجهد، وتسخير الفكر لما ينفع وطنهم ومجتمعهم».