سن الزواج يفجر جدلا في اليمن.. ومظاهرة نسوية ترفض تحديده بـ18 عاما

نائب لـ «الشرق الأوسط»: المعارضون جاهزون بالفتاوى ضد حقوق المرأة

يمنيات يتظاهرن في صنعاء أمس احتجاجا على تحديد سن الزواج بـ 18 سنة (إ.ب.أ)
TT

احتدم الجدل في اليمن حول تحديد سن الزواج، فقد تظاهر في صنعاء أمس مئات النساء من أتباع التيار الإسلامي، وذلك لرفض إصدار قانون يحدد سن الزواج، في الوقت الذي أفتى عدد من علماء اليمن بحرمة إصدار مثل هذا القانون.

وتجمع المئات من النساء أمام مبنى مجلس النواب اليمني (البرلمان)، وذلك للتعبير عن رفضهن لإصدار قانون يحدد سن الزواج. وأكدت اللافتات والشعارات التي رفعتها المتظاهرات على رفض «اتفاقية السيداو»، الخاصة بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. واعتبرن تحديد سن الزواج بأنه «يخالف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف»، وحملن إلى البرلمان تواقيع، أكدن أنها لمليون مواطن يرفضون صدور القانون.

وجاءت هذه المظاهرة النسائية بعيد إصدار عدد من علماء اليمن، يتقدمهم الشيخ عبد المجيد الزنداني، رئيس جامعة الإيمان والمتهم أميركيا بدعم الإرهاب، لفتوى تحريم تحديد سن الزواج، وقال العلماء في البيان (الفتوى)، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخه منه، إنه «يحرم على أي مسلم أو أي جهة تنفيذية أو تشريعية تتبنى هذا التقنين وأي تقنين آخر يخالف الشريعة الإسلامية ويعارض الكتاب والسنّة ويخالف إجماع الأمة».

ووجه العلماء دعوة إلى «أبناء اليمن حكاما ومحكومين للقيام بواجبهم في حراسة الشريعة ورفض مشروع تقنين منع الزواج قبل سن الثامنة عشرة، والعمل على عدم إقراره، وذلك من خلال البرقيات ورفع العرائض إلى الجهات المعنية، ومطالبة أعضاء مجلس النواب بالقيام بواجبهم الشرعي والوفاء بما عاهدوا الله عليه بالتمسك بكتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ورفض مثل هذا التقنين المخالف للشريعة الإسلامية، والعمل بمقتضى تقرير لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية بمجلس النواب الرافض لمنع وتجريم الزواج قبل سن الثامنة عشرة».

ويناقش مجلس النواب اليمني مشروع قانون لتحديد سن الزواج يقترح 18 عاما كسنّ قانونية لزواج الفتاة أو الفتى، ويجرم القانون من يخالف ذلك. وينص على عقوبات بالسجن والغرامة المالية، سواء للأب أو المأذون وكذلك الشهود وغيرهم ممن يتورطون في زواج الصغيرة، وذلك بعد أن تفشت ظاهرة زواج الصغيرات في المجتمع اليمني وأدت إلى نتائج صحية سلبية على المتزوجات، حيث يعاني اليمن من مشكلة وفيات الأمهات وبنسبة عالية.

ويقول النائب الإسلامي شوقي القاضي، المعروف بمساندته لتسنين سن الزواج، إنه «مع الأسف لم يتم التعاطي مع هذا الموضوع بطريقة علمية وموضوعية للخروج بما يحقق منفعة للمجتمع»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لقد تعاطى إخوتنا مع الأمر بطريقة عاطفية متأثرين بمنطقين، الأول منطق المؤامرة، الذي مع الأسف ينطلقون منه في تفسيرهم لكل ما يأتي من الآخرين، أما المنطق الثاني فهو أن المرأة ما زالت في رؤوسهم إنسانا متهما، وبالتالي - ومع كل الاحترام - فهم لا يقبلون أي تشريعات أو إجراءات تهتم بهذا الكائن وتطوره وتمكنه من حقوقه». وأردف النائب القاضي قائلا إن المعترضين على صدور مثل هذا القانون «جاهزون للتمترس في وضد كثير من القضايا، مثالا، التمكين السياسي للمرأة سيقفون ضده لأن فتواهم جاهزة».

وتشهد الساحة اليمنية داخل وخارج البرلمان انقساما حول تحديد سن للزواج من حيث المبدأ، ناهيك بجدل آخر في أوساط المطالبين بتحديد السن. فهناك من يقترح السن القانونية وهي 18 عاما، فيما يقترح آخرون أرقاما أخرى، 15 و17 عاما، غير أن الكثير من أنصار التيار الإسلامي المتشدد هم من يرفعون أصواتهم عالية لرفض إصدار تشريع من حيث المبدأ، وقد عبروا عن هذا الموقف داخل البرلمان وفي وسائل الإعلام وأخيرا في الشارع كما حدث أمس.

وردا على اعتصام أو مظاهرة النساء الإسلاميات، دعت اللجنة الوطنية للمرأة إلى اعتصام مماثل أمام البرلمان غدا، وذلك لمطالبة أعضاء مجلس النواب وحثهم على إقرار قانون يحدد سن الزواج، وهي إشارة توحي بأن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من التصعيد والجدل حول هذه القضية.

واكتشفت في الأعوام القليلة الماضية حالات كثيرة لتزويج صغيرات، بعضهن لجأن إلى القضاء وحصلن على أحكام بالطلاق، أمثال الطفلتين نجود وأروى وغيرهما. والأولى أصبحت من مشاهير العالم وكرمت رسميا في الولايات المتحدة وفرنسا.