صوف الباشمينا الكشميري يجذب المصممين الأجانب

ثمن الشال يصل إلى 14 ألف دولار

غطاء سرير من الباشمينا وشال من صوف الباشمينا وجاكيت من الباشمينا ذات تصميمات تقليدية
TT

وضع عدد من المصممين الأجانب تصميمات خاصة للشيلان القيمة والملابس الناعمة والمطرزة لمنتجات صوف الباشمينا الكشميري الغالي الثمن الذي يتمتع بشهرة عالمية لإضفاء شعور بالحداثة والجمال على هذه المنتجات التقليدية الهندية.

تم استخدام الأعمال الفنية الخاصة ببعض الفنانين العالميين - أمثال الرسام النرويجي إيريك كيلي أولسون والمصمم الأميركي ألكسندر كوري غيرارد والمهندس المعماري البريطاني ويليام موريس والأميركي روبرت كوشنر - في منتجات الباشمينا التي تحمل علامة «أندراب»، وهي علامة تجارية فاخرة لتصاميم الشيلان والأوشحة والسترات والمفارش والأغطية المصنوعة من الباشمينا. وتتمتع هذه التصاميم الفنية برواج كبير من قبل بعض الزبائن الدائمين أمثال الممثلات كاميرون دياز وهيلين هانت وسيدات الطبقات الغنية في الهند.

وتعتبر علامة «أندراب» التجارية من بنات أفكار ثلاثة إخوة من عائلة أندرابي في كمشير: مباشر ومذاكر ومظفر. ويوضح مباشر أندرابي: «أندراب هو واد في أفغانستان هاجر منه أجدادي إلى كشمير، ومنه حصلت على لقب عائلتي واسم العلامة التجارية الخاصة بنا».

تم استخدام تصاميم الزهور الخلابة الخاصة بالفنان الأميركي روبرت كوشنر بمهارة رائعة على الشيلان التي تتميز بالعراقة والإبداع في آن واحد. تتناقض الأرضية الرمادية للشيلان مع اللون الوردي الجميل واللون الأرجواني الخاص بزهور اللوتس النحيلة المتناثرة على القماش.

وتعتبر الأوشحة الموجودة في مستودعات متاجر أندراب في دلهي مستوحاة من أعمال ألكسندر كوري غيرارد، وهو فنان ومصمم أميركي يتردد على الهند بصورة مستمرة. وتعد تصميمات غيرارد بمثابة تفسير للرموز الدينية وإشارات الشوارع. يقول مباشر أندرابي: «نحن نطلق عليه تصميم الرموز، حيث تحتوي تلك التصميمات على ظلال وطبقات من التأثيرات الهندية. تمثل هذه الرموز مزيجا من الثقافة والدين والرموز الموجودة في شوارع الهند التي ربما شاهدها الفنان خلال إقامته في البلاد».

بينما تشتهر تصاميم المهندس المعماري البريطاني المعروف ويليام موريس باحتوائها - بصورة رئيسية على زهور الأقحوان - التي تعد واحدا من التصاميم المبكرة والأكثر شهرة لموريس.

يقول مباشر، الذي بدأ هذا النهج الجديد: «تتمثل المميزات الرئيسية التي نمتلكها في أعمال التطريز اليدوي النادرة، وبالطبع أفضل أنواع الباشمينا»، مضيفا: «نحن نرغب في نشر الوعي بين الناس فيما يتعلق بالباشمينا، وهو أفضل أنواع الكشمير الذي يتم نسجه وحياكته بصورة يدوية بالكامل فقط في المناطق التي تقع في أقصى شمال الهند. يعتبر الغزل الكشميري هشا للغاية لدرجة أنه لا يمكن وضعه على آلة النسيج».

تعتبر حرفة نسج الباشمينا مستلهمة من التصاميم المغولية للكروم والطيور والحمير الوحشية والجماجم التي يرجع تاريخها لقرون طويلة مضت.

تم العثور على بعض النصوص الكتابية التي يعود تاريخها للقرن الثالث قبل الميلاد والقرن الحادي عشر ميلادية في أفغانستان تتضمن إشارات إلى الشيلان الصوفية التي يتم صناعتها في كشمير. وعلى الرغم من ذلك، من المعتقد تاريخيا أن مبتكر الباشمينا هو زين العابدين، حاكم كمشير في القرن الخامس عشر الذي جلب النساجين من آسيا الوسطى. ولكن فترة ازدهار هذه الأقمشة جاءت أثناء حكم المغول. يتم صناعة غزل الباشمينا عن طريق التقاط الشعر الذي يطرحه الماعز الجبلي، الذي يستوطن المناطق المرتفعة للغاية من كشمير ونيبال والتبت. تصل أسعار منتجات الباشمينا إلى أرقام مرتفعة للغاية نظرا لأن الشعر الذي تطرحه عنزة واحدة يكفي لصناعة 100 غرام فقط من غزل الباشمينا. لذا فإن صناعة شال واحد تستلزم التقاط الشعر الذي تطرحه من 3 - 4 من الماعز. يستخدم الحرير في عملية حياكة هذا الغزل لإعطائه بعض المتانة والبريق. وفي البداية، اقتصر استخدام الباشمينا على أفراد العائلة المالكة، وهو ما لا يرجع فقط لغلو ثمنه وإنما أيضا لقلة إنتاجه.

يقول أحد الأخوة الثلاثة: «بدأت حياكة الباشمينا منذ نحو 600 عام تقريبا في كشمير، ومنذ ذلك الحين، اقتصر استخدامه على العائلات المالكة في الهند. كان الملوك الهنود يفضلون استخدام الباشمينا الفاخر في صناعة البطاطين وأغطية الفراش والأغطية والشيلان. تتميز كشمير بطريقة فريدة من نوعها لحياكة الباشمينا، حيث يتم القيام بكل خطوة في هذه العملية بصورة يدوية تماما منذ البداية وحتى النهاية».

يذكر أن جميع منتجات الأخوة الثلاثة يتم حياكتها وتطريزها باليد وباهتمام بالغ بحرفية وجودة المنتجات التي تحمل العلامة التجارية «أندراب» والمستوحاة من النماذج التقليدية التي يرجع تاريخها للقرن الخامس عشر، أي «عندما انتقل فن الحياكة والتطريز اليدوي من بلاد فارس إلى المناطق الشمالية من الهند. وفي وقت لاحق، ازدهرت هذه الصناعة في ولاية جامو وكشمير».

يزعم مباشر أن المواد التي تدخل في صناعة منتجات أندراب هي من أفضل أصواف الباشمينا التي تأتي من جبال الهيمالايا، مضيفا: «نحن لا نساوم على الجودة أبدا». يقوم الإخوة أندراب بتوظيف ما يزيد عن 150 حرفيا في كشمير، فضلا عن امتلاكهم لوحدة تصنيع أخرى متخصصة في أعمال التطريز.

تعتبر الباشمينا إحدى الكلمات التي تستخدم بصورة فضفاضة للغاية، فليس كل صوف الكشمير من الباشمينا، حيث إن الباشمينا هي أفضل أنواع الكشمير التي تصنع في ولاية كشمير الهندية. تعمل حكومتي جامو وكشمير على توثيق شعار خاص بهذه الأقمشة حتى يكون بمثابة معيار للجودة والأصالة. وتتم صناعة الباشمينا والكشمير من شعر الماعز الجبلي، ولكن أحد الفروق الجوهرية بين القماشين يتمثل في قطر النسيج، فنسيج الباشمينا أكثر دقة ونحافة من نسيج الكشمير، لذا فهو مثالي في صناعة الثياب خفيفة الوزن، مثل الأوشحة الخفيفة. وعلى الرغم من ذلك، يتم استخدام كلمة الباشمينا بصورة فضفاضة للغاية في الوقت الحالي، حيث يتم بيع الكثير من الأوشحة المصنوعة من أنسجة طبيعية أو صناعية تحت اسم الباشمينا، وهو ما يؤدي إلى حدوث حالة من الارتباك في الأسواق.

تقوم «أندراب» بتقديم المئات من المنتجات المصنوعة من الباشمينا والتي تأتي بألوان كثيرة مثل الأحمر والبني والرمادي والعاجي والأرجواني، فضلا عن بعض الأوشحة المطرزة بالكامل والتي تأتي بحواف رفيعة أو تصاميم نابضة بالألوان. يحتوي أحد الأوشحة عاجية اللون على رسومات تقليدية لحمار وحشي، بينما تحتوي أخرى على رسومات لأسد أو جمجمة.

ما زالت شيلان الباشمينا التقليدية تحتوي على رسومات مائلة لأشجار الكروم وأعمال التطريز وطيور ذات ألوان تقليدية، ولكن مباشر يريد إحداث نوع من التغيير على أنسجة الباشمينا الكشميرية التقليدية. فهو يستخدم نماذج ومخططات تطريز مختلفة، فضلا عن التغيير الذي أجراه على اتجاه الخيط في الأقمشة التقليدية، حيث غير مساره من الاتجاه الأفقي إلى الرأسي. وفي بعض الأحيان، يتم تطريز نصف الوشاح فقط بصورة رأسية، بينما يتم استخدام التصاميم الراجستانيه على الصوف في بعض الأعمال الأخرى. يأتي أحد الشيلان باللون الأصفر الفاتح (وهو لون غير تقليدي في أقمشة الباشمينا) بينما يتم تطريزه باستخدام رسومات البقر، والتي تعتبر رسومات كشميرية تقليدية.

وعلى الرغم من أن المزج بين الأساليب والتصاميم هو ما يعطي ميزة تفضيلية واضحة لمنتجات أندراب على سائر العاملين الرئيسيين في هذا السوق، فإن المنتجات الفنية البسيطة هي أكثر ما يقبل الزبائن الغربيون على شرائه، حيث تحظى منتجات أندراب من الشيلان والأوشحة ذات التطريز البسيط والألوان العصرية التي تواكب الموضة بشعبية كبيرة للغاية بين هؤلاء المشترين.

تتراوح أسعار مفارش السرير التي تحمل علامة أندراب بين 3750 دولارا و7400 دولار، فهناك مفرش سرير بني اللون مصنوع من الباشمينا والحرير ويحمل أحد تصاميم الفنان ويليام موريس لزهور أقحوان حمراء وبيضاء وصفراء وخضراء، إلى جانب مفرش آخر يصل سعره إلى 6400 دولار الذي يجمع بين اللونين الرمادي والأزرق وتم تطريزه عن طريق تصميم مستمد من قطعة قماش تنتمي في الأصل إلى الإمبراطور تيبو سلطان.

تبدأ أسعار أوشحة أندراب المصنوعة يدويا من الباشمينا من 120 دولارا، وهناك مجموعة أساسية من الأوشحة السادة أو المقلمة أو المزركشة التي تتراوح أسعارها بين 200 و230 دولارا، بينما تبدأ أسعار الشيلان الجاكار المصنوعة يدويا من غزول الباشمينا من 300 روبية.

انسوا تلك المنتجات المقلدة آليا، فـ«أندراب» تطرح منتجات باهظة الثمن بالفعل، مثل هذا الشال المصنوع من الباشمينا الذي يباع نظير 14000 دولار، حيث إنه يحاكي أحد تصاميم الجاما القديمة التي تعود لـ600 عام في لوحة جديدة تحتوي على ألوان مبهرة مثل الأخضر والأزرق والأصفر والوردي.

يقر مباشر بصعوبة العثور على نساجين مميزين هذه الأيام، حيث إن معظم الحرفيين لا يريدون العمل لأشهر طويلة لإخراج منتج واحد، مضيفا: «هناك قصة خاصة وراء كل شال منسوج يدويا، حيث إن كل قطعة تظل عند النساج وعائلته لأكثر من عام كامل، ويتم التعامل معها مثل أطفالهم تقريبا. تنبض الأقمشة المنسوجة يدويا بالمشاعر والدفء، وهو ما تعجز الآلات عن عمله».

تقوم «أندراب» بإعادة إنتاج بعض التصاميم القديمة مثل تلك التصاميم التي تأتي على طراز بالامبور - وهي مدينة هندية في ولاية هيماشال براديش التي تقع على جبال الهيمالايا والتي تشتهر برسوماتها - والتي يتم تطريزها بأعمال المهندس المعماري البريطاني الشهير ويليام موريس.